قراءة  في رواية  “أطياف “للكاتبة  الفلسطينية :وفاء شاهر داري…  د.  نجلاء  نصير 

شارك مع أصدقائك

Loading

بين  الذاكرة  والمقاومة  قراءة  في رواية  “أطياف “للكاتبة  الفلسطينية :وفاء شاهر داري

د.  نجلاء  نصير

تمثل رواية “أطياف” للكاتبة وفاء شاهر داري نصًا سرديًا متقن البناء، يتقاطع فيه الهم الشخصي  بالهم الوطني، ويجعل من الحكاية الفلسطينية مرآة عميقة لوجع الإنسان والأنثى والذاكرة. تتجلى في الرواية عناصر الفن الروائي بوضوح: من شخصيات نابضة، ولغة شاعرية، وحبكة متشظية تعيد تشكيل الزمن والمكان، وتطرح أسئلة تتجاوز النص إلى الواقع. وفي هذا الإطار، تأتي هذه الدراسة لتحليل العمل نقديًا من جوانب متعددة، تشمل العنوان، الحبكة، الشخصيات، المكان، الزمان، الرمزية، والنهاية.

والعنوان يحمل   دلالات رمزية ووجدانية، تعكس مضمون الرواية بعمق
“أطياف” جمع “طيف”، وهو أثر الشيء بعد رحيله، أو حضور غائب لا يُلمس
يشير إلى الحضور الغائب، سواء في العلاقات العائلية أو في الوطن المغتصب
– العنوان يلخص فلسفة الرواية: كل ما مضى لا يموت، بل يتحول إلى طيف يرافقنا

ثانيا: الشخصيات

أطياف: تمثل المرأة الفلسطينية المثقفة المقاومة، تمر بتحولات من الحب إلى الحداد.
صافي: رمز الشهيد والمناضل، حضوره ثابت في الذاكرة رغم الغياب.
الأبناء (ورد – نجم – زهرة): يمثلون أجيالًا فلسطينية متباينة بين التقدير والجفاء..
مي الكرمي: صديقة بطلتنا، تمثل الوطن الغائب.
عاصم السعدي: مثقف مقاوم ورفيق مشروع الأرشفة.

ثالثا: الحبكة

تُبنى حبكة الرواية على نظام السرد غير الخطي، حيث تتشابك الأزمنة وتتداخل الذكريات بالحاضر، فيما يشبه المونولوج الداخلي الممتد لبطلة الرواية أطياف. الحبكة تبدأ برسالة غامضة تستلمها البطلة، فتكون بمثابة الشرارة التي تُعيد فتح صناديق الذاكرة، وتنطلق عبرها أحداث الرواية في دوائر متشابكة من الاسترجاع الزمني، والتقاطع بين الهمّ الشخصي والوطني.

تنقسم بنية السرد إلى عدة محاور
-المحور الشخصي: علاقة أطياف بزوجها الراحل صافي، وأبنائها الذين خذلوها

–المحور الوطني: سرد لتاريخ التهجير والقرى الفلسطينية من خلال مشروع الأرشفة مع عاصم
-المحور الاجتماعي: تصوير لواقع المرأة الفلسطينية، وصراعاتها مع الأعراف والعائلة
-المحور الثقافي: مقاومة النسيان بالكتابة، وتأريخ الفقد عبر الصحافة

الحبكة لا تتبع التسلسل الكرونولوجي  للأحداث،، بل تُبنى على الانفعالات والذاكرة والحلم، ما يجعل القارئ يعايش الرواية أكثر من تتبعها. تُظهر الحبكة هشاشة العلاقة بين الفرد والمكان والزمن، وتطرح تساؤلات كبرى عن الحب، المقاومة، الفقد، والهوية.

كما تتعمد الكاتبة أن تكون نهاية السردية مفتوحة، بما يعكس استمرار المعاناة، واستحالة الوصول إلى  الخلاص الحقيقي من أوجاع  الفقد  والألم   في واقع الاحتلال والشتات

ومن ثم فالحبكة غير خطيّة وتعتمد أسلوب السرد المتشظي
– حيث تبدأ برسالة غامضة وتعود بالماضي عبر الذكريات
-تتنوع بين محاور عاطفية ووطنية ومقاومية
-الحبكة نفسية وجدانية أكثر منها تقليدية

رابعًا الزمان

-الزمن غير خطي، يعتمد على الذاكرة
-تتقاطع فيه لحظات النكبة، الاعتقالات، الفقد
-يستخدم الزمن النفسي لتشكيل الأحداث

خامسًا :المكان

-القدس: المركز الروحي والسياسي
-لفتا: رمز العودة الحلمية
-بيرزيت، النجاح، المنافي: محطات تكوين وهوية
-البيت: فضاء وجع وصبر

سادسا النهاية

-النهاية مفتوحة،  تحمل  مرارة  الواقع
-أطياف ترحل، وورد يندم متأخرًا
– جاءت النهايةكسؤال

من يكتب الذاكرة بعد رحيل شهودها؟

ومجمل  القول  إنَّ:

رواية “أطياف” رواية نسوية وطنية، تجمع بين السيرة الذاتية والذاكرة الجمعية
لغة شعرية، سرد مقاوم تكتب الوجع الفلسطيني بصوت أنثوي صادق بمثابة  صرخة في  وجه  الظلم  والظلام.

التحليل السيميائي للعنوان

يحمل عنوان الرواية “أطياف” ثقلًا دلاليًا وسيميائيًا متشابكًا، ينفتح على أكثر من تأويل:
– “الطيف” في اللغة هو خيال الشيء الذي لا يُمس، ما يدل على الغياب، الحنين، أو حتى الشبح.
– سيميائيًا، يشير إلى الحضور الغائب، وإلى بقايا أمل أو حزن أو حب لم ينتهِ.
– في السياق الفلسطيني، يرمز العنوان إلى القرى التي هُجّرت، إلى الراحلين، إلى الأحلام المنكوبة، وإلى الذاكرة التي ترفض أن تُمحى.
– الطيف قد يكون صورة الحبيب (صافي)، وقد يكون صورة الوطن (لفتا، القدس)، أو صورة الذات المتأرجحة بين الصمود والانهيار.

الرمزية في الرواية

تتعدد الرموز في الرواية وتتشابك ضمن نسيج سردي كثيف:

– **صافي**: يرمز إلى الوطن، إلى الحبيب الغائب، إلى المناضل الذي يُفقد وتبقى ذكراه تُقاوم.
– **الرسائل الغامضة**: ترمز إلى الحنين، وإلى محاولة استدعاء الذاكرة.
– **البيت**: رمز للحماية وللذاكرة والوجع معًا.
– **لفتا**: القرية المسلوبة التي تمثل الوطن المسلوب.
– **ميّ الكرمي**: تمثل الصديقة/الظل، الحضور الفلسطيني الذي يُعتقل فجأة.
– **عاصم**: يمثل المثقف المقاوم، والذاكرة الجمعية المهددة بالضياع.
– **الكتابة**: أداة المقاومة ضد التلاشي.
– **الشرفة والحديقة**: ترمز للحياة التي تصر أن تزهر رغم الجفاف.
– **المفتاح**: إشارة إلى حلم العودة، المفتاح الذي يحمله والد صافي كرمز أصيل للمكان المغتصب.

 

شارك مع أصدقائك