محاولة للوصول إلى بيروت من بيروت
قصيدة إلى سركون بولص
هل كان عليَّ أن أخرج اليوم لأمسّد
بأصابعي الصغيرة قذيفةَ الأعداء
أن أذهب في طريق يذوب إسفلتها مستعيداً
عمَّالَ منجمه الذين تناثروا
بديناميت
مستعيداً عميانه، وبوهمييّن قدامى
يراقبون انسلاخَ الأرض عن جلدها
كقرصان محروق
هل كان عليَّ أن أخرج لأذهب إليكِ
بعد موت آخر أرساغي، وقدميّ، ويديَّ المتعانقتين
كعريسين أُطلِقَ عليهما الرصاصُ قبل المساء
بعد أن جُرِّدتُ من أسلحتي جميعها في وادٍ
يلعب فيه المغول،
وأذهب إليكِ الآن، أحاول أن أذهب إليكِ
بما بقي لي:
فكُّ مدروزة بالرصاص
نُصبتْ علامةً للجنود في وقت فراغهم
رأسٌ يوضع عادةً فوق كتفين كفلّينة تقاوم حوتاً في رأس صنَّارة
ذراعٌ لا تستطيع التلويح
قريةٌ بعيدة، بعيدة جداً
انبثقتْ ذات يوم من دخان السطوح
وشجرة
تزيّنها ابتساماتُ الغربان.
أحاول أن أذهب إليكِ
وذلك لا يستدعي سوى رحلة بسيطة:
نزهةِ رصاصة
بين التباريس وشارع الحمراء
لكنَّ ضفَّتيك مفصولتان ببحر لامع من المتفجرات
وحرّاس بابك يركلونني، فأتدحرج
أتدحرج
بلا قرار.
فرس على الباب
هل يجب أن يطول هذا إلى ما لا نهاية؟
الهواء
الإشارة الأبدية
واليد التي فلتتْ خلسةً مني؟
في البدء،
ماذا كنت أريد في البدء
حين أُخذت على حين غرَّة بحياةٍ
لا تزال تلطم حوافرها على بابي
حين رأيتُ، أو ظننت أني أرى
رملاً
سيكون في آخر المطاف لؤلؤةً قلتُ
ونمتُ من التعب أخيراً
على ظهر باخرة
تنقل حمولةَ عظامي.
جُننتُ
وجُننتُ ثم
جُننتُ
كواحد دوَّره التدحرج
في تفسُّخات الأرض
كجمجمةٍ في أطلسٍ مهملٍ
وسحريٍّ كمنيٍ مقذوف
وفيه جمجمة!
هل كان يجب أن يطول هذا إلى ما لا نهاية؟
على بعد خطوة
بضربةِ سكّينٍ حاد
ربما ينشطر الغشاء هذه المرَّة
وتخرج الخيولُ من دمي
العروقُ مستلقية كجريمةٍ مهمَلَة
وعلى بُعد خطوة
انزلاق بسيط يمكن أن يُحدثَ المعجزات
فالمعجزات
زلَّة قدم.
على بُعد خطوة
المعمل فوق القناة
فيه إصلاحات بلا نهاية
وسكارى تحت الرذاذ
يعبثون بأصابعهم
على بعد خطوة
عاهرة الميناء
حيث تغتسل ثيابُ التاريخ
وتُنشر على الحافة
وجميعُ الرجال يرفعون البنادق
لوضع نقطة.
المشهد
هذا هو المشهد
مع شيء من الإثارة لامرأة
تحبل في وسط الشارع
ورأس على الرصيف لا يتسلَّمه أحد
وبين وقت وآخر
يد
فارغة
وسائق يحاول
تحريك فمه.