نصوص … الشاعر وديع سعادة

شارك مع أصدقائك

Loading

رفقة

كان لا يخرج إلاَّ في الأيام المشمسة ليكون له رفيق:

ظلُّه الذي يتبعه دائمًا.

ينظر وراءه ليتحدَّث إليه، ليبتسم له.

يلتفت بخفَّةٍ لئلا يغافله على دَرَج ويتسلَّل إلى بيت

يخبره حكايات مشوِّقة لئلا يضجر منه هذا

الظلّ ويهرب،

في الصباح يُعِدُّ كوبين من الحليب، على الغداء يُعِدُّ صحنين،

وكان يعود إلى بيته عند غياب الشمس

يقعد على حجر

ويبكي حتى الصباح.

الحشد

تلمَّس قماش المقعد وعرف أنه ليس وحده

أحسَّ بفرحٍ غريب وهمَّ أن يغنِّي،

لأوَّل مرة يشعر بجسد هذا المقعد،

بالأيدي التي صنعته وربما هي معه الآن،

بالمدينة التي جاء منها، بالحمَّالين الذين أوصلوه إلى الغرفة،

بالذين جلسوا عليه من عهد بعيد،

وها هم جميعهم، واحدًا بعد واحد،

يدخلون.

نظر إلى يديه، ثم إلى الحشد

فإلى المقعد بلومٍ شديد وخرج

صافقًا الباب وراءه.

المتعبون

المتعَبون يجلسون في الساحة

ينصتون إلى عبور النسمات، التي كانت في الأرجح بائعين متجوّلين

أو متسكّعين، فقدوا أقدامهم

للمتعبين ساحة

بلاطاتها، مع الأيام، اكتسبت صفات إنسانية

حتى أنها إذا غاب واحدٌ منهم

تبكي.

المتعبون في الساحة، وجوههم ترقُّ يومًا بعد يوم

وشَعرهم يلين

في هواء الليل و الأضواء الخفيفة،

وحين ينظرون إلى بعضهم ترقُّ عيونهم أيضًا

إلى درجة أنهم يظنون أنفسهم زجاجًا

وينكسرون.

الربيع أخضر، السماء زرقاء

لا يمكنه فعل شيء

الهرَّة وحدها تجلس قربه

يدغدغها، يداعب صوفها الناعم، يقول لها كلمة

لا تعني شيئًا ولكن فقط كي يسمع صوته.

شعاع ضعيف يدخل غرفته ويقعد على الكنبة

يبقى لحظة قرب ساقه، ثم يرحل

وبين وقت و آخر تنتابه هبَّات هواء

لا يعرف إن كان عليه أن يستعملها لقول شيء ما

أو للتنفُّس

العلامة الوحيدة للحياة في الخارج بقعةُ رطوبة صغيرة على الحائط

لكن، معه تبغ لهذا النهار

أيضًا صورة في محفظته يدخّن غليونًا

يمكنه أن يستعيض عن الحياة بالصور، وراح يغنِّي:

الربيع أخضر، السماء زرقاء

في الصباح تطلع الشمس في الليل يطلع القمر

الجهات أربع و الفصول أربعة

ومن الجهات والفصول تأتي الأرانب والرياح والغناء

وعلى التلَّة حجر، على التلَّة حجر.

ثم لمس هرَّته بحنان

داعب صوفها الناعم

وعاد إلى النوم.

 

شارك مع أصدقائك