سونيا احمد
مصر
كانت فى كل يوم تهبط درجات السلم لتستقبلها نسمات الصباح الباكر البارده صيفا وشتاءا ولا يشغل بالها سوى الجنيهات التى ستعود بها فى نهاية يوم العمل وتتخيل أن السيده التى تذهب إليها لتنظيف بيتها ستعطيها بعض جنيهات زيادة عن الاجر المتفق عليه حين تعرف أن ابنتها الكبرى تمت خطبتها كانت شاديه لاتعرف معنى كلمة الغضب ربما لأنها منذ سن السابعه وهى تعيش فى بيوت غريبه مع أسر لا تعرفها كان عملها كخادمه مقيمه ينقلها من بيت إلى بيت بعيدا عن أهلها وكانت طفله تخاف أن ترفض اوتعترض اوتبدى استيائها أو تشكو وتبكى لم تكن تأمن جانب من تقيم معهم ربما غضبوا منها أو نكلوا بها أو ضربوها تربت على أن تبتلع كلماتها ودموعها واوجاعها وكبرت وهى هكذا حتى استقرت فى بيت شاب من قريتها وهى ابنة ١٧ عاما وحيد أسرته بين ثلاث فتيات لديه مسكن ومشروع خاص به وظنت المسكينه أنها اخيرا ستعرف مذاق الراحه وتستقر فى بيت هو بيتها وتقول وتفعل ما تريد وكانت ترى زوجها شابا وسيما ثريا بمقاييسها هى وأنها لم تكن لتجرؤ أن تتمنى مثله فى أحلامها لكن أسرة الزوج اختارتها هى تحديدا لأنها تستطيع أن تعمل وتجنى المال ذلك أن الابن كان مدمنا ولا يعمل فى مشروعه الخاص وتعبت أسرته من تحمل عباه فقررت أن تزوجه لمن تحمله عنهم وهكذا وجدت “شاديه” نفسها مقبله على معاناه اكبر تنتظرها وتوالت السنوات وهى لا تنجب الا البنات والزوج العاطل عن العمل المدمن يصر على أن تستمر فى الانجاب لتاتيه بالولد وأصبحت شاديه مطالبه بالعمل وكسب المال واعطاء الجزء الأكبر منه لزوجها ليشترى مخدر الحشيش وان تتدبر شئون بيتها بما يتبقى لها وان تستمر كآله للانجاب حتى ياتى الولد وبعد أن أنجبت ٤بنات توقفت لاول مره وشعرت بالغضب لما تعانيه قررت ألا تنجب ثانية والا تعطى جنيهاتها القليله لمدمن ينفقها حتى يظل فاقد الوعى وحينها رفضت دنياها المحيطة أن تقبل منها الغضب فشاديه لم تغضب قط قبل ولا تعرف كيف تغضب ولم يراها احد مطلقا غاضبه وفى احدى الصباحات وبعد أن خرجت من باب بيتها كالعاده متجهه لساعات عمل شاق تنتظرها فوجئت أن زوجها يخرج خلفها من البيت منطلقا كقذيفه طائشه حاملا فى يده سكين يريد أن يقتلها فى الطريق أمام أعين الماره انطلقت شاديه بكل ما تملك من قوة اكتسبتها على مدى سنوات من العمل الشاق انطلقت تجرى يدفعها ماضى مؤلم لم تجد فيه يوما ما يطمانها إلى أنها انسان كباقى البشر انطلقت وكأنها تهرب من ماضيها انطلقت ترجو النجاة ولا تفكر سوى فى زهراتها الأربع من سيرعاهن سواها من سيسقيهن بعدها ويحتضنهن حتى يصبحن يافعات قويات العود والبنيان ويستطعن ان يواصلن السير فى طريق الام كانت تضع كل طاقتها فى ساقيها كانت تتمنى لو حملتها الرياح والقتها فى أرض اخرى لا يعرف لها زوجها طريق لكن كان عدوه خلفها وخلف سحب الاحتياج إلى الحشيش التى تملأ عقله بعد أياما قضاها بعيدا عن المخدر لأنها منعت عنه المال كان دافعه اقوى من دافعها فلحق بها وفى ثوان كان قد تمكن من عنقها وذبحها وتركها على الطريق تنزف دمائها وتنزف معها عمر مضى وعمر آت انتهت شاديه على جانب الطريق كما عاشت على جانب الحياه لم يلقى لها أحد بألا لا فى حياتها ولافى موتها وكانت شاديه دائمة التردد على بيتنا وبعد ٤٠ عاما لازالت ابنتها الصغرى تخرج مع ساعات الصباح الباكر لتستقبلها النسمات البارده تذهب إلى عملها ولا يشغل عقلها سوى بضع مئات الجنيهات التى ستعود بها #منه_٢٠٢٤ بقلمى