شاديه_١٩٨٥

شارك مع أصدقائك

Loading

سونيا احمد

مصر

كانت فى كل يوم تهبط درجات السلم لتستقبلها نسمات الصباح الباكر البارده صيفا وشتاءا ولا يشغل بالها سوى الجنيهات التى ستعود بها فى نهاية يوم العمل وتتخيل أن السيده التى تذهب إليها لتنظيف بيتها ستعطيها بعض جنيهات زيادة عن الاجر المتفق عليه حين تعرف أن ابنتها الكبرى تمت خطبتها كانت شاديه لاتعرف معنى كلمة الغضب ربما لأنها منذ سن السابعه وهى تعيش فى بيوت غريبه مع أسر لا تعرفها كان عملها كخادمه مقيمه ينقلها من بيت إلى بيت بعيدا عن أهلها وكانت طفله تخاف أن ترفض اوتعترض اوتبدى استيائها أو تشكو وتبكى لم تكن تأمن جانب من تقيم معهم ربما غضبوا منها أو نكلوا بها أو ضربوها تربت على أن تبتلع كلماتها ودموعها واوجاعها وكبرت وهى هكذا حتى استقرت فى بيت شاب من قريتها وهى ابنة ١٧ عاما وحيد أسرته بين ثلاث فتيات لديه مسكن ومشروع خاص به وظنت المسكينه أنها اخيرا ستعرف مذاق الراحه وتستقر فى بيت هو بيتها وتقول وتفعل ما تريد وكانت ترى زوجها شابا وسيما ثريا بمقاييسها هى وأنها لم تكن لتجرؤ أن تتمنى مثله فى أحلامها لكن أسرة الزوج اختارتها هى تحديدا لأنها تستطيع أن تعمل وتجنى المال ذلك أن الابن كان مدمنا ولا يعمل فى مشروعه الخاص وتعبت أسرته من تحمل عباه فقررت أن تزوجه لمن تحمله عنهم وهكذا وجدت “شاديه” نفسها مقبله على معاناه اكبر تنتظرها وتوالت السنوات وهى لا تنجب الا البنات والزوج العاطل عن العمل المدمن يصر على أن تستمر فى الانجاب لتاتيه بالولد وأصبحت شاديه مطالبه بالعمل وكسب المال واعطاء الجزء الأكبر منه لزوجها ليشترى مخدر الحشيش وان تتدبر شئون بيتها بما يتبقى لها وان تستمر كآله للانجاب حتى ياتى الولد وبعد أن أنجبت ٤بنات توقفت لاول مره وشعرت بالغضب لما تعانيه قررت ألا تنجب ثانية والا تعطى جنيهاتها القليله لمدمن ينفقها حتى يظل فاقد الوعى وحينها رفضت دنياها المحيطة أن تقبل منها الغضب فشاديه لم تغضب قط قبل ولا تعرف كيف تغضب ولم يراها احد مطلقا غاضبه وفى احدى الصباحات وبعد أن خرجت من باب بيتها كالعاده متجهه لساعات عمل شاق تنتظرها فوجئت أن زوجها يخرج خلفها من البيت منطلقا كقذيفه طائشه حاملا فى يده سكين يريد أن يقتلها فى الطريق أمام أعين الماره انطلقت شاديه بكل ما تملك من قوة اكتسبتها على مدى سنوات من العمل الشاق انطلقت تجرى يدفعها ماضى مؤلم لم تجد فيه يوما ما يطمانها إلى أنها انسان كباقى البشر انطلقت وكأنها تهرب من ماضيها انطلقت ترجو النجاة ولا تفكر سوى فى زهراتها الأربع من سيرعاهن سواها من سيسقيهن بعدها ويحتضنهن حتى يصبحن يافعات قويات العود والبنيان ويستطعن ان يواصلن السير فى طريق الام كانت تضع كل طاقتها فى ساقيها كانت تتمنى لو حملتها الرياح والقتها فى أرض اخرى لا يعرف لها زوجها طريق لكن كان عدوه خلفها وخلف سحب الاحتياج إلى الحشيش التى تملأ عقله بعد أياما قضاها بعيدا عن المخدر لأنها منعت عنه المال كان دافعه اقوى من دافعها فلحق بها وفى ثوان كان قد تمكن من عنقها وذبحها وتركها على الطريق تنزف دمائها وتنزف معها عمر مضى وعمر آت انتهت شاديه على جانب الطريق كما عاشت على جانب الحياه لم يلقى لها أحد بألا لا فى حياتها ولافى موتها وكانت شاديه دائمة التردد على بيتنا وبعد ٤٠ عاما لازالت ابنتها الصغرى تخرج مع ساعات الصباح الباكر لتستقبلها النسمات البارده تذهب إلى عملها ولا يشغل عقلها سوى بضع مئات الجنيهات التى ستعود بها #منه_٢٠٢٤ بقلمى 🖋️

شارك مع أصدقائك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *