وديع سعادة
حياة
تمتدُّ إليَّ يدها
باحثةً في أحشائي
عن مدينة
وأنا ولدٌ أرعن، راكبٌ درَّاجة
يهرِّب زنزاناته في الليل
يمشي مخمورًا
حاملاً رجلاً مجنونًا منذ الصباح على ذراعه
ذاهبًا نحو مصحّ
محتفظًا من كل ماضيه بـ: أحشاء
ومفتاح
لا يجد له بيتًا،
الرحلةُ وضعتْه هنا
لينظر إلى الشجر
ولتسقطَ منها ورقتان
على كتفه.
البواخر راسية في الميناء
البواخر راسية في الميناء
لاعبو ورق، نشارة خشب، أمواج
وقططٌ صغيرة تنظر إلى الحمَّالين
نوعٌ نادر من الارتعاشات يقف في هذا الشارع
في الصباح مثلاً، حين تمرُّ الصنارات في اتجاه البحر، تبدأ المعامل في العواء
ترتدي النساء ثيابهنّ
ورجال الأعمال
الذين تركوا الشارع محمرًّا وراءهم
يبتسمون لسمكة كبيرة نائمة على الفرْش
الهواء يهبُّ الآن
أمرٌ غريب!
ربما في الملجأ السرِّي، هنا، حيث يستلقي كلبٌ على الباب
رأينا ذلك الرجل يلعب دورَ التلَّة
التي تنظر إلى البحر
أمام البواخر
أمام البستان الجميل.
أعتقد أن المروحة تدور يا ألن غينسبرغ
إسمعْ يا ألن
أنا على الرصيف وقد نفد تبغي
أفتحُ عينيَّ وأغمضهما
وأحيانًا أستعيد تلك الليلة حين مسحنا اللعاب عن أفواه الأموات
ثم نزلنا السلّم معًا
وتمشينا على البحر
المروحة تدور الآن
وأحبّ أن أعتقد الهواء سنونوة لطيفة وأنا أسند نفسي على الزواية مراقبًا تنمُّلَ ركبتيَّ
المروحة تدور الآن في رأسي يا ألن
وفمي الذي يشبه كشك جرائد
يتحلَّى بالصمت
بضعُ أسنانٍ ماتت فيه كما يموت الحيوان
وحدث أني في أحد الأيام
اكتشفتُ الصبر تحت شجرة
وتحدَّثت عن الروح في عربة بسيطة
ونحن نسير بمحاذاة النهر
الدخانُ يا ألن
الدخان، ورنَّاتٌ جميلة!
وفي الجهة الأخرى، على الشاطئ
الرملُ يقف وحده
وأحيانًا تُخرج له الأسماكُ حجرًا
ليجلس عليه،
هل هذا منظرٌ لائق؟
في يدي يومٌ قتيل
وأريد أن أدفنه بهدوء.
نقطة بعيدة
ملحٌ قليل ينام
في يدي التي أستمتع بصمتها الدائم
ملح
كأنَّ يدي كانت في الماضي بحرًا
ورأسي
الموجود معي الآن
يمشّط شعره في قارَّة بعيدة
أحلام
بعد منتصف الليل
في قرية
عابرٌ في شارع بسيط
فيه دكَّان
ونقطة بعيدة
أعتقد أنها مقعد.
ظله
ينحدر ظلُّه مع سيل طويل
متدفقًا من قرى بعيدة
يفكّر في جذع شجرة ربما
أو صيّاد سمكٍ نهريّ
يوقف تقدُّمه المجنون نحو محبة فقدتْ رأسها
اليومَ أيضًا،
يتدفَّق بعيدًا
ناظرًا صوب حياته مثل حريق
شبَّ فجأةً في نزهة،
وينحدر ظلُّه
يوقظ بضعَ نسائم على التلَّة
وينحدر
في قرية مجهولة
قرية مجهولة تمامًا
لا يشعر بها سكَّانها حتى باللمس.