حوار مع الأديب الأردني  محمد عارف مشّه

شارك مع أصدقائك

Loading

    

حاوره 

أحمد طايل

.. أنا من المؤمنين تماما أن علينا أن نتقارب مع الثقافات المحيطة بنا، إذا أردنا التعرف على الشعوب فهى المفتاح الرئيسي لهذا، ومن هنا كان عشقي واهتمامي بعالم الحوار، الحوار تساؤلات والتساؤلات معرفه، والمعرفة تفتح باب التفكير وإعمال العقل، وتوثيق العلاقات وإيجاد نوعا من الألفة الفكرية والأدبية وقبل هذا وذاك الألفة الإنسانية، ومن هنا كان حوارى مع الأديب الأردني

***(( وبمزيد من الشفافية أقول : عشتُ في مخيم الشتات الفلسطيني طفولتي وفترة طويلة من حياتي ، هذا المخيم ، والذي قد لا يعرف الكثيرون عمّا عاشه ويعيشه الفلسطيني في مخيمات الشتات . فقد تعلمت في خيمة في مخيم الشتات . وعشت في خيمة في مخيم الشتات ، فكانت بدايات القهر والجوع والمرض والبرد والأمطار التي تجرف الخيمة وكل ما فيها . كلها كانت جزءا من أجزاء المكوّن الإنساني في فسفسائية اللوحة الإبداعية والأدبية )) .

***(( أماكن كثيرة كان لها كبير الأثر منها على سبيل المثال لا الحصر ، الخيمة . مخيم الشتات . البادية الشمالية الأردنية ، إمارة العلا في المملكة العربية السعودية ، فيما كانت تعرف بقرية العلا منذ ما يقرب من خمسين عاما …….)) .

*** (( في قلب كل أردني بطين أيمن وبطين أيسر ، هما الأردن وفلسطين ))

 

*** (( الانحياز للفقراء والمقهورين في هذا العالم ، هو ضرورة من ضروريات الإبداع الفكري والسياسي والثقافي ، على مساحة الوطن العربي من المحيط إلى الخليج العربي . ))

*** (( … مجموعة شبابيك في القصة القصيرة جدا ، شملت حقبة عمرية لمدة ثلاثين عاما ، من نماذج تطور وكتابة القصة القصيرة جداً لدي… )).

*** (( شارع سقف السيل هي آخر ما أصدرتُ  لهذه اللحظة في القصة القصيرة ، فيها من التطور والبناء القصصي الجديد ، وفنية كتابة القصة ، ولا تخلو من التجريب و….. ))

*** (( المجلس الأعلى للثقافة والفنون محليا وعربيا ، هو واحد من الحلول التي يمكن أن تساهم في أزمة الثقافة العربية وتحديد وجهتها ……… )) .

* إذا أردنا التجول بين أروقتك الإنسانية والمهنية والإبداعية ، بما ستطلعنا عليها ؟

محمد عارف مشّه مواطن عربي ، يحمل ما يحمله المواطن العربي من المحيط إلى الخليج ، بكل ما يحمله هذا الإنسان من تبعات اقتصادية واجتماعية وفكرية ، وما يعانيه هذا الإنسان العربي من حروب ومشكلات سياسية أو استعمارية ، ففلسطين لا زالت محتلة ومستعمرة من الكيان الصهيوني ، ولا زال الإنسان الفلسطيني يعاني في وطنه قلّ مثيله في العالم ـ إن لم نقل أن فلسطين هي الوحيدة المستعمرة والمحتلة من بقاع العالم من الكيان الصهيوني .

كذلك في سوريا الشقيقة وما يعانيه المواطن السوري من حروب ودمار وفقر وجوع ومرض وغيره ، وبغض النظر عن سبب هذه الحروب ، فالحرب حقيرة مهما كانت أسبابها ، الحرب موت وقتل ودمار وجوع وقهر . كذلك في اليمن ، وفي السودان ، والقتل في العراق وليبيا ، والكوارث الطبيعية وغير الطبيعية ، تجدني منحازا للإنسان العربي أينما كان بشكل خاص ، وللإنسان بشمولية الإنسان في العالم .

عمل محمد عارف مشّه في مهن متعددة ، عمل في مهنة التعليم ، وعمل في التجارة ، وكان صاحب مؤسسة دعاية وإعلان ، لكن الأدب لم يفارقه طول حياته ، منذ أن كان يافعا إلى هذه اللحظة ، كانت المهن التي عمل فيها في أغلب الأحيان ، دافعة له للالتصاق في الأدب والكتابة أكثر . خاصة عندما عمل في بعض السنوات في الصحافة كمحرر أدبي وثقافي ، أو كان معدّا للبرامج الثقافي في الإذاعة والتلفزيون . ظلّ القلم رفيق دربه .

