الملكة الليبية : فاطمة أحمد الشريف السنوسي.. فتحي العربي

شارك مع أصدقائك

Loading

 

 

نساء عظيمات من الوطن العربي

* فتحي العربي
الملكة الليبية فاطمة: ( 1911 – 2009 ) ابنة نائب الخليفة العثماني على قارّة أفريقيا السيد، أحمد الشريف السنوسي، أحد أشهر أبطال عرب الشمال الأفريقي، وشيخ وكبير الحركة والعائلة السنوسية بعد وفاة عمّه محمد المهدي السنوسي.
ولدت فاطمة بواحة ( الكفرة ) في الصحراء الليبية الكُبرى سنة 1911، وعاشت بها حتى سن السابعة عشرة، ثم غادرتها مع أطفال ونساء العائلة السنوسية قبيل دخول القوات الاستعمارية للواحة بأيام قليلة إلى مصر على ظهر الإبل في رحلة شاقة استغرقت 17 يوما.
واقترنت في عام 1930 في مصر بابن عمها: إدريس السنوسي – أمير برقة آنذاك، وسكنا في منطقة حمام مريوط بالصحراء الغربية بمصر إلى أن عادت إلى برقة بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، لتلعب دورها كأميرة بجانب زوجها أمير برقة بكل ثقة وكفاءة حتى عام 1951. وعندما تُوّج إدريس ملكا على ليبيا المستقلة، أصبحت فاطمة طبقا لبنود الدستور الليبي في ذلك الوقت، الملكة فاطمة. ولم تُرزق الملكة بأطفال، رغم ولعها بهم، فتبنّت عمر ابن شقيقها السيد العربي، كما تبنّت الطفلة الجزائرية سُليمة التي فقدت أهلها في الحرب الجزائرية الفرنسية.
وصفها صديق العائلة المستر( إيريك ديكاندُل) مفوّض الحكومة البريطانية في برقة 1949 – 1952 في كتابه: ( الملك إدريس عاهل ليبيا.. حياته وعصره ) الذي نشره ووزعه الشيخ محمد بن غلبون سنة 1989 باللغتين الإنجليزية والعربية، بأنها سيدة لطيفة مفعمة بالحيوية والنشاط وربة بيت مثالية تمتاز باللباقة والذوق السليم. وهي ليبية صميمة، كانت دائما نعم الزوجة للملك إدريس.
وغادرت الملكة فاطمة ليبيا للمرة الأخيرة في أغسطس 1969 برفقة الملك إدريس إلى تركيا في رحلة للعلاج، وكانا بها عند قيام الانقلاب في أول سبتمبر (1969، وبعد ذلك بأيام عادت إلى مصر كلاجئة للمرة الثانية بلا زاد ولا مال.
ومرّت الملكة فاطمة في الأسابيع الأولى للانقلاب بفترة عصيبة من التوتّر والعذاب الشديد بسبب فراق ابنتها بالتبني سُليمة، التي احتجزها نظام الحكم الجديد لفترة من الزمن حتى تدخل الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر لإطلاق سراحها والتصريح لها بالسفر واللحاق بها في مصر، وخصص لهما، فيلا لسكناهما بمنطقة الدُقّي بالقاهرة، وكذلك مصيفا بالإسكندرية، وأجرى لهما مرتبا سنويا قدره عشرة آلاف جنيه مصري، وقد عاشا في عزلة تامّة تزايدت مع مرور الأيام قبل أن يتفرّغ ابن أخيها الدكتور نافع العربي السنوسي، متطوعا لخدمة ومؤانسة الملك والملكة في غربتهما، وكان دخل الملكة الوحيد هو نصيبها في ريع أوقاف الزاوية السنوسية بمكة المكرّمة والمدينة المنوّرة، والذي يوزّع على مئات الأفراد من العائلة السنوسية.
ورغم تقدمها في العمر فإن الملكة فاطمة ظلت مواظبة على قضاء أسبوعين من كل سنة بالصحراء المصرية الغربية في منطقة حمام مريوط، بنفس البيت الذي سكنته مع زوجها الملك إدريس سنة 1930، الذي احتفظت به على حالته تلك، حيث تستقبل أهالي النجع وتواصلهم وتتفقد أحوالهم، وهم بدورهم يتطلعون سنويا لتلك الزيارة، كما كانت تواظب على تلاوة القرآن الكريم، وكان من هواياتها الاستماع إلى سيمفونيات بيتهوفن.
كاميرا: فتحي العريبي – 03 .04 .1968
*نشر قبل ست سنوات في موقع كراسي

شارك مع أصدقائك