حوار مع الشاعر بدوي الحاج

شارك مع أصدقائك

Loading

حاورته علا بياض

بدوي الحاج

المهندس والأديب العِصاميّ

….

الشاعر اللبناني الأسترالي بدوي الحاج من الشعراء المتميزين في الساحة الشِّعرية، شاعر خلوق ومبدع يمتلك موهبة قوية استطاع من خلالها  أن يصل إلى القلوب، ويصوغ أجمل الحروف، ويلامس المشاعر والأحاسيس ، شعره خفيف كَريش السحاب، وبهيّ كقطرة مُزْن .الشّعر ضالّته ومنَاطَ حياته، مسكونا بهاجس الشعر مغمورا بسحره  كما لو أنه طائر فينيق متوقد ومتجدد، يَتغذّى عالمه الشعري من مسقط رأسه لبنان ومن بلدته أرده الحالمة “تسافر إليه وهو يسافر إليها”  يأبى مغادرتها والابتعاد عنها، ذكرياته متجذرة فتنبثق القصيدة من الأعماق مبللة بالحب والعشق والأمان..

بدوي الحاج رجل عصاميّ تحدى المستحيل وتحمَّل الكثير من المشاق وهو شاب يافع  مع هجرته الى أستراليا و بين استكمال دراسته وتخرجه من كلية الهندسة،  قاوم هذه التحديات وتحقق له ما أراد بحكم إرادته الصلبة وعزيمته التي لا تلين .

من خلال كتاباته نتبين أن بدوي الحاج “عاشق صامت” يسرح بخياله ويطلق له العنان في حقول من الصوَر والألوان والحواس والمشاعر التي تفتح له عوالم شتّى، عوالم مفتوحة بدورها على اللغة التي هي عشقه وغايته المنشودة .

شغف بدوي الحاج بالكتابة  بدأ منذ نعومة أظافره وهو في الرابعة عشرة من عمره ، وكان  من الذين اتجهوا منذ مرحلة مبكرة إلى الكتابة في الصحف، إذ وجدها نافذة لأحلامه التي لم تعرف التوقف عن التحليق يوماً .

عشق اللغة العربية بجماليّاتها، آفاقها، ألغازها، ورموزها، تتلمذ  وتأثر بِفكر الكثيرين من الأدباء والشعراء . شِعراً تأثَّر بِالعِراقي الكبير بدر شاكر السّياب، نثراً بالأديب والمُفَكّر سعيد تقيّ الدّين وبأسلوبه السهل المُمتَنع .

أنهى بدوي الحاج علومه الثانوية في مدرسة الآباء الكرمليين /مجدليا، مُتخَرّجاً من صف  الرياضيات عا   1988. دخل كلية الهندسة في الجامعة اللبنانية /طرابلس  ومن ثم هاجر الى سدني في أوائل عام  1990 ، حيث عمل في الصحافة المهجرية والإعلام وفي الوقت عينه دخل كلية الهندسة لمتابعة تحصيله الجامعي .

تخرج مجازا في الهندسة المدنية من جامعات سيدني عام  1997، عمل في الهندسة في كبرى الشركات حتى تأسيسه شركته الخاصة في المقاولات والبناء.

عضو في نقابتي الهندسة في استراليا ولبنان . حائز على  عدة جوائز تقديرية في الأدب والشعر ،آخرها قلادة الجواهري عن القصيدة النثرية لعام 2023  .

إصداراته

“… ولو بعد حين ”  /إصدار خاص 2014

“قامات في فراغ أبيض” / دار نلسن للنشر 2016

“لاهثاً يبتلع الهواء”/ دار المؤلف للنشر 2017

“مائل الى عطش” / دار المؤلف للنشر 2019

“أنا لم أكن أنا” / دار المؤلف للنشر 2023

يصف الشاعر  بدوي الحاج نفسه أنه “هاوي” شِعر وهو يكتب الشِعر الحديث ويشير إلى  أنَّ الشعر هو نوع واحد مع التركيز على  أهداف الكتابه، لأنه يؤمن  برسالة  الفكر والانفتاح  على الفضاء الروحي للإنسان والتغلغل إلى الأعماق ، ومخاطبة أفكار وإحساس القارىء .

” الشّعر هو كل ما كُتِبَ بِخيال وصورة ووَصف واحساس ولُغَة نَضِرة تَنساب انسياب النّهر في سَكينة الغابات . الشِعر هو لوحة فنية بكل تفاصيلها وألوانها وحتى في غموضِها وخصوصيتها ” .

وكلمة أخيرة للشاعر والمهندس بدوي الحاج، فهو ينصح  الكُتّاب الشّباب بِعدم التّوقف عن الكتابة، لأنّ الكتابة هي مرآة الحضارة ولسان حال الناس وهي صناعة بشرية راقية، بها يتواصل الناس وينقلون مشاعرهم وأفكارهم،  ويشير الى أن هذه الصناعة مزدهرة  في أستراليا مع وجود زخم كبير في الإنتاج، وأنّه بفضلها هي بقيَت اللغة العربية متصدرة، بالإضافة لهذا الكَمّ من الإذاعات والصحف العربية اليومية والتي تُغطّي أخبار الوطن الأم، إضافةً لأخبار الجالية في كل الولايات .

شكرا لرئيسة التحرير علا بياض على الاستضافة ..

زاوية يطل من خلالها الإعلامي د. وسام