المراحل الإبداعية تراكمية إبداعية لا يمكن الفصل بينها بحد فاصل ، فقد كنت معلما حين كان التعليم ضرورة ، وكان الاحتكاك بالطلبة دور أساسي ، ولربما في البدايات كتبت القصة ، وبداياتي كانت القصة منذ عام 1983 في أول إصدار ، في مجموعة قصصية بعنوان ( حبك قدري ) ، لكنها لم تحدد ملامح محمد عارف مشّه الأدبية بوضوح ، كونها كانت تتنازعها مشاعر إنسان يافع يؤمن بالحب وبالمرأة والوطن . أي باختصار كان عاشقا ، وانتقلت للصحافة الورقية ، ثم كتابة الدراما الإذاعية والتلفزيونية وإعداد البرامج ، ثم العودة للصحافة … مجالات مهنية كثيرة ومتعددة أدبيا وفكريا مرتبطة بالتطور العقلي والعمر الزمني عند محمد عارف مشّه .

* مؤكد المناخ الأسرى وأماكن النشأة لها تأثيرات قوية عليك إنسانيا وبدايات التكوين الفكري لك؟

نعم صحيح فالأسرة في العادة بداية التكوين الجسدي والفكري عند الإنسان ، لكن ليس بالضرورة أن يستمر المكون الأسري عند الإنسان طول حياته . إذ تتراكم مجموعة من العوامل التي تضفي جواً عاما على المشهد الثقافي والحياتي عند الإنسان . فعندما يعيش الإنسان في أسرة مستقرة ، بالتأكيد سيكون إنسانا مستقرا نفسيا وعاطفيا وعقليا . كذلك حين يعيش وسط أسرة مثقفة وجميع أفرادها أو أغلبهم يهتمون بالثقافة وعلى الأخص لوالدين ، سيكون الطفل محبا للقراءة وسينشأ مثقفا بحكم بيئته على الأغلب .

وإذا أردنا الاقتراب أكثر ، وبمزيد من الشفافية أقول : عشتُ في مخيم الشتات الفلسطيني طفولتي وفترة طويلة من حياتي ، هذا المخيم ، والذي قد لا يعرف الكثيرون عمّا عاشه ويعيشه الفلسطيني في مخيمات الشتات . فقد تعلمت في خيمة في مخيم الشتات . وعشت في خيمة في مخيم الشتات ، فكانت بدايات القهر والجوع والمرض والبرد والأمطار التي تجرف الخيمة وكل ما فيها . كلها كانت جزءا من أجزاء المكوّن الإنساني في فسفسائية اللوحة الإبداعية والأدبية عند محمد عارف مشّه .

* العتبات التعليمية بشمولها للأنشطة الثقافية والفنية دور هام في تنمية المهارات، حدثنا عن هذا الدور، وما هي العتبة التعليمية التي كانت بلورة لإبداعكم؟

العتبات التعليمية يشترك فيها كل البشر من حيث المراحل التعليمية . لكن بعد انتقالي من مرحلة التعليم في الخيمة ومخيم الشتات ، وما حفرته الأيام في الذاكرة . انتقلت طفلا أيضا أنا وأسرتي إلى المملكة العربية السعودية ، وأقمنا في قرية صغيرة آنذاك كان اسمها قرية العلا ، وأصبحت ألان إمارة العلا . تلك القرية التي تقع على 1اطراف الصحراء . تنتشر فيها الأفاعي والعقارب ، المحاطة بالرمال والجبال العالية والبيوت الطينية الواطئة والمسقوفة بالخشب ، تلك القرية التي تميز أهلها بالطيبة والبساطة وأشجار النخيل ومدائن صالح . كانت بداية مرحلة مؤسسة لحالة الإبداع أيضا عند الطفل محمد عارف مشه ، وطلاب المدرسة في المرحلة الابتدائية أسست لي صداقات لا زالت لغاية ألان منذ ما يقترب من نصف قرن ، ولغاية . وعدت لها زائرا فوجدتها الإمارة المتطورة في كافة أوجه النشاط الثقافي والاقتصادي والحضاري ، وما عدت زائرا لها ، تراكضت مهرولا لزيارة المدرسة التي كنت فيها طفلا . فتفجرت الذكريات لما كتبت .

عدتُ لمخيم الشتات وأكملت تعليمي إلى أن وصلت للمرحلة الجامعية ، وعملت بعدها في مجال التعليم ، لأعود مرة أخرى للعمل في المملكة العربية السعودية معلما في إحدى القرى الأخرى في الجنوب السعودي .

* متى اكتشفت أن بداخلك نداء لخوض عالم الكتابة؟

هل نقول أن الكتابة مرض كامن داخل جسد الكاتب ، يؤلمه أحيانا في البدايات ، وسرعان ما تزول أعراض المرض والامه ؟ لكن هذا المرض الأدبي يظل ساكنا أحيانا كثيرة ، إلى أن تزداد أعراضه والامه ، فيتظهر الحقيقة التي لا مناص منها ويصعب علاجه والتراجع عن حرفة الأدب والكتابة .

