قاسم حسين صالح
المثقّفون أكثر فئات المجتمع شهية لقضم سمعة الآخر – قاسم حسين صالح
بالعنوان اعلاه..كانت اصبوحة يوم(16 آب 24)،والمفاجأة انها كشفت عن حقيقتين: تجاوز عدد التعليقات المئة والخمسين،واتفاقهم على ان المثقفين لديهم فعلا شهية لقضم سمعة الآخر..اليكم نماذج منها كما هي:
علي الفواز : ربما بسبب مركزية الذات المتعالية باوهامها، وربما بسبب طبيعة تشكيل ظاهرة المثقف بوصفه فردا خارج الجماعة،وربما بسبب علاقتها بالأيديولوجي التي تفقد قوتها في صناعة الخطاب.
صالح الطائي: صدقت والله.لي تجارب لا تحصى معهم.لكن السؤال: بماذا تفسر ذلك الأسلوب القبيح من خلال علم النفس وهل للحسد والغيرة دور فيه؟ أصيل داوود سلوم: من الفراغ، وقلة الفكر،والثقافة،والا المثقف اذا عمل على بناء صرح ثقافي لمؤلفاته و تطوير معلوماته وذاته،فانه لا يجد متسعا من الوقت للحديث عن الاخرين.المشكلة ان بعضهم يرى نفسه بمرتبة أعلى ناسه ومن مجتمع.
خضير الحميري: ربما لأن صوتهم مسموع.
عبد الجبار العتابي: واذا سمعة الاخر مطينة ويعامل الناس من برجه العالي ،هل يسكتون عليه؟
Rafid Rasool: عندما تصبح الثقافة مهنة فيتحول المثقف من حالة ترفع منسوب الوعي لدى المجتمع إلى اداة تسقيط وحقد وغل لاسقاط الانموذج والرمزية في المجتمع.
عاصم الأمير: مرضى بالانوية.
مهند الياس: اذا كان المثقف اكثر فئات المجتمع شهية في قضم الاخر،كيف يتصف بهذه الصفة وهو مثقف؟ اليست الثقافة من الاخلاق،اللهم الا اذا كان ذلك المثقف له ازدواجية شخصية في التعامل مع الحياة.
حسن ابراهيم: وسط مريض ومنافق.
Afeefa Suleman: مع الأسف الشعب العراقي بكل فئاته نساءا ورجالا بحاجة إلى معالجة نفسية..ومن أين ناتي بهذه الاعداد من الأطباء النفسيين لمعالجة 43 مليون ليفوا بالغرض.
Raadaldlaimy Raad:هكذا هم البشر بكل صنوفهم…التحاسد والتباغض سنة كونية…لاتزول الا بزوال الخلق.
نوبات ازدواجية
Aziz ALaziz:اجتمعت كل امراض الشخصيه ونوبات الازدواجيه لدى معظمهم، ولا يطرون بعضهم الا بالتنابز،واظنهم خير من يمارس حفر النگر،بل هم ابعد الناس عن العمل الديمقراطي ويتجلى ذلك في بعض المناصب، ولن يحمل أخاه على سبعين محمل بل يجيدون التسلق على بعض وبكل وقاحه،وهؤلاء هم انصاف المثقفين. ثابت عباس المفرجي :التحاسد ياسيدي الكريم وجعبة التاريخ تنوء بحمل ثقيل من الامثلة.
طامل الربيعاوي:شيسوون إذا كان المثقف يستگدي عبر القلم والكلمة فلكل مايستحق أن ينال .
Falah Al Ani:اعتقد ان هذا السلوك أسبابه نفسيه، يهاجم الاخر ويحمله صفات غير حميده لرغبه دفينه عنده بأن يظهر نفسه بأنه غير ذلك .هو يستعرض نفسه من خلال هذا السلوك ، نرجسيته تغذي هذا السلوك.هو ابن بيئته واذا كانت هذه البيئه تغذي اعلاء الذات المفرط نجد ان هذا السلوك ليس غريبا .جرب ان تسأل سؤالا بسيطا اجابته لا تتحمل اكثر من عدة جمل يأتيك الجواب وسط حديث طويل جله استعراض المتحدث لذاته هو ولمعلوماته التي يمتلكها بغض النظر ان كانت هذه المعلومه لها صله بالموضوع او لا.
Jaafer Al-waaeli:لأنهم ليسو مثقفين بل يدعون الثقافة.كلما زادت معلومات الشخص وكبر عقله ابتعد عن الصراعات والتحدث عن الاخرين.
Yousif Aliraqi: تمام لانهم متسلحون بأدوات القضم (اللسان والقلم).
التحليل
يعزو معظم الذين استطلعت اراؤهم،وبينهم أكاديميون ومفكرون، اسباب ذلك لحالات سيكولوجية: الحسد، التباغض، تضخم الأنا(الذات)… وقبل ان نشخص الأسباب لنبدأ بهذا التساؤل: كيف هو حال المثقف العراقي بعد عشرين سنة عاشها في ظلِّ نظامٍ ديمقراطي تحكمه عمليَّة سياسيَّة تقومُ على المحاصصة والطائفيَّة؟
استطلاع رأي
لأنني اعتبر الرأي الآخر اهم مصدر في معرفة الحقيقة، فأنني اجريت عام 2018 استطلاع رأي عن حال المثقف بعد التغيير، إليكم نماذج من إجاباتهم:
ثقافات مختلفة
* المثقف العراقي يواجه ثقافة دينيَّة طائفيَّة عشائريَّة مدججة بالسلاح والمال والنفوذ لكنه رغم ذلك يعمل ويبدع ويقاوم.
* بدون زعل،لأنَّهم لم يسمعوا كلام غادة السمان، فهاجروا ثم ذبلت أزهارهم هناك ولم يدركوا أنَّ الأشجار لا تهاجر.
* المثقفون، منهم من وجد ذاته بعيداً وغادر الوطن ولم يتذكره،والموجودون في وادٍ والجماهير في وادٍ آخر،ومنهم من انساق وراء مغريات السلطة للأسف.
* لا يوجد تأثيرٌ للمثقف في سواد الناس الذين يمثلون قاعدة الجهل العريضة ويتأثرون بخزعبلات الملّا والمشعوذ، والبعض منهم يعدُّ المثقف بأنه ينشر الكفرَ بين الناس.
* لا يوجد مثقفون في العراق، بل يوجد متعلمون يجيدون الكتابة و”اللغوة” في المقاهي والمطاعم والفنادق الشعبيَّة.
وبعد خمس سنواتٍ وفي العام (2023) أعدنا الاستطلاع ذاته، إليكم نماذجَ من إجابات حرصنا أنْ تحملَ أفكاراً مختلفة:
* حسب رأي غرامشي: الأكثريَّة في المجتمع هم مثقفون لكنْ بثلاثة أصناف: التقليدي المهني مثل الموظف والمعلم، والثاني الذين يعرفون الأخطاء ويقبلون بها طمعاً بعطاءٍ من السلطة وهم الأغلبيَّة في العراق من كتاب وفنانيين وآخرين، والثالث هم الذين يشخصّون الأخطاء ويعملون على تصحيحها ويدافعون عن التغيير نحو الأفضل.
* المثقف العراقي الحقيقي غائبٌ أو مغيبٌ في وسط هذا التزاحم والفوضى وقلة الوعي وانتشار الخرافة والتدين الزائف والجهل المدقع والتدليس والأمية بكل أنواعها. هناك مثقفٌ اجتماعيٌّ يحملُ همومَ الناسِ ويسعى إلى تغيير الواقع، وآخر لا يهمه سوى منجزه الأدبي. أما الانتهازيون والمتكسبون فهم الفئة الأكبر الآن، وهؤلاء يلعقون ما ترميه لهم السلطة ويعتاشون على فتاتها.
* صنف ابن المؤسسات السياسيَّة،وصنفٌ غارقٌ في العزلة،وصنفٌ مهووسٌ بوجع الوطن.
* المثقفون في وقتنا الحاضر قليلون جداً،والسبب هو تغليب النزوات والغرائز على العقل بسبب ظروف الحرب وقساوة الحياة وتدمير عقل الإنسان. المثقف هو الذي يعملُ بكل الاتجاهات ويوازن بين التوافقات لحل لغز الحياة والحديث يطولُ يا دكتورنا الغالي.
* المثقف العراقي إنسانٌ أولاً،منهم النرجسي والموضوعي والذاتي والمتواضع والمتكبر الذي لا تغير ثقافته من طبعه. الكم الهائل من ثقافة العصر جعلت من الصعب على المثقف الحفاظ على موقعه، ولا أعتقد أنَّ على المثقف أنْ يطلبَ من الآخرين جلد ذواتهم، وهو الأمر الذي يحدث لدينا ولا يحدث في العالم المتقدم الذي يعدُّ المشاركة الثقافيَّة فخراً لصاحبها.
* المثقف العراقي اليوم نتاج بيئة مجتمعيَّة وسياسيَّة متدنية،ومثل هذه البيئة ستنتجُ عقلاً ثقافياً يحاكيها، لذلك أمثالكم نتاج بيئة مستقرة كان فيها الحراك الثقافي والسياسي يستطيع الحركة. اليوم المثقف متعالٍ لا ينزل الى الشارع وكأنَّ الثقافة تقول له: تثقف لتعلو على الآخرين.
* المثقف ما زال بعيداً عن الناس والناس بعيدة عن المثقف،وحين يتحققُ الاستقرارُ السياسي عند ذاك سيصل صوته والناس ستقترب منه، أما في ظل بيئة شائكة معقدة كالتي نشهدها فإنَّ السعي وراء المال هو الهدف. وللأسف الكثير يحملُ صفة المثقف لكنه لا يزال يفكر بعيونٍ طائفيَّة وما أنْ يمسَّ طائفته (يعوج براطمه).
* المثقف الحقيقي ذو الكرامة والإحساس الوطني منزوٍ (بإمكاني أنْ أعطي أسماءً ولكنْ أخشى أنَّ أصحابها لا يوافقون). أما البقيَّة فهم مثقفو الطموح. أنْ يكون مستشاراً في سوق بيع وشراء المثقف والثقافة والتجارة بها كما التجارة بالدين وهم كثر.
* لا يوجد مثقفون في العراق، لأنَّ الثقافة تعني الوعي والفكر والمحتوى المثمر، من يدعي الثقافة في هذا البلد إما أنْ يكون جزءاً من ماكنة التجهيل أو تراه صامتاً.
استنتاج
ثمة حقيقة..ان نوعية النظام السياسي الحاكم هو الذي يصنع نوعيىة مواطنيه.. بمعنى ، ان قيم واخلاق وسلوك المثقف العراقي بعد التغيير هي انعكاس لنظام اشاع الفساد الذي كان يعد خزيا في القيم العراقية الصيلة أدى الى تخدير الضمير الأخلاقي لاسيما بين فئة المثقفين بوصفهم اكثر فئات المجتمع تعاملا مع النظام والناس بما يؤمن مصالحهم واعتبارهم الشخصي وخلاصهم من تغييب وتهميش اتعبهم وأضر بهم أخلاقيا ..والحل يكون في تشريع قانون لرعاية المثقفين كنا تقدمنا به في آذار 2023 باركه مفكرون واكاديميون واعلاميون..وليت اتحاد الأدباء والكتّاب في العراق يتبنى هذا المقترح ويخضعه لدراسة مستفيضة ورؤية ناضجة، لتقديمه الى البرلمان العراقي واقراره..فبه سيعيد للمثقف دوره في بناء الانسان والوطن..ليمارس دوره المشروع في (قضم) سمعة من يسيء للشعب والثقافة.