حاوره
الشاعر أحمد فرج الخليفة
الشحات:
الشعر هي الرئة التي اتنفس بها ولو توقفت عن الشعر سأموت
أشعر اننى لا زلت ممتلأ بالشعر وأجمل قصائدي لم اكتبها بعد
الشعر العربي لن يموت وتجاور الشكال الشعرية أمر طبيعي
اللغة العربية محفوظة بوجود كتاب الله القرآن الكريم
حدثنا من البدايات وحتى الآن، وكيف اكتشفت موهبتك؟ وما هي إصداراتكم التي تسعد بها المكتبة الشعرية العربية؟
بدأت بحضور ندوة كان تعقد على سور السيدة زينب لبيع الكتب واستمع لأول مرة شعراء حقيقين بعد ان كان يعرفهم فقط في نصوص الكتب المدرسة ، وهنا قررت القيام بتدوين ما كنت أردد بيني وبين نفسه من كلمات، الشعور باليتم والوحدة والغربة في هذا العالم غلف كل الكلمات التي كنت أكتبها، وظلت أواظب على ندوات يوم الجمعة ، ولقرب السيدة زينب من شارع القصر العيني أخذتني قدماه الى دار الأدباء ، وهناك بدأت الاستماع الى الشعر الحقيقي من شعراء كبار ،تخلصت من هواية شراء الكتب لتقطيع ما بها من صور وبدأ في شراء الكتب من اجل القراء والمجلات الخاصة بالأطفال ، ومع مرور الوقت بدأت ألقى ما أكتبه وأستمع للتعليقات وأواصل القراءة في كل الاتجاهات ، والتقين خلالها بعدد من الشباب والذين قرروا عمل جمعية الأدباء والفنانين الشباب كان ذلك عقب انتصار السادس من أكتوبر 1973 ، ومع ظهور مجلة الجديد التي كان يترأسها د. رشاد رشدي عرفت الطريق للنشر ، كان في ذلك الوقت بدأت عملية تكوين الجماعات الشعرية وكل جماعة تعمل بمعزل عن الاخرى ، وتكونت جماعتي أصوات واضاءه من عدد قليل من الشعراء والذين رفضوا وتجاهلوا كل الشعراء الآخرين ، وكانت كانت مجموعة شعراء دار العلوم وكانوا الأقرب الى رغم أننى لم أكن من طلاب دار العلوم القديمة بشارع المبتديان ، وكذلك جماعة الشعر بكلية الآداب جامعة عين شمس ، ثم عندما شعرت من خلال الأمسيات التي كنت أشارك فيها باستحسان ما اكتبه ، قمت بتجميعها في ديوان والدفع به الى دار الحرية وكان مقرها بميدان السيدة زينب ونشرت أول ديوان عام 1974 ، و استقبله النقاد باستحسان ، كتب عنه الاستاذ علاء الديب في عصير الكتب بمجلة صباح الخير والأستاذ عبد الفتاح زرق بمجلة روز اليوسف وايضا عندما أصدر ديوانه الثاني آخر ما تحويه الذاكرة 1976 عن دار العربي حيث كتب عنه الاستاذ كمال النجمي في المصور والاستاذ احمد زكى عبد الحليم فى مجلة حواء وماهر قنديل في الكواكب وغيرهم
. الشعر ما بين الهواية والاحتراف، عالمان مر خلالهما شاعرنا المبدع، كيف لك أن تتحدث عنهما؟
كان اللقاء بالشاعر الكبير صلاح عبد الصبور مفاجأة سارة لي حيث اكتشف متابعته لي وشد على يدي مؤكدا ضرورة السير في الطريق الذى حددته لنفسي بعيدا عن الدخول والانضمام الى أي من الجمعات الشعرية التي بدأت تنصب الداء للجميع ، ومع ظهور مجلة ابداع كان اهتمام الناقد الكبير عبد القادر القط حيث نشر في العدد الثالث من المجلة ، وواصلت الكتابة والنشر حتى عامي 1995 و1996 حيث أصدرت ديوان الخامس مكاشفة عن هيئة الكتاب والسادس كثيرة هزائمي عن هيئة قصور الثقافة ولم يكتب عنهم حرفا واحدا ، حيث كانت الساحة الابداعية فى مصر قد وقعت أسيرة في قبضة عدد من النقاد والشعراء والذى حاولوا نفى الجميع فقررت الابتعاد عن الشعر مع الانخراط في العمل الصحفي، ولكنى عدت للكتابة مرة اخرى عام 2011 ، واصدرت ديواني السابع المترو لا يقف في ميدان التحرير عام 2012 عن هيئة الكتاب
مارست العمل الصحفي في الصحافة الأدبية في العديد من البلدان العربية العراق ، الكويت ، السعودية ، قطر، الى أن جاء غزو العراق للكويت ، ثم كان الالتحاق بدار أخبار اليوم للعمل بجريدة أخبار الرياضة ، وعندما ظهرت اخبار الأدب دعاني الصديق العزيز و الروائي الكبير جمال الغيطانى لعمل باب اسمه وسط المدينة عن النميمة الثقافية وخفايا الوسط الأدبي ، ولم اتحمل العمل لستة اعداد فقررت العودة والاستقرار بأخبار الرياضة الى أن خرجت على المعاش 2020 ، عن عمر يناهز 66 سنة .
تخرجت في كلية الآداب – قسم اللغة العربية – جامعة القاهرة، عضو مشتغل بنقابة الصحفيين عضو باتحاد الكتاب – وعضو بمجلس إدارته في الدورة السابقة عضو مجلس أمناء جمعية مصطفى وعلى أمين (ليلة القدر(
نشرت قصائده في معظم الصحف والدوريات الثقافية والأدبية بمصر والوطن العربي. له مشاركات أدبية في الملتقيات والمؤتمرات الثقافية منذ مطلع السبعينيات خاصة مع صدور ديوانه الأول (الدوران حول الرأس الفارغ عام 1974،فاز بعدة جوائز أهمها جائزة مصر للشباب عام 1978مارس العمل الصحفي في العديد من الصحف والمجلات الأدبية في مصر والوطن العربي، واستقر في دار أخبار اليوم، حيث يعمل في جريدة أخبار الرياضة، كما أنه كان أحد مؤسسي مجلة (مصرية) التي كانت تصدر في مصر أوائل السبعينيات. .
ما هو في رأيكم التحدي الذي يواجه الشعر والشعراء؟
أنا شاعر اكتب قصيدة التفعيلة والتي تألقت في مصر على يد مجموعة كبيرة من الشعراء في فترة الستينات، وانتمى الى ما اصطلح عليه النقاد شعراء السبعينات ، رغم اعتراضي على موضوع المجايلة ، وكانت فترة شديدة الثراء والحراك ، وشهدت هذه الفترة تجربة مجلا الماستر حيث ساهمت في اصدار مجلة مصرية ، وكان أول أعمالي الشعرية عام 1974 الدورات حول الرأس الفارغ ، وانا منذ البدايات مهموم بالإنسان ،فعادة الشاعر لا يكتب لنفسه ، هو يكتب عن نفسه ومعبرا عن الاخرين ، وأنا منذ بداياتي مهموم بالإنسان وما يتعرض له من ظلم وقهر ، فأنا اعتبر نفسى لسان من ليس له قدرة على التعبير ، دائما ما أتحدث عنهم وبلسانهم ، ولذا تجد أننى منذ بداياتي مهموم بالقضايا الكبرى التي تشغل الانسان ليس في مصر فقط وليس في عالما العربي ولكن الانسان على وجه الكرة الارضية ، فأنا انطلق من الخاص الى العام الى الانسان في كل مكان يعيش على وجه هذه الارض ، ومهتم جدا بأن يصل ما اكتبه للقارئ ، وان يتفاعل معه ، ويهمني معرفة دائما ردود افعالهم ، وهل وصلت الرسالة التي أسعى الى نقلها عبر قصائدي وما أكتبه ، ولو نظرت الى أول أعمالي الشعرية ، تجدنا شديد الاهتمام بالإنسان وما يتعرض اليه وبشكل مطلق . .
هل تعتقد أن هناك فرصة لم تحسن استغلالها؟
أنا من أشد المؤمنين بأن كل شيء مكتوب في كتاب ، ويقوم الانسان بالسير في الطريق المرسوم له ، فكثيرا أجلس بيني وأسأل نفسى هل أنا سيرت ففي الطريق الصحيح ، هل وصلت الى الهدف الذى كنت احلم به والمكانة التي كنت اتمنى الوصول اليها ، عندما هجرت الشعر عام 1996 لم أكن اتخيل بأنني سوف أعود اليه مرة اخرى ، فلقد اصدرت من عام 1974 حتى 1996ست دواوين ثم توقف تماما عن الكتاب ، الى أن جاء يوم 7فبرير 2011 ، وعقب ثورة يناير لأكتب قصيدة المترو لا يقف في ميدان التحرير ، وانطلقت ففي الكتاب ولم اتوقف حتى اليوم فلقد اصدر من 2012 حتى اليوم 16 ديوانا ، فالفرصة التي لم احسن استغلالها أننى لم استثمر الضغوط التي تعرضت اليها من تجاهل النقاد لي وهجري للشعر ، فكان لابد من مواصلة الكتابة وعدم الانزواء ، لان فترة اختفائي والتي استمرت سبعه عشر عام ابعدتنا عن نظر النقاد البعض ظن اننى هاجرت خارج مصر والبعض الاخر ظن بأنني توفيت الى رحمة الله ، واحتجت مجهودا كبيرا حتى اعيد النقاد الى النظر الى تجربتي والحمد لله نجت في ذلك ففي عامين فقط كتب عنى ما يقرب من 150 دراسة نقدية وهو ما لم يحدث لأى شاعر من مقبل .
هل للنشر ضوابط غير الموهبة، وإجادة الكتابة؟ وأعني بذلك النشر الصحفي، والنشر لدى دور النشر؟
لابد ومن الضروري أن تكون هناك قواعد للنشر ، وعندما بدأنا في النشر في السبعينات كان القائمين على المجلات الأدبية نقاد كبار ، ولا يسمحون بنشر أي عمل دون المستوى ، فكان كل ما ينشر جيد ، وكذلك دور النشر الحكومية كانت تضم فاحصين على مستوى جيد ، اما الان فالأسف الشديد ومع انتشار دور النشر الخاصة ومن يملك المال دون الموهبة يمكنه ان ينشر خرجت علينا الكثير من الاعمال البعيدة كل البعد عن الموهبة
في رأيك هل هناك فارق ما بين الشعر العمودي، وشعر التفعيلة، وشعر الحداثة، وما بعد الحداثة، والهايكو؟ وما هو ميزان وضابط الإجادة؟
في رأي الشعر هو الشعر ،وانا لا اشغل بالى بتلك المسميات ، نحن اليوم نقرأ للعديد من فحول الشعراء العرب ، ونعود بين الحين والاخر لقراءة المعلقات ، ونمر على شعراء العصور التالية حتى اليوم ، فالشعر هو الشعر ومن الطبيعي أن تكثر المسميات ، قد نختلف حولها ، ولكن لا يمكننا أن نختلف على الشعر كقيمه انسانية ومعبر عن هموم الإنساني وطموحات احلامه مشاغله ، الشعر أكثر الفنون قربا من النفس البشرية ، وليس صحيح أننا نعيش فى زمن الرواية ، سيظل الإنسان يعيش في زمن الشعر الى أن يرث الله الارض وما عليها ، فليس المهم بكثرة المسميات ، المهم قيمه العمل الذى يصل الى الاذن ، ومنها يصل مباشرة الى الوجدان ؟
يرى البعض أن وسائل التواصل الاجتماعي وشبكة الانترنت ظلمت بعض الشعراء الموهوبين، وأنصفت غيرهم من أنصاف الموهوبين، فما رأيكم في هذا الأمر؟
نعم بسبب الغث الكثير الذى ينشر ويقع الملتقى في حيرة شديدة مما يصل اليه ، لأنه غير متخصص ولا يستطيع ان يفرق بين الغث والثمين ، الا بذائقة ، وعندما تقدم له الكثير من الغث ينخدع فيه ويظن انه هو الثمين ، ومن هنا ظلم الكثير من الشعراء الموهبين ، أمام سيل ما ينشر على شبكات التواصل الاجتماعي من أشياء لا قيمتها لها ، واصبحت الارض ممهده لأنصاف المواهب ، الكارثة الكبرى في أن هناك بعض النقاد من يروجون لهذه النماذج الرديئة
إلى أين يسير الشعر العربي في وقتنا هذا؟ وهل ترى أنه في تطور حقيقي؟
الشعر بخير ، وسيظل بخير ، طاما أن اللغة العربية لا زلنا نتحدث بها ، وسيظل اللغة العربية بخير لوجود كتاب الله القرآن الكريم ، وهو اما في مصاحف أو في الصدور ، فلا خوف على الشعر ، هناك العديد من الاسماء الشعرية في عالمنا العربي كالقابضين على الجمر ويقاتلون من أجل مواصل رسالة الشعر العربي ، ناهيك على محاولة سرقة الشعر العربي بالتغريب ودعاوى الحداثة ، وهذا لا يعنى ان الشعر لا يتطور ، فالمتابع الجيد لمسيرة الشعرى العربي يلمس مدى تطوره وفقا للعصر الذى ينتمى اليه ، ولكن هناك من يحاول أن يطمس الشاعرية العربية ، واعتقد بأنهم لم يقدروا .
ما النصيحة التي توجهها للمبتدئين من الشباب في الكتابة سواء أكانت شعرًا أم نثراً، وكيف يشقون طريقهم، ومتى يبدأون النشر، وكيف يصلون إلى التميز والظهور الحقيقي؟
النصيحة هي القراءة ، القراءة والواعية والاستيعاب والهضم ، والايمان بأن في كتاب الشعر رسالة سامية للإنسانية ، ولابد من اكتمال الادوات حتى يمكن لمن يكتب أن يكتب ذىء له قيمه ، ولا تكون عبارة على حبر على ورق
في نهاية الحوار هل يمكننا التعرف عن قرب عن الشاعر محمد الشحات
ولدت في قرية الضهرية( نسبة الى الظاهر بيبرس ) التابعة لمركز شربين محافظة الدقهلية 1954والتي تقع على فرع دمياط من نهر النيل العظيم ، سبع سنوات أو أقل قليلا عشتها في القرية ، كانت البدايات في كتاب الشيخ عديس لطفل توفى والده وهو يبلغ من العمر ستة أشهر وتركه مع أخته التي تكبره بسنوات قليلة وزوجة لا زالت في ريعان شبابها ، وأخيه من أبيه رجل وامرأتان ، ولان العائلة كلها لا تعمل في الفلاحة فهم من طائف البنائين كان من السهل الانتقال الى القاهرة ، وعندما رزقت اختي الكبرى غير الشقيقة بتوأم كان لزاما أن تصحب اختى معها الى القاهرة لمساعدتها في تربيتهم ، ولم تتحمل امى غياب ابنتها عنها فقررت السفر الى القاهرة والعيش بها.
عندما تعيش يتيما تختلف كثيرا عن اقرانك من يعيشون مع ابيهم وامهم ، فهناك شعور دائما بأنك في هذه الحياة بلا أي سند ، والاخ الاكبر لم يقم بدور الأب نظرا لوجود عدد كبير من أولاده ، وتحملت الأم تربية الابن واخته ، والحياة في كنف اختها الكبرى ، الأمر الذى يلزم على هذا الولد ان يعمل وهو فى سن مبكرة الى جانب الدراسة ، ومن أجل أن يتغلب على طول المشاوير وما يحمله من أثقال كان يقوم بالغناء ، ولكنه لم يكن يردد الأغاني المعروفة المطربين فى ذلك الوقت ، بل كان يقوم بتأليف كلمات مموسقة يغنيها ظنا منه بأنه يمتلك صوتا عذيا ، وظل على هذه الحالة لسنوات ،
كانت بداية حياة الطفل الصغير فى حى السيدة زينب وقد اكسبته الحياة فى هذا الحى الشعبي الكثير من الأشياء البديعه، فكثيرا ما كان يقضي الكثير من الوقت لمراقبة زوار ام هاشم ثم الانتقال الى سور الكتب القديم بالميدان والذى كان يضم الكثير من المكتبات ومن هنا بدأ تعلق الفنى بالكتب ، فكان يقوم بشراء الكتب كثيرة الصور وتقوم بتقطيعها لعمل البومات ، وكان فى حى السيدة زينب أربع سينمات الأولى الشرق وكانت خاصة بالافلام الاجنبية والأهلي والهلال للافلام العربية ، ام سينما ايزيس فكانت تمزج بين العربية والاجنبية ، ومن هنا بدأ تتكون لدى الولد الصغير ذاكرة سينمائية وعشق خاص للصورة المتحركة ، بعد أن ظل لسنوات طويلة يتعامل مع الصور الثابتة
.