د.قاسم حسين صالح
تنويه:
قرر البرلمان العراقي هذا اليوم( الثلاثاء 3/9/24) تأجيل التصويت على تعديل قانون الأحوال الشخصية الى الأسبوع القادم،وكان فيه فريقان: داعم للتعديل ،ورافض له..وعنونت الشرق الأوسط ما حصل اليوم:(موجة غضب تجبر برلمان العراق على تأجيل» الأحوال الشخصية»).ويأتي هذا بفعل عاصفة انتقادات من قوى مدنية ، وتفاعل آلاف الناشطين العراقيين مع حملة مناهضة التعديل، ومقالات اكاديميين ومفكرين عراقيين في الصحف العراقية والعربية، ولقاءات تلفزيونية..وكانت لنا ثلاثة مقالات في جرائد الزمان والمدى والعرب ، وساعتان في ندوة عبر منصة منبر حوار التنوير من المانيا بثت عالميا قبل ثلاثة ايام.
لماذا الرفض للتعديل؟
لأن اخطر ما فيه انه يبيح تزويج البنت بعمر تسع سنوات..ولهم نقول:
تؤكد الدراسات الطبية والسيكولوجية ان لزواج القاصر اضرارا فادحة،ليس فقط لعدم اكتمال نضجها البيولوجي والفكري،بل ولأنه غالبا ما ينتهي بالطلاق لعدم ادراك القاصر لمسؤولية الزواج. والأخطر سيكولوجيا ان الفتاة ترتعب من حصول الدورة الشهرية لديها ورؤيتها للدم،فكيف لطفلة بعمر التاسعة تفض بكارتها بعمل لا تجد له تفسيرا سوى انه عدوان عليها يترتب عليه كرهها للرجل والزواج والعملية الجنسية التي تتحول لديها من متعة الى قسوة بشعة!..ستفهمه فيما بعد بأنه كان اغتصابا واستعبادا.
وثانيا: ان ما يحصل الآن ليس مقتصرا على تداعيات هذا التعديل بل هو صراع مصير بين ان يكون العراق دولة مدنية..السيادة فيها للقانون، وبين ان يكون دولة دينية السيادة فيها لرجل الدين.
بمعنى ..اذا اقر تعديل قانون الأحوال الشخصية ،فأنه سوف لن يكون هناك اي فعل للقانون ، وستكون الكلمة العليا لرجل الدين وليس للقاضي. ليس هذا فقط بل أن المرأة ستكون جارية فعلا اذا اقر التعديل ، لا رأي لها في مصيرها ولا حق لها في اي قرار .مثال ذلك اذا حصل خلاف بين الزوج والزوجة واختارت القانون واشتكت على زوجها في المحكمة فان القاضي يسأل الرجل عن مذهبه، فان اجاب انه جعفري مثلا فانه يقضي بما يقره المذهب وليس بما يقره القانون.
تعطيل قانون
شيء اخر، لا يوجد عقاب بموجب التعديل لمن لا يعقد في المحكمة ، لانه يعتبر عقد رجل الدين هو الاساس..ما يعني تعطيل القانون بل انهيار المؤسسة القضائية.
مبارك للناشطات والناشطين الذي تظاهروا وحملوا اللافتات المنددة بالتعديل، والأهم ..ان على القوى المدنية والتقدمية والدينية المعتدلة والناشطات والناشطين مواصلة التظاهرات ،واستثمار حقيقة، ان سيكولوجيا..الحكام الفاشلين الذين لم يحققوا انجازا واحدا لصالح الوطن والمواطن طوال عشرين سنة..انهم يعمدون لخلق الأزمات كي يلهوا الشعب عن الخلاص منهم.. آخرها تعديل قانون الأحوال الشخصية، والمطلوب استثمار هذه في تظاهراتهم وشعاراتهم..ففي فضح فشلهم السياسي وسوء ادارتهم لشؤون الناس، وافقارهم الملايين في بلد يعد الأغنى بالمنطقة..ما يجعلهم ضعفاء امام حقكم المشروع برفض تعديل قانون الأحوال الشخصية ، الذي كان يعد هو الأفضل على صعيد الدول العربية.