أفراح الجبالي
تونس
كَائناتُ فرانثِيسكو غُويَا تَلتهِمُ لَوحةَ الأرض
—–
إنَّها المَجَاعة…
قُطَّاعُ الطُرق في مَداخِل المَدينة…
المُقاتِلون والغُزاةُ يَعترضونكَ أيَّها العَجوز…
الشِّتاءُ وثَّابُ الكَعبَين… عَلى الأرجَح كان لسِيميَائي سِلسلةٌ طويلة
مِثلما للسُّجَناء
والسُّجناءُ أيضا، كانوا لا يَعرِفون الطَّريق…
مُقيَّدٌ الصَّليلُ الجافُّ، ( يَشتاقُ إلى اللاَّمرئي ) مِثلَهم في الظَّمإ يَعبُرُ و يَعبُرون جَبَلا رِيفيًّا.
الشَّيطانُ المُجنَّح يَعترِضُكَ فوق مَرَد العُشب
و يَكتُبُ ذِئْبٌ القَائمةَ على رُكبتَيْه… وفارِغةٌ هيَ الظِّلال
لِتُمرِّغَ في تُرابِها هَياجَ الطُّفالِ الرَّمليّ
اِغْرِفْ الرِّيح!
إنَّها تَتجوَّلُ حَولَ البَيت… بَيتِنا… بَيتِ الرَّجُلِ الأصَمّ*
إنَّهُم لا يَعرِفون الطَّريق
سِلسِلةٌ، تِلك، طَويلة، مِن النَّاس الجَوعَى
و امرأتَان وطِفلٌ يَجتمِعون ورَاء الأنقاض، لوَضْع امرأةٍ ثالثة
على الأرضِ، لتَرتاح.
أسقُطُ أكثَرَ فأكثَر
في وَحيدةٍ تَبكِيهم .
مِن الصَّعبِ أن نَتمزَّق أكثَر اليَوم، وُجوهُهم المُتأذِّية تتسلَّل مِن نَوافِذي
تَمضِي بَين عَشراتِ الجُثث المَلفوفة حَتَّى الأحمَر
حُزنِ التَّلَّة
أبَتَاه!
ما يَتحوَّلُ عَجُوزا تَملِكُ مُديَةً تَركُض كالخُيُول
تَسلَّقتْ الجُدران
تَحوَّلتْ إلى مِلْح
بينَما البَشَرُ على جُذوعِ الأشجَار
شظايا نَحتٍ رُخامِيّ
حَطَّمتْ الدَّليل أنَّه لا يَدفِنُها المطَرُ… لا بأسَ بالمَطَر…
فِرَقُ إطلاقِ النَّار: الرُّوحُ المُدخَّنة المُزوْبِعة…
هَواجِسُ حَزينة لِما يَبدُو*…
على مَدخل الغابة
عِندَ بابِ المَغارة
أسمَعُ السُّجَناءَ يَرسمُون على الحَامِل :
الطِّفْل،
لَوحةَ الإعدام، لذِكرَى أعصابِ المَاء…
أتحسَّسُ الحَمأَ
( عادةَ النِّساء ) عُشِّ كُلِّ ما يُقطَّعُ… تَلبَّسَ النَّازِحون بالخَوفِ وأنتَ تَبكي… أَحدُهُم يأكُلُ أبناءَه…
و عَجُوزانِ مُتعَبَان في الحُشُود…
أَخبَرَنِي الخُلدُ : مُوتِي!
على مَدخل الغابة
عِندَ بابِ المَغارة
أتحَسَّسُ المادَّةَ المَسمُومةَ مِن عُشٍّ لَزج: الرَّصَاصُ ضِدِّي يا حَبيبي
قالتْ لي الصُّقُور : اِرحَلي. واستَرسَلتْ في عُواء النَّاس
استَرسَلتْ في عُواء كَتِيم ، خَلا مِن سِرِّه…
مُسطَّحةٌ الحِيطانُ ، هذه، وكَفُّ الهَيَاجِ القَدِيم ذاتُ المِرجَلِ المُظلِم
بَقايا الجَمرِ اللَّزِجة أصناف مِن هواء صغِير يَتأرجَح
على رأسٍ
على وَشَك أنْ يُقطَع
وَقعَتْ جَريمةُ قَتلِه
عَلى ظَهري
مُلقاة
في هَالةٍ مِن الضَّوء -قَبلَ تَجمُّعِ المُقنَّعِين- مُلقاة
و فرَاثِيسكُو
يَستَحِمُّ في حَقيقةِ الرَّسم
في السِّلسِلةِ السَّوداء : يَحتَضنُ اسمَ الأترُوبُوس*
و يَقطعُ خَيطِي
—–
—
تنويه:
*فرانثِيسكو غُويَا: رسّام إسباني أنجز لوحات مهمّة في تاريخ الرسم. بلغ ذروة شهرته في شبابه ثمّ داهمه المرض فجأة و فقد السمع وانسحب من الحياة العامة، وخلال تلك المحنة رسم أعظم لوحاته و نقيشاته، سبق بأعماله خيالات السورياليين بعدة عقود وكان ملهما لفنانين جاؤوا بعده
*بَيتِ الرَّجُلِ الأصَمّ: اسم البيت الذي أقام فيه غويا، حيث أنجز لوحاته على الجدران مباشرة
*هَواجِسُ حَزينة لِما يَبدُو: Tristes presentimientos de lo que ha de acontecer
لوحة من إنجاز غُويا من مجموعة تُصوِّر أهوال الحرب
*لوحة الأترُوبُوس: عمل للفنان غُويا