ترجمة: باسمة العابد
لقد حصل هنري ماتيس العظيم على الذهب في سنواته الأخيرة، عندما اكتشف القوة السحرية لقطع الورق المتواضع. كان للفنان الفرنسي هنري ماتيس في القرن العشرين مسيرة مهنية غزيرة الإنتاج امتدت إلى مجموعة كبيرة من الأساليب، ولكن ربما كانت المرحلة الأكثر شهرة وثورية في مسيرة هذا الرائد العظيم في سنواته الأخيرة، عندما بدأ في صنع قصاصات ورق غنية بالألوان باستخدام ورق ومقص متواضعين. لقد كانت هذه القصاصات الورقية البسيطة بشكل مخادع نتيجة لعملية مخصصة قام بها الفنان بعناية مع مرور الوقت بمساعدة مساعدي الاستوديو. نناقش هنا التقنيات التي طورها ماتيس لتسخير عجائب الورق الملون. قيام مساعديه بالرسم على مساحات من الورق بدلاً من الاعتماد على الورق الملون، قام هنري ماتيس بصنع قصاصات الورق باستخدام أوراق مرسومة يدوياً بعناية. وهذا يعني أن ماتيس يمكنه اختيار الألوان الدقيقة التي يريد العمل بها، بدلاً من الاعتماد على منتج يتم إنتاجه بكميات كبيرة. وهذا يعني أيضًا أنه يمكنه اللعب بأسطح مختلفة. في بعض الأحيان، كان لأوراقه المرسومة سطح مرسوم بشكل متعمد، وفي أحيان أخرى كانت ناعمة. استخدم ماتيس مساعديه في الاستوديو لقص أوراق بأحجام مختلفة من اللفة. ثم قاموا بالطلاء على هذه الألواح باستخدام طلاء الغواش، وهو وسيلة مائية سريعة الجفاف تجف بلمسة نهائية معتمة. اختار ماتيس ألوان الغواش هذه بعناية من دور التوريد في باريس ونيس، حيث اختار الألوان الأكثر حيوية وجاذبية. قص ماتيس للورق بالمقص وعندما تجف الورقة، يقوم ماتيس بترتيب عدة أوراق على الأرض أمامه، ويبدأ بقطعة عشوائية، ثم يبدأ في تقطيع الورقة بالمقص، ويترك القطع المتبقية تسقط على الأرض. تظهر الصور والأفلام التي يظهر فيها ماتيس وهو يصنع قصاصات الورق وهو يعمل بمقص كبير. لكن الفحص الدقيق لعمله يظهر أنه كان سيستخدم مجموعة متنوعة من الشفرات ذات الأحجام المختلفة. صنع ماتيس بعض تصميماته الورقية من ورقة واحدة فقط، بينما قام ببناء تصميمات أخرى من سلسلة من الأشكال الأصغر. كان هدفه النهائي هو التقاط جوهر الشكل من خلال سلسلة من الأشكال الأنيقة والمكررة. استغرقت العملية، التي أطلق عليها “الرسم بالمقص”، وقتًا وتفانيًا وصبرًا. استخدام الدبابيس لربط قطع الورق على الرغم من أن قصاصات الورق التي رسمها ماتيس تحمل شعورًا جديدًا وعفويًا، إلا أنها كانت في الواقع جزءًا من عملية دقيقة ومدروسة تضمنت اتخاذ قرارات معقدة. كان ماتيس يقوم بتثبيت قطع من الورق مؤقتًا في مكانها باستخدام مسامير الإبهام أو دبابيس الخياطة أو حتى المسامير الرفيعة. سمح له استخدام المسامير بدلاً من الغراء بتحريك القطع بسهولة حتى أصبح سعيدًا بالتصميم النهائي. إذا نظرت عن كثب، ستجد أن ماتيس ترك دليلاً على علامات الدبوس هذه في العديد من قصاصات الورق الخاصة به. غالبًا ما كانت لديه لوحة رسم متكئة على حجره خلال هذه المرحلة، مع ورقة خلفية، ويمكن وضع قطع الورق الملونة بترتيبات مختلفة على هذا السطح. يقوم ماتيس بلصق الورق باستخدام “اللصق الموضعي” بمجرد أن أصبح ماتيس جاهزًا للصق قصاصات الورق، استخدم عملية تُعرف باسم “اللصق الموضعي”. تم وضع بقع صغيرة أو غمسات من الغراء على الجزء الخلفي من قصاصات الورق وإرفاقها بورقة خلفية. سمحت طريقة العمل هذه للقطع المقطوعة بالارتفاع قليلاً هنا وهناك من الخلفية، مما منحها شكلاً جديدًا وحيويًا ونحتيًا تقريبًا. كان أسلوب العرض هذا مهمًا بالنسبة لماتيس، لأنه يعني أنه عندما يتم نقل قصاصاته وعرضها في مساحات المعرض، فإنها لا تزال تحتفظ بالعفوية غير الرسمية التي كانت تتمتع بها من قبل أثناء تعليقها على الأرضيات والألواح والجدران في الاستوديو المنزلي الخاص به في نيس.