قصة قصيرة
كان دائما ينعت زوجته بالغبية القبيحة رغم أنه انجب منها ثلاث أطفال فارس سبع سنوات وأحمد خمس سنوات ورقية ثلاثة أشهر .أصيبت زوجته بمرض غريب جعلها طريحة الفراش لشهور .بالكاد تستطيع خدمة أطفالها ورعايتهم لم يرق قلبه لها يوما بل راح يستهزاء بمرضها ويتهمها بالتمارض حتى أنه لم يفكر يوما أن يذهب بها إلى طبيب مشهور يشخص حالتها ويفحصها جيدا .بل كان يتركها تذهب للوحدة الصحية التي لا تكلفه جنيها واحدا على الرغم من أنه ميسور الحال جدا .وبالطبع لم تكن تلك الوحدة الصغيرة تمتلك مقومات اكتشاف مرضها الغريب .بل الاكثر من ذلك أنه كثرا ما كان يطلق أمامها الضحكات ويتمنى موتها حتى يتزوج من واحدة أجمل منها وكانت تتقبل كل هذا بابتسامة تخفي خلفها حزن يعتصر قلبها .فهو لا يعلم كم أحبته فهو في عينيها أجمل انسان رغم قبحه الداخلي الذي لا يختلف كثيرا عن ذاك الخارجي .يكفي انه شاركها ثلاث ثمرات من بطنها . استيقظ ذات يوم علي برودة جسدها بجواره رغم حرارة تلك الليلة الصيفية .يا الهي لقت توفيت بالفعل .نظر إلى وجهها ليجدها اجمل ما رات عينه من النساء .كيف لم يراها هكذا من قبل .اين القبح الذي كان يراه في هذا الوجه الملائكي .اين ذهب الغباء ووجهها النائم يشع نورا .هل ماتت بالفعل .هل هذا ما كنت أتمناه .كم كنت حقير .كم مرة أطلقت السباب في وجهها وتركت الطعام الذي أعدته بعد ساعات طويلة داخل مطبخها في نهار صيفي حار .كيف كنت أقول إنه ليس بالجيد وهو اشهى ما نزل جوفي .لماذا يعتصر قلبي الان هكذا .لماذا لم أخبرها انني كنت احبها حبا جما .لماذا كل تلك المشاعر تقطع فؤادي الان بعد فوات الاوان .لماذا لا تعود ولو لساعه واحدة أخبرها بكل شي .لماذا كنت بخيل معها إلى هذه الدرجه وانا الذي لم اكن هكذا يوما حتى مع أعدائي فكم بالحري زوجتي وام أبنائي .لماذا نعيش طوال اعمارنا مغيبون ولا نرى الحقيقة إلا على اعتاب المقابر .كم كنت غبيا وقبيحا وكانت هي بيضاء نقية من الخارج والداخل .كيف كانت قبيحة وانجبت لي ثلاثة أطفال مثل الملائكه في جمالهم .كيف كانت غبية والكل يشهد لها بحسن التدبير والتربية .إلا أنا . ودعتها على باب المقبرة وأنا أحمل صغيرتي رقية على يدي ويالها من لحظة توقف عندها الزمن وتمنيت لو صفعني أحدهم على وجهي وأخبرني أن ذلك كابوس مفزع .لاحتضنته وقبلته وهرولت ناحيتها وحملتها على كتفي وطرت بها إلى أكبر طبيب يدواي اوجاعها .ولكن هذا ليس كابوس بل أنا اقف بالفعل أمام قبرها واستمع لصوت صراخ صغيرتي تناديها وكأنها علمت هي الأخرى أنها لن تراها بعد .احتضنت أبنائي وعدت إلى المنزل الذي وجدت نفسي غريبا بداخله لا اعلم عنه شي فكل تفاصيله كانت هي تحفظها عن ظهر قلب كنت فقط .أامر واطاع .اطلب ويستجاب لي .تركتني مثل طفل صغير تأه عن أمه في سوق مزدحم في الصين الشعبية ..لا ادري ماذا افعل لهذا الذي يريد طعام وهذا الذي يريد أن يستحم ولا تلك الرضيعة التي لا اعرف سبب صراخها .لفت انتباهي حجاب صغير معلق في رقبة رضيعتي .لا اعلم لماذا فتحته ولكن هذا ما حدث .لأجد بداخله ورقه صغيرة فتحتها على عجل وروحت التهم سطورها .التي تقول : كم تمنيت أن تقراء هذه القصاصة في حياتي لتعلم كم كنت احبك ولتعلم أنني لم اكرهك يوما بل كنت اعتبر سبابك لي شفيعا يوم القيامة مثلما سيكون مرض السرطان الذي راح ينهش جسدي شفيعا هو الآخر ولكن طلبي الوحيد أن تهتم باولادنا ستجد أسفل الوسادة كتيب صغير سيساعدك على رعايه أطفالنا حتى ترزق بزوجة تكون لهم أما عوضا عني . أغلقت القصاصة وقبلتها ووضعتها في جيبي ونظرت لأبنائي الثلاثة اللذين يقفوا امامي الآن وقد مر علي فراق زوجتي عشرون عاما وأصبح أبنائي الثلاثة أطباء .ومازلت اتبع نصائحها التي سطرتها بيدها في الكتيب الصغير وأصبحت انا لهم الأم البديلة لا لاعوضهم عن امهم بل لاعوضها هي عن ما فعلته معها .فهي لا تعوض وهي ليست قبيحة ولا غبية