“الهوية السرديّة تتيح تجاوز التعارض بين الهوية المفروض والهوية المختارة” ترجمة بثينة هرماسي

شارك مع أصدقائك

Loading

 

 

“كل انسان يصنع ذاته مما فُعل به”
جان بول سارتر
__________
“الهوية الشخصية بحث مستمر وليس معطى”
“الإنسان هو كائن قادر على اعادة سرد ذاته
بطريقة مختلفة عما كان عليه”
“الهوية السرديّة تتيح تجاوز التعارض بين الهوية المفروض والهوية المختارة”
بول ريكور
« Chaque homme est ce qu’il fait de ce que l’on a fait de lui. »
jean-paul sartre.
« L’identité personnelle est une quête, non une donnée. »
« L’homme est l’être capable de se raconter autrement qu’il ne l’a été. »
« L’identité narrative permet de surmonter l’opposition entre identité subie et identité choisie. »
Paul Ricoeur
أوّل سؤال يتبادر إلى الذهن
1. هل الهوية تُصنع بالكامل من الأفعال أم أن لها عمقًا غير مرئي؟
• سارتر: يرى أن الأفعال وحدها تحدد الهوية، مما يعني أن ما يفعله الإنسان في كل لحظة هو ما يحدد ذاته.
• ريكور: يشير إلى أن الأفعال ليست كل شيء؛ هناك أيضًا النية، الذكريات، التأويلات، والقصص التي نرويها لأنفسنا. أي أن الإنسان ليس فقط ما يفعله، بل أيضًا كيف يفهم نفسه ويروي قصته.
نقد سارتر في هذا السياق:
• إذا كانت الهوية مجرد نتيجة للأفعال، فكيف نفسر التغيرات العميقة في شخصية الإنسان؟
هل يمكن لشخص أن يصبح “آخر” تمامًا لمجرد أنه بدأ يتصرف بطريقة مختلفة؟
• ماذا عن الحالات التي لا يستطيع فيها الإنسان ممارسة حريته بالكامل (مثل الأسر، المرض، أو الصدمات النفسية)؟ هل يفقد هويته؟
نقد ريكور في هذا السياق:
• التركيز على السرد قد يجعل الهوية تبدو غير حاسمة، وكأن الإنسان يعيش فقط في تأويل دائم دون جوهر ثابت.
• كما أن فكرة “إعادة سرد الذات” قد تؤدي إلى تلاعب الذات بحقيقتها، حيث يمكن للإنسان أن يعيد تفسير حياته بشكل يخدم صورته الذاتية بدلاً من مواجهتها بصدق.
والسوال الثاني الذي يمكن طرحه
2. ماهي العلاقة بين الهوية والمسؤولية
• سارتر: يؤكد على المسؤولية المطلقة، أي أن الإنسان لا يستطيع التذرع بالظروف لتبرير ما هو عليه.
• ريكور: يرى أن المسؤولية مركبة، لأنها تشمل أيضًا كيف يفسر الإنسان حياته وكيف يرويها، وليس فقط ما يفعله.
تأثير ذلك على الأخلاق والعدالة
• إذا طبقنا فكرة سارتر على العدالة الاجتماعية، فهذا يعني أنه لا يوجد “ضحايا” بالمعنى الكامل، لأن كل إنسان مسؤول عن مصيره.
• أما ريكور، فيتيح مساحة لفهم الظروف والتاريخ الشخصي للإنسان، مما يجعله أكثر انفتاحًا على فكرة الهوية المتأثرة بالمجتمع والتاريخ وليس فقط الاختيار الفردي.
3. البعد العاطفي والنفسي للهوية:
• سارتر: يركز على الفعل، لكنه لا يعطي أهمية كبيرة للعواطف والانفعالات في تكوين الهوية.
• ريكور: يرى أن الهوية السردية تشمل أيضًا المشاعر، الألم، الأمل، والأسى، أي أن الطريقة التي نحس بها تجاه أنفسنا هي جزء من هويتنا.
لماذا هذا مهم؟
• هل يمكن اختزال هوية الإنسان فقط فيما يفعله، دون النظر إلى كيف يشعر حيال ذاته؟
• التجارب العاطفية العميقة (مثل الحب، الفقدان، الحنين) تؤثر على الهوية بقدر ما تؤثر الأفعال، وهو ما يعطي لرؤية ريكور بعدًا أكثر إنسانية.
4. هل الهوية ثابتة أم متغيرة؟
• سارتر: يركز على الحاضر، مما يجعل الهوية متغيرة بشكل جذري في كل لحظة.
• ريكور: يدمج الماضي مع الحاضر، مما يجعل الهوية امتدادًا زمنيًا بدلاً من كونها مجرد لحظة راهنة.
إشكالية سارتر في هذا السياق
• إذا كان الإنسان لا يُحدد إلا في اللحظة الحاضرة، فكيف يمكننا القول إن لدينا “هوية” أصلاً؟ ألا يعني هذا أننا أشخاص مختلفون في كل لحظة؟
إشكالية ريكور في هذا السياق
• إذا كانت الهوية مبنية على السرد، فهل يمكن للإنسان أن “يعيد اختراع” نفسه بشكل غير واقعي، بحيث يعيش في قصة لا تعكس حقيقته؟
• رؤية سارتر تؤكد أن الإنسان يصنع هويته بالكامل من خلال أفعاله واختياراته، مما يمنحه حرية مطلقة لكنه يحمله أيضًا مسؤولية ثقيلة، إذ لا يمكنه تبرير نفسه بالظروف أو الماضي.
• رؤية ريكور تضيف بعدًا أكثر تعقيدًا: الإنسان لا يصنع هويته فقط من خلال أفعاله، بل أيضًا من خلال تفسيره لهذه الأفعال وربطها بسرد شخصي يتغير عبر الزمن. هذا لا يعني أن الإنسان “محكوم” بالماضي، بل أن هويته تنشأ في حوار بين الحرية الفردية والذاكرة والتجربة.
أي الرؤيتين أقرب إلى الواقع؟:
• إذا أخذنا برؤية سارتر وحدها، فقد نغفل تأثير التجربة والتاريخ الشخصي في تشكيل الذات.
• وإذا تمسكنا فقط برؤية ريكور، فقد نميل إلى تصور الهوية كعملية تأويلية لا نهائية، مما قد يجعلها تبدو غير مستقرة.
إذن، الحل ربما يكمن في التوازن بين الرؤيتين:
• نحن لسنا محكومين بالماضي، لكننا لا ننفصل عنه تمامًا.
• نصنع أنفسنا من خلال أفعالنا، لكننا أيضًا نعيد تأويل حياتنا ونبني هويتنا عبر الزمن.
• الحرية موجودة، لكنها ليست مطلقة، بل تتشكل داخل شبكة من التجارب والتفسيرات والعلاقات مع الآخر.
بالتالي، الهوية ليست مجرد فعل (كما عند سارتر) وليست مجرد سرد وتأويل (كما عند ريكور)، بل هي مزيج ديناميكي بين الاثنين: بين الاختيار والذاكرة، بين القرار والتفسير، بين الحرية والتاريخ….
_____

 

شارك مع أصدقائك