طارق حنفي
لقد ظهر للعيان، ومع ظهوره تغير مجرى الأحداث، هائل الحجم، شديد القوى، لا يخضع لقوانين المادَّة؛ يفعل ما يريد، يختفي فجأة كما يظهر فجأة، لا أحد يعلم حقيقته..
يدين الجميع له بالفضل؛ بعد أن تصدى بمفرده للمحتلين بقيادة الأجوف، أولئك الذين يعبثون بقريته، لقد طردهم شر طردة، ومحا ما خلفوه وراءهم من فساد في الأرض..
أسموه المنقذ؛ لقد أصبحت القرية آمنة بفضله، يحيى أهلها في سلام، زاد العمل والبناء وعم الرخاء.
لكن الأجوفون لم يكونوا على استعداد لأن تنتهي أحلامهم في السيطرة على القرية وأهلها، سيفعلون المستحيل حتى يزيحوه عن الطريق..
ترقبوا ظهوره ليراقبوه، أو من طرف خفي يترصدونه، بخطوات حثيثة تَقَصَّوا أثره، لكن الأثر انتهى فجأة، أعادوا الكَرَّة، مرارًا وتكرارًا دون جدوى، ظلَّ يَفطِن إلى الأمر ومن ثَمَّ يُسارع إلى الاختفاء.
ثم اقترح واحد منهم اقتراحًا قلب الموازين، اختطفوا عددًا من رجال القرية، عذبوهم بشتى الطرق لعل أحدهم يشي به أو يفتش آخر سره..
لكن المنقذ استمر في الظهور، يحرس القرية وأهلها..
اختطفوا عددًا آخر، زادوا في عذابهم، منعوهم من النوم، وكانت المفاجأة، لم يظهر هو..
ثم أعطوهم الكثير من المنبهات، استمر عدم ظهوره؛ هاجموا القرية مرة أخرى، واحتلوها من جديد.
زاد تفننهم في التعذيب، صاروا يجلسون المُختََطََفين مقيدين بمقاعدهم، وأجهزة دقيقة تفتح جفونهم حتى لا يناموا، يحقنونهم بالمنبهات باستمرار..
حاول الجميع الفكاك من القيود دون جدوى، استمرت المحاولة ثم خارت قواهم، واستسلموا جميعًا..
علت قهقهة واحد من أتباع الأجوف، قبل أن يقول بصوت تملؤه الشماتة: لقد سيطرنا على القرية مرة أخرى، وعم الفساد الأرض من جديد..
قال أحد المختََطََفين: سيعود المنقذ، سيهزمكم وحده، ويطردكم شر طردة كما فعل أول مرة..
زادت نبرة الشماتة في صوته وهو يقول: لقد اختفى منقذكم إلى الأبد..
غادر وضحكاته الشامتة ما زال صداها يتردد في آذانهم، مما زادهم يأسًا وخضوعًا..
ما عدا واحدًا منهم، لقد زاده الأمر حسرة ومرارة؛ يوقن أنه لكي يظهر المنقذ لا بد من أن ينام، لكن كيف ينام؟ لقد تم حقنه بالكثير من المنبهات..
تذكر أهل القرية، وأحلامهم بالعيشة الهنية، صرخ بداخله دون صوت: لا بد من أن أنام، لا بد من أن يعود.
وفعلها أخيرًا، لا أحد يدري كيف فعلها، لقد نام رغم كل شيء، وظهر المنقذ..
يرى نفسه في الحلم يهزم الأجوف وأتباعه، يطردهم من جديد، يقضي وحده على الفساد والمفسدين.