قراءة نقدية في ديوان “استرح أيهذا الطريد”د. محمد عبدالله الخولي

شارك مع أصدقائك

Loading

سؤال الذات وتحولات الوطن قراءة نقدية في ديوان “استرح أيهذا الطريد”

للشاعر محمد طايل رؤية نقدية:

د. محمد عبدالله الخولي

 

بعض العناوين الشعرية يتوجَّب على الناقد أن يتوقَّف عندها – طويلا – متأمِّلًا تركيبها اللغوي/ النحويَّ، خاصةً، إذا كان العنوانُ محتشدًا بالدلالات، مكتملًا تركيبه اللغوي، موظَّفًا بعناية لخدمة المتنن النصيِّ. على الناقد ألَّا يتجاوزَ النحو العربيَّ وتراكبيته القواعدية متوقِّفًا عند دلالات الإعراب التي تشير إلى موقع المفردة في حيِّز التركيب وحسب، بل يتمعّن القارئ/ الناقد في صورة التركيب النحويِّ بوصفها كتلةً لغوية/ رمزية تحمل في هيئة تركيبها المعنى المنشود من النص وغايات المبدع وقصدياته، وإن لم يكن النحو كذلك فهو ركام من القواعد لا يعوَّل عليه، إذ العربيُّ يعرف الحدود بين الفاعلية والمفعولية من قام بالفعل ومن وقع عليه فعل الفاعل، ولكنّ النحو – لا سيما العربي منه – يحمل في تركيبه حركية المعنى وانفعالات الذات والقصديات النصية الواعية منها وغير الواعية؛ فالنحو القواعدي هو نتاج العقل اللغوي المنظم لتشكلات (الفونيمات- التراكيب) والتي تنخلق من منظومة (المونيمات – الأصوات)، يتجاوب هذا العقل اللغوي مع نمط التفكير العقلي الواعي، و ولا يتغافل عن العالم الرمزي (المُشَفَّر) في اللاوعي الإنساني، وهذه الحركيّة المتداخلة ينظمها (اللوغوس) ونعني به العقل الناطق في النفس الإنسانية، وبناءً على ما سبق نستطيع الجزم أن كلّ تركيب لغوي/ نحوي تم إنتاجه – أولا – في الباطن النفسي، ثم تولّى العقل اللغوي تمثيل هذه الحركة الباطنية وفقا لقواعد اللغة؛ إذن، كل حمولة لغوية عند تفكيك قواعدها النحوية تحيلنا إلى مقصوديات النص وما يرنو إليه المبدع، وتستجلي – أمام القارئ – الصورة الأصلية التي تمّ إنتاجها في الباطن النفسيِّ. يصدِّر لنا “محمد طايل” عنوانًا شعريَّاً يَسِمُ به ديوانه، وبعد أنْ عرجت على المتن النصي للديوان، وجدت جلّ قصائده تنتمي إلى هذا العنوان، وهذا الفعل، يرفع من شأن الديوان عندي، إذ ينسلُّ الديوان كلّه من لُحمة واحدة، وهذا يشير إلى الوحدة العضوية على مستوى الديوان وليس على مستوى القصيدة الواحدة، ومثل هذه الدواوين – التي تنبني على وحدة عضوية/ موضوعية – تستهويني كقارئ، لأنّ هذه الوحدة العضوية – المتشظّية في الديوان- تدل على عمق/ توسّع التجربة الشعريّة والإنسانيّة على حد السواء. يبتدر “طايل” عنوانه بالفعل الأمريّ (استرح)، ويشير هذا الفعل بأمريَّته إلى فعل التوقّف، وعند التأمل المنصف في دلالات (الأمر) في اللغة العربية يتبين لنا، أنّ كلَّ فعل أمر يتضمن فعلين أو حركتين تنبني الحركة الثانية على الأولى، أو تعتبر الحركة الثانية مسببة عن الحركة الأولى،

شارك مع أصدقائك