لا أذكر حقيقة متى كان هذا النداء الخفي أو المرض الساكن . لكن كانت بداية ظهور هذا الداء وصعوبة العلاج ، والعودة إلى الشفاء من حالة الكتابة والأرق ، كانت بداية عام 1982 ، وقت الاجتياح الكيان الصهيوني لجنوب لبنان . وكانت أول قصة نشرت لي في صحيفة الدستور الأردنية ، لأول مرة بعنوان حلما بانتصار ، فوجدت صدى إيجابيا محفزا للكتابة .

 

* كتابتك الأولى، ماذا كانت؟ ومن أول قارئ لها ، وماذا عن رد الفعل لك ولمن قرأ ؟

بعد أن تم نشر قصتي الأولى في صحيفة الدستور الأردنية ، ولقيت صدى جيدا ، وجدت صدى أيضا عند صاحب إحدى المطابع الأردنية في عمان ، والدعوة لي بطباعة المجموعة القصصية الأولى ، فكانت المجموعة فتاة عذراء بكرى عجوزا ، ربما لم تكن البنت مؤهلة للزواج ، وربما كانت المجموعة القصصية الأولى كانت كذلك ، فلم تجد الترحيب الكامل ، ولم تجد الرفض المطلق ، ما أدى إلى التفكير ثانية والذهاب إلى العلاج من مرض الكتابة ، لمدة اقتربت من الخمس سنوات . لم أكتب فيها قصة واحدة . بل عملت محررا ثقافيا في إحدى المجلات الثقافية ، مما كانت حافزا وأتاحت لي فرصة المزيد من القراءة وتثقيف العقل والإدراك في كافة الصنوف الإبداعية والفلسفية والتاريخ وعلم الاجتماع وعلم النفس وغيرها .

* ماذا عن قراءاتك الأولى؟ وهل إلى الآن ينتابك الحنين لمعاودة قراءاتها مرات أخرى ؟

في البدايات تكون القراءات شمولية ، أكثر من اقترابها للتخصص ، سواء كان من حيث الصنف والنوع ، أو لمن تقرأ من الأسماء ، تبقى ضمن المتاح والمتوفر على الأغلب من الأصدقاء ، أو المكتبات العامة ، أو بسطات الكتب على ندرتها ، وذلك لعدم توفر الانترنت كما هو ألان ، ويمكنك على ( فلاشة صغيرة ) تخزّن العديد من الكتب ، يمكنك العودة لها وقت تشاء . إضافة إلى أن العديد من الكتب كانت تتعرض للمصادرة أو المنع . لذلك كنّا أحيانا نلجأ للمجلات والصحف المتاحة محليا وعربيا .

حاولت في البداية بل كنت شموليا من حيث القراءة والإبداع  والأشخاص ، وكنت أقف على مسافة واحدة من صنوف الإبداع والأفكار إلى أن بدأت تتشكل ملامحي الفكرية والعقلية والإبداعية ، وبداية الرضى عن النفس والتصالح معها عقليا وإبداعيا .

* هل كان لنوادي الأدب  دورا أساسيا بمسارك الإبداعي ؟

ربما لم تكن النوادي والروابط الثقافية وغيرها من المؤسسات الثقافية التي تعنى بالشأن الثقافي منتشرة قديما . سواء الحكومية منها أو الخاصة ، وأعني طبعا بالثمانينات والتسعينات من القرن الماضي ، على ما هي عليه ألان ، مما جعلها محدودة التأثير على أدب الشباب والمبتدئين ، حيث كان يحوز على هذه المنتديات والروابط الأدباء الكبار ، ومن الصعب على الأديب الشاب أن يجد منبرا ثقافيا ، أو موجها ثقافيا جادّا للأدب الشاب . على اختلاف في مطلع القرن الحالي ، حيث انتشرت المؤسسات والروابط الثقافية الداعمة للحركة الشبابية وللكبار ، ولم يعد أحد يجد صعوبة في إيجاد منبر ثقافي يدعمه ويقدم له المشورة .

لا . في البدايات كما قلت لم يكن للروابط والأندية أي دور يذكر في حياتي ، إلا بعد أن اشتُهر اسمي فصرتُ عضوا في رابطة الكُتاب الأردنيين والاتحاد العام للأدباء والكُتاب العرب ، ثم قمتُ بتأسيس نادي ثقافي يهتم بأدب الشباب في الأردن ، برفقة عدد من الأدباء الشباب وممن سبقونا في المجال الإبداعي ، بدعم من وزارة الثقافة الأردنية .

* ما هي طقوسك حال الكتابة ؟

لا توجد طقوس على وجه التحديد في حالة الكتابة ، بل أُعنى بالذي يقودني لحالة الكتابة أصلا . يهمني الهدوء غي الدرجة الأولى ، فأي كاتب أو مبدع يحتاج للهدوء من أجل إبراز حالته الإبداعية على الوجه الذي يريده المبدع . لكني لست من دعاة فنجان القهوة والتكييف وعلبة السجائر والستائر الحمراء المسدلة . تكفيني لحظات هدوء كي أبدأ ، ولحظات هدوء حتى أنتهي . فقط أحلام بسيطة بل حلم واحد أريده وقت الكتابة ، تسبقه جالة مستقرة مستفزة . نعم تستفزني كي أكتب ، وأستقر كي أفهم ما أكتب ، وبمعنى آخر أعي ما أقول ، وأقول ما أعني .

* ما الذى ممكن أن يستفزك ويجعلك تهرول للكتابة ؟

بكاء طفل . دمعة شيخ . قهر امرأة . تعب رجل يكد على رزق أطفاله . فقير ومحتاج . هموم وطني . هموم الانسان . انحيازي للإنسان المقهور والطفل المقموع والمرأة الصابرة المرابطة في فلسطين . للمرأة العاملة في المصنع والشركة والبيت .

الاستعمار . الاحتلال . الانسان المضطهد والمظلوم والمقهور . القتل . الدم . الحروب . الدمار . الموت المجاني … هل بقي شيء في الحياة لا يستفزني كي أكتب ؟ .

* كتبت العديد من الأجناس الأدبية، أيهما أقرب إليك؟

لن أكرر مقولة أصبحت باهتة وهي ـ كلهم أولادي ولا أفرق بين أحد منهم ـ في مجال الأدب نعم أفرق بينهم . فابني البكر هو القصة القصيرة ، والابن المدلل القصة القصيرة جدا . وما بينهما جاء أولاد في حالة انشغالي بالقصة والقصة القصيرة جدا ، فكانت الرواية ، وكانت قصيدة النثر ، والدراما التلفزيونية قليلا .

أستطيع التأكيد على أني من رواد كتابة القصة القصيرة جدا منذ عام 1983 ـ 1984 . وإن لم تكن بهذا الاسم أو المصطلح عليه ألان من شروط وخصائص وأركان وعناصر القصة القصيرة جدا . إلا أنه وفيما قبل التسعينات بدأت تظهر ملامح القصة القصيرة جدا ، حيث نشرتُ في مجلة اليقظة الكويتية بين عامي 88 و 89 عددا من القصص تحت اسم قصص قصيرة جدا . إلى أن اصبحت القصة القصيرة جدا لا تتجاوز الثلاثة أسطر ومكتملة القصة القصيرة جدا بعناصرها ، وأصبح هذا النوع أو الخاصية رياديتي بها من حيث النشأة والتطور أردنيا وأعتقد عربيا ، من حيث عدد كلمات القصة وجملها ، واكتمال عناصر القصة فيها .

* إذا أردنا تحليلا منكم لحال النقد بالوقت الراهن، ماذا تقول؟

ثّمة علاقة جدلية واضحة ، منذ الإبداع الأول والنقد الأول ، في أيهم يسبق الاخر الإبداع أم النقد ؟ ثم هل أن الإبداع يتخذ الجانب التنظيري فقط ، أم يأخذ الجانب الموجّه للإبداع ويساهم في خلقه في بدايات ولادة صنف من صنوف الإبداع ، أم من الأفضل انتظار الصنف الجديد حتى يشب وينضج ؟ . لنأخذ مثلا القصة القصيرة جدا والتي تمتد جذورها عالميا منذ القرن الثامن عشر ، وإن كانت سيرة ابن هشام وألف ليلة وليلة وكليلة ودمنة والأصفهاني وغيرهم قد سبق الأدب العربي في الحضارة العربية الإسلامية في شكل من أشكال القصة القصيرة جدا .

وفي العصر الحديث بدأت تظهر القصة القصيرة جدا عربيا على وجه العموم ، بعد عام 1950 م ، من حيث عدد الكلمات والنمط القصصي في كثير من الحالات ، ثم بدأت القصة القصيرة جدا تقل في عدد كلماتها وجملها ، إلى أن أصبحت بضعة أسطر قليلة لا تتجاوز الثلاثة أو الأربعة أسطر ، وبدأت تأخذ أشكالا متعدة وصغرا في الحجم ، فاستسهل البعض كتابة هذا النوع من الأدب ـ وهو الابن الشرعي للقصة ـ . مما أدى لاختلاط الحابل بالنابل في كثير من الأحيان نتيجة غياب النقد ووضع الأسس والعناصر الواضحة ، وإيجاد الفرق الواضح بينها وبين الخاطرة ، أو الهايكو ، أو الومضة والشذرات والتوقيعات وغيرها من المسميات . هناك لا زال نقص أو عدم تكاملية ما بين القصة القصيرة جدا والنقد ، الأمر الذي أدّى لشتات المر .

* رؤيتك للواقع الثقافي المعاش أردنيا، عربيا، عالميا ؟

في عصر العولمة والانفتاح على نوافذ العالم من خلال عصر الإنترنت ، أصبح من الصعب أن نسمي هذا أو ذاك بارتباطه بالمكان الجغرافي ، خاصة وأن الثقافة الإنسانية ومصادرها أصبحت متعددة ، ما أدى إلى تنوع المشارب الثقافية وتنوعها من حيث الأفكار والشكل الإبداعي سواء كان أردنيا أو عربيا وعالميا . فالأمر لم يعد محصورا في المكان الجغرافي ، خاصة لم تعد الثقافة تعني الكتابة والرسوم والفنون الأدائية وغيرها . بل صارت تأخذ في شموليتها معنى الحياة ، أو بمعنى أدق سلوك الفرد المؤثر والمتأثر بسلوك المجتمع في المكان الضيق إلى المكان الأوسع . فنجد كثيرا من الأفكار السلبية الغربية بدأت تهدد وتغزو الأفكار والقيم في المجتمعات العربية والإسلامية ، وصار من المحتم على الثقافة العربية الوقوف اما هذه الهجمة الغربية الشرسة عالميا ، مما أصبحت تهدد ثقافة الإنسان عالميا وليس عربيا فقط .

أما عن المستوى الإبداعي فإننا لا نجد أي فرق بين دولة عربية وأخرى ، إلا في الحد القليل بين عدد الكتب المنشورة ، أو معرض الكتاب وغيرهم . ولكن للأسف حتى هذه بدأت تتراجع عربيا بسبب ظروف بعض الدول العربية سياسيا ، في الوقت التي كانت تلك العواصم شعلة للثقافة العربية ، كما وأن الحروب المشتعلى عالميا ـ الحرب الروسية الاوكرانية ـ وانقسامات العالم لهذا التيار أو ذاك ، والتهديد الاقتصادي والعسكري ، بات يهدد بحرب عالمية ثالثة ، ما سيؤدي إلى تراجع ثقافي واضح عربيا وعالميا ، إلى وقت ليس بالقليل .

* بماذا تحلم إنسانيا وفكريا وابداعيا ؟ وما مدى الحلم لديك؟

الحلم . إن فُقد الحلم فُقدت الحياة ، وأصبحت حياة الإنسان مثل الحيوان بل أضل سبيلا . فما يفرق الإنسان عن بقية المخلوقات هو الحلم . والحلم لا يعني الأماني بل تحويل الأمنيات غلى شكل ما من أشكال الواقع المعاش ، وتحويل

النظري إلى تطبيق معاشي . فحلم الانسان بالسلام سيلغي مفهوم الحروب والقتل والدمار . والحلم بالحب سيلغي فكرة الاستغلال وقهر الانسان لأخيه الانسان واستعماره وسرقة ثرواته . كما وأن الحلم بالرخاء والرفاهية يبدأ بالصناعات وتطويرها ، والعمل على إيجاد كل ما من شأنه أن يعمل على رفاهية الانسان . وحلم طفل بلا حذاء يشعر بالبرد . وحلم أن التقليل من الكوارث الطبيعية هو العمل على التقليل من ملوثات المناخ ، وما سيحدث ألان وسيحدث من عواقب الكوارث الطبيعية عالميا مناخيا .

الحلم لديّ تحرير العالم من العبودية وسياسة القطب الواحد ، وأن يعم السلام العالمي لكل البشر . وعربيا أن يعم السلام والرخاء والاستقرار والأمن والامان في بلدي الحبيب الأردن ، وفي كل الأقطار العربية من المحيط إلى الخليج ، وأن يعم السلام بدل الحروب في الأقطار العربية التي نرى فيها الخلافات السياسية والاقتتال بين الاخ وأخيه والدم واحد . وأن تعود فلسطين محررة .

على المستوى أتمنى لي ولأفراد أسرتي وأحبتي وللقراء الأعزاء كل ما يتمنونه ويستحقونه من خير وسعادة وراحة بال ، والعودة إلى الله دائما وأبدا .

* ما الذى ينقص الثقافة العربية لكى تكون على قدم وساق مع الثقافات العالمية؟ وما سبب الفجوات بينهما؟ وكيفية علاجها؟

لا ينقص الثقافة العربية شيء ، وفي نفس الوقت ينقصها الشيء الكثير . أن أفتح نوافذ بيتي ، لا يعني أن أسمح للريح اقتلاع أشجار بيتي .

نحن نتحدث عن جانبي الثقافة المادي والمعنوي . ففي الجانب المادي ينقصنا الصناعات الضرورية والمتجددة ، لا ينقصنا المال لكن ينقصنا كيف ومتى نستغل هذه الثروات المالية والاقتصادية والمعدنية ، وينقصنا الزيادة في البحث العلمي وتطويره .

لكن المشي على قدم واحدة لن يكون المشي سويا وصحيحا ، إن لم يكون الجانب المعنوي متكافئ مع الجانب المادي . صحيح لدينا حضارة تمتد جذورها لآلاف السنين ، وغيرنا ممن سبقونا ماديا حاليا ، يفتقرون لجذور حضارية ممتدة سواء في الجانب المعنوي أو المادي ، إلا أنهم سبقونا بسبب التراكمية المعرفية ، وللأسف نفتقدها عربيا ماديا حاليا ، ربما لانقطاعنا عن الجانب المعنوي والمادي عربيا ، وانقطع تواصلنا التراثي المعرفي والعقائدي الديني ، مما أدى لانسلاخنا عن أنفسن في كثير من الأحيان ، وصرنا كالدجاجة التي حاولت تعلم الطيران ، فلا هي تعملت الطيران ولا هي بقيت تمشي على الأرض بشكل سوي . والإنسان كما يقال من انسلخ عن ماضيه ضاع منه واقعه ومستقبله ..

من الحلول المقترحة من وجهة نظري العمل على وجود مجلس أعلى للثقافة في كل دولة أولا ، ولا أعني الوزارات الثقافية المحلية والعربية ، بل هي جزء من المجلس الأعلى . نعم لأصحاب القرار دور ، وللمثقفين دور وتشمل الجامعات والمؤسسات الثقافية ومؤسسات البحث العلمي وغيرها ، يجمع هذه المجالس مجلس عربي مشترك للثقافة العربية وصناعتها ، لا العمل على وضع النظريات ( الحلم ) ، بل الواقع التطبيقي والعملي والعلمي والإبداعي والصناعي …قد يبدو هذا بعيدا عن التطبيق والواقع في المرحلة الحالية لكنه ليس من الصعب تطبيقه مستقبلا إن توفرت النية في الصلاح والإصلاح ، ولنبدأ بصورة مصغرة ألان بمجلس ثقافي أعلى محليا وعربيا في مجال الثقافة والفنون . والحلم يبدأ بفكرة حتى لو بدى استحالة تطبيقها للوهلة الأولى .

* هل للجوائز الأدبية بعالمنا العربي  معايير حقيقية تؤدى إلى ذهابها إلى مستحقيها الحقيقين؟

الجوائز الحقيقية تذهب لمستحقيها ، إن تخلت عن المعايير الجغرافي والسياسية والإيدلوجيا على حساب الإبداع . ما نلاحظه ألان تغير إيجابي في تقديم الجوائز الحاثة على الإبداع وتحفزه ، رغم قلّة هذه الجوائز بل أصبحت نادرة في ظل الأوضاع السياسية والاجتماعية والثقافية العربية التي تحول دون مزيد من الجوائز في مجالات الآداب والفنون ومختلف أنواع الثقافة .

نأمل مزيدا من الجوائز الأدبية الجادّة في تطوير الثقافة ووعيها ، ولا نكتفي بجوائز هنا وهناك لا يعرف بعضها كثير من الأدباء ومتى يتم التقدم لها وشروطها .

* ما تأثيرات عالم السياسة والاقتصاد على الثقافة؟ وهل بالإمكان إبعاد الثقافة عن أى مؤثرات مجتمعية؟

الثقافة والسياسة لا يمكن الفصل بينهما تماما ، ويمكن الفصل بينهما أيضا . فلابد للسياسي أن يكون مثقفا ، ولابد للمثقف المبدع أن يكون سياسيا وله وجهة نظره في الحياة وفي السياسة ، وإلا فيصبح الأدب والثقافة عشوائيا ، وبالمقابل تصبح السياسة فارغة .

وفي وجهة نظري السؤال بالشكل التالي : من يسبق من ؟ وليس من يقود من . فالسياسة تنطلق من قاعدتها الثقافية ، فكيف يمكن الشخص أن يكون سياسيا بارعا وقياديا حكيما إن لم يكن مثقفا وليس المقصود هنا أن يكون مبدعا في الشعر والقصة والرواية وغيرها . لكن المثقف يمكنه أن يكون مبدعا ولا يكون سياسيا على الأغلب .

أما بالنسبة عن العلاقة بين السياسي والثقافي فهي علاقة جدلية منذ القدم ، وباختصار أقول : على السياسي أن يكون مثقفا ، ويكفي المثقف المبدع أن يعرف بالسياسة سواء كان منحازا لجهة سياسة وحزبية أو لم يكن ، فيكفي أن يكون له موقفه الواضح والمعلن من القضايا السياسية العربية والانسانية انسانيا وفكريا .

* الغربة وتأثيراتها على الكاتب وإبداعه، وهل من الضروري أن يعيش الكاتب نوعا من الغربة ليكتب شيئا مغايرا ومتجددا؟ وهل تنتابك لحظات من العزلة عن عالم الكتابة؟

أسوأ أنواع الغربة ، وأكثرها تأثيرا سلبيا على المثقف والمبدع ، هو اغتراب الفرد عن نفسه وعزلته ، صحيح أن المبدع قلق انسانيا باحثا عن الأفضل دوما ، كغيره من البشر ، وصحيح أن قلق الحياة والقلق الوجودي لما مضى وواقعه وما هو آت ، والعمل على التصالح مع النفس ومع مجتمعه وواقعه بحب ، للعمل من أجل التغير نحو الأفضل للوصول في النهاية غلى تصالح البشرية كلها .

كما من السيء الاغتراب عن وطن يعيش فيه ، وهذا في رأيي مبدع فاشل لا يمكن أن نطلق عليه مسمى مثقف لا من قريب ولا من بعيد ، ومشكوك في انسانية وبشرية من يعيش مغتربا في وطنه . والأمر يختلف أن يغترب الانسان عن وطنه قسريا لظروف سياسية أو اقتصادية من أجل العمل ، فيظل الحنين يشتعل في نفس المبدع ما يزيده إبداعا ، حتى وإن انشغل أحيانا بظروف حياته في الغربة .

نعم الغربة أحيانا تكون إيجابية لصالح الثقافة والإبداع ، فالقضية الفلسطينية ، واحتلال فلسطين ، وغربة الفلسطيني وشتاته في بلاد الغربة ، حفّزت المبدع الفلسطيني والعربي لظهور ما سمّي بالأدب الفلسطيني سواء من الفلسطينيين أنفسهم أو المبدعين العرب في كافة الأقطار العربية وعالميا ، وهنا نستذكر ناجي العلي وغسان كنفاني ومحمود درويش وغيرهم الكثير الكثير .

* هل بالإمكان من وجهه نظرك تحقيق وحدة ثقافية عربية ؟

في ظل عالم الانترنت والانفتاح العالمي وسهولة التواصل الاجتماعي بين عناصر الثقافة العربية ، يمكن القول نظريا أنه يمكن أن تتحقق الوحدة الثقافية العربية ، لكن على أرض الواقع فهناك من الصعوبات الكثيرة التي تعترض قيام هذه الوحدة الثقافية العربية في المدى المنظور ، على رغم توفر عناصر وعوامل قيام هذه الوحدة الثقافية ، فاللغة واحدة مشتركة . والتاريخ واحد . والجنس العربي واحد . والقيم الدينية والأخلاقية نفسها ، والمكان الجغرافي واحد . لكن السؤال هل الإرادة موجودة بين المثقفين والمبدعين العرب لقيام هذه الوحدة ؟ وهل الوحدة الثقافية منفصلة عن الوحدة السياسية ؟ أعتقد أن قيام الوحدة السياسية في مفهومها التقليدي صعب في المرحلة الحالية ، لكن يمكن الاستعاضة عنها بالدفاع المشترك عربيا ووحدة القرار السياسي الشامل لأمة عربية واحدة ، ويمكن وجود حلم السوق العربية المشتركة وغيرها . لكن على مستوى تحقق الوحدة الثقافية العربية ، في حالة تخطينا الحدود الجغرافية المصطنعة للوصول إلى الانسان العربي في كل جغرافية الوطن العربي ، والعمل على نشر ثقافة عربية واحدة ذات صبغة انسانية عالمية . يمكن ذلك . لكنها تبقى حلما منشودا كبقية الأحلام العربية المنتظرة .

* ألسنا بحاجة ماسة وملحة إلى إعادة الوعى للموروث الثقافي والفكري والعقائدي والتاريخي للهوية العربية، كيف يتم هذا من خلال رؤيتك الخاصة ؟

نبش التاريخ . نعم ظاهرة إيجابية وانتقاء الأجمل وإبعاد كل ما هو مدسوس وغير حقيقي في ثقافتنا وتاريخنا . ولكن من يعلق الجرس امام يوتوبيا الخوف من السياسي وسلطته وقوانينه . وبين سلطة المجتمع . وسلطة الرجل اللاديني وغير العارف بدينه والجاهل به ، حين يشهر سلطته وتكفيره . النبش في التاريخ ليس دمية يلعب بها الأطفال ، وحين يمل منها أو يعجز عن فهم الدمية يحطمها . النبش في التاريخ والموروث الثقافي فكر وعمل وهدف . نحتاج إلى المفكر . نحتاج لمن يطبق ويعمل ، وقبلها نحتاج لمن يرسم الهدف . فما الذي نريده بالضبط من الموروث الديني والتاريخي والثقافي والسياسي ؟ أليس الهدف من كل ذلك وجود الحياة السعيدة بشموليتها للفرد وللمجتمع ؟ أليست كلها والكون وأسبابه قد خُلق وسُخر للإنسان ؟ . إن فهمنا هذه القاعدة الفقهية لحياة الانسان من مفهومنا الديني العقائدي الإسلامي ( ولقد كرّمنا بني الإنسان ، وليس فقط المسلم او المسيحي بل بمفهوم شمولية مفهوم الانسان باختلاف دينه ولونه وجنسه . إن كانت هذه القاعدة والعودة من خلالها إلى الموروث الديني والتراثي ، للوصول لمرحلة رقي الانسان وسعادته فنعم . وهذا يقودنا لسؤال مهم من الذي يمكنه النبش في التراث وإبعاد كل ماهو زائف عن موروثنا الحضاري وإبراز الجانب الحضاري المشرق ؟ هنا تعود لقضايا البحث المبنية على أسس علمية في دراسة الموروث الحضاري في الجامعات العربية وليست حكرا على فرد واحد بعينه أو جهة معينة . وكما قلت في السابق من أضاع أبيه وأمه سيضيعه أبناؤه وأحفاده ، فعلينا العودة لموروثنا ولا نضيعه ، كي لا يضيعنا أبناؤنا وأحفادنا .

* كيف نعيد القارئ العربي إلى محراب القراءة الورقية؟

عادة القراءة يرثها الابن عن أبيه من خلال الكروموسمات الجينية ، بمعنى أن الذي يقرأ أبوه يكون الابن قارئا بالنتيجة ، لكن مادامت نسبة القراءة الورقية الحالية تراجعت لصالح الهاتف وألعاب الكمبيوتر وغيرها ، والاكتفاء عند البعض بالفيديوهات كمصدر ثقافي على حساب التراجع عن الكتاب الورقي ، فقد تضخمت المشكلة وزادت تعقيدا .

لورق الكتاب ورائحته فتنة وعشق لا يعرفها إلا من عشق الكتاب والقراءة . كانت القراءة الورقية قديما مكلفة ماليا ، وكان هناك عشاق القراءة كثيرون . صارت القراءة مجانية ومتوفرة على الانترنت ، فصار القراء قليلين . فأين المشكلة إذن ؟ هل هي بالورق ونفور الناس من رائحة الورق الجميلة ؟ أم المشكلة في ندرة الكتاب وعدم توفره أو ارتفاع سعره بسبب زيادة تكلفة النشر على المؤلف ودور النشر وبالتالي على القارئ او مستهلك الثقافة ؟ أم المشكلة في عدم وصول الكتاب غلى القارئ إعلاميا ، أم عند القارئ وفيما يخصه من ظروف اجتماعية واقتصادية ولهاثه وراء لقمة عيشه جعلته ينشغل عن الكتاب الورقي وعن الأمسيات والندوات الثقافية ، بل الابتعاد عن الثقافة برمتها ، لأنه يرى أن الثقافة لم تقدم شيئا للقارئ ولم تحاول حل مشكله ، أو على الأقل إيضاح الصورة أمامه بلا تنظير واستعلاء ، مما يحول بين القارئ والقراءة ؟ . أعتقد أنه كل ما سبق ، وكل منها مشكلة بحد ذاتها بحاجة إلى حل ، أو وجود بدائل أقل ضررا على الأقل .

* مشروعك الإبداعي القادم، ما هو؟ وما المشروع الذي تتمنى أن تكون قادرا على تحقيقه ؟

لدي أكثر من مشروع ثقافي قادم بمشيئة الله في مجال القصة والرواية والشعر ، وتحديدا في مشروعي الأهم وهو تطوير في القصة القصيرة جدا تأطيرا وإبداعا وتنظيرا ، وهذا من اهم المشاريع ، ولا يقل أهمية في تطوير قصة محمد عارف مشه ورواياته أيضا . وكذلك هناك بعض المشاريع المشتركة كدعم الأسرى المبدعين في سجون الاحتلال وعرض المنتج الثقافي والإبداعي للأسرى وتسليط الضوء عليها إعلاميا وثقافيا .

* رسائل مختصرة إلى..

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* محمد عارف مشه : كن نفسك منتميا لدينك ووطنك وإنسانيتك ، وأحبب الناس جميعا .

* المؤسسات الثقافية: دعم الثقافة والمثقفين رسالة نبيلة تحملونها . ومزيدا من الدعم والتكافل .

* دور النشر: تبادل الدور بينكم وبين المبدع جميل وواقعي . مزيدا من دعم المبدع ، دعم لكم وللكاتب وللرسالة التي تحملانها .

* النقاد : النقد أمانة في أعناقكم . أعانكم الله وحافظوا على اماناتكم

* الإعلام الثقافي :  مزيد من الاهتمام بالرسالة الثقافية والمبدعين ، نجاح لكم وللمبدعين الوطن .

شارك مع أصدقائك