وديع سعادة شاعر لبناني يقيم في أستراليا منذ عام 1988، يكتب الشعر ليتخذه وطناً بديلاً، ولا يجد غرابة في ذلك، لأنه يؤمن بأن الشاعر في غربة حتى لو كان في وطنه، والشعر هو وطن افتراضي له.
عمل وديع سعادة في الصحافة العربية في بيروت ولندن وباريس، وترجمت بعض أعماله إلى الألمانية والإنجليزية والفرنسية وأصدر 12 ديواناً شعرياً حتى الآن، وطبعت أعماله الكاملة في “دار النهضة” في بيروت، ومازال ينشر ما يكتبه على شبكة الإنترنت، لأن النشر الإلكتروني يحرر الشاعر من ظلم دور النشر، كما يقول.
يكتب سعادة الشعر ليجعل العالم واسعاً بما يكفي أنفاس الشجر والطيور، ويرى أن هذه هي مهمة الشاعر الحقيقية.
* قال أحد الأصدقاء عنك: من أراد أن يجد وديع سعادة فليبحث داخل شعره. لماذا يخبئ وديع سعادة الإنسان بعيداً عن تفاصيل الحياة العادية؟
– بالعكس، فالإنسان في شعري ليس سوى تفاصيل حياته العادية. قضية الإنسان الكبرى ليست سوى هذه التفاصيل. وأنا إذ أكتب تفاصيل حياتي أكون أكتب تفاصيل حياة الذين يشبهونني أيضاً وهم كثر. فالبشر كلهم متشابهون ولو اعتدنا أن نعتقد العكس.
* تتعامل مع الطبيعة في شعرك وكأنها لوحة لُونت بأرواح وروائح وأصوات، متى وكيف اكتشفت هذه اللوحة؟
– أنا ابن قرية وادعة، حيث الطبيعة والإنسان عائلة واحدة، وحيث للطبيعة، كما للبشر، أرواح وروائح وأصوات. ولدت في تلك الطبيعة وترعرعت فيها وكبرت، وكبر معي هذا الشعور الذي انعكس على شعري.
* من وجهة نظرك، هل حققت قصيدة النثر الحرية التي ينشدها الشاعر؟
– لا حرية بالمعنى العميق للكلمة، لا في الشعر ولا في سواه، إلا أن الشعر يُشعر كاتبه بالانعتاق، على الأقل لحظة كتابته. من هنا، في رأيي، تأتي جمالية الشعر وقيمته.
* عندما وقفت بنفسك في شارع الحمرا في بيروت لتبيع ديوانك الأول “ليس للمساء إخوة” الذي كان بخط يدك، كنت ترغب في مراقبة رؤية الناس لشاعر يبيع شعره، هل إقامتك البعيدة في سيدني حرمتك من هذه المتعة؟
– لا، إنما طريقة الرؤية وحدها تغيَّرت. فأنا من خلال نشر شعري على الإنترنت لا أزال أرى كيف ينظر الناس إليه، وبمساحة أوسع من مساحة النظر إليهم من خلال الوقوف في الشارع.
* تعاملك الحذر مع النشر الورقي جعلك تطبع ديوانك الثاني بنفسك وتوزعه على الأصدقاء، فهل ترى أن النشر الإلكتروني الآن حررك من هذا الحذر؟
نعم، لاسيما إذا كانت هذه الدور عربية. –
* يقولون إن اليوم الأكثر سعادة ينتهي بالبكاء، هل ينطبق هذا القول على قصائد الحزن في شعر وديع سعادة؟
قد يكون هذا صحيحاً. –
* كيف تجد حلاً للفصل بين العمل في الصحافة وكتابة الشعر؟
– للصحافة إيجابيات أيضاً على الشعر، فهي تجعل الشاعر على تماس يومي مع ما يجري في العالم، وبالتالي تعمّق رؤيته إلى العالم.
* من يقرأ ديوانك الأول “ليس للمساء إخوة” يتذكر جملة للشاعر اللبناني عباس بيضون تقول: “أعيش مُحاطاً بكل هؤلاء الذين جعلوني وحيداً”، فهل يصح هذا الربط؟
وأنا كذلك أعتقد أن الشاعر يبقى وحيداّ ولو كان بين جمع كثيف. –
* في رأيك، هل نجح الشعر في علاج إحباطات الغربة؟
الشاعر في غربة حتى لو كان في وطنه، والشعر هو وطن افتراضي له. –
* هل ثمة علاقة بين غربتك بعيداً عن وطنك لبنان وهاجس الموت؟
هاجس الموت ليس مرتبطاً بغربة أو بوطن. –
* يقال إن الشعراء خلقوا لتهيئة العالم لثورة كبيرة، فأين الثورات العربية من الشعراء؟
السبب هو غياب ثقافة المجتمع، فالثقافة هي أولى مقوّمات أية ثورة بالمعنى الحقيقي والعميق للثورة. –
* كتب لك الشاعر العراقي سركون بولص في عام 1973 في رسالة: “اقذف من أحشائك ذلك البركان الذي هو أنت”. كيف يتحول بركان وديع سعادة إلى شجر وبحر وتراب عند كتابة الشعر؟
بالوهم يمكن تحويل أي شيء إلى شيء آخر، وأظنّ أن الشعراء لا يكتبون إلا وهمهم
*- مجلة “الخليج” في 10/12/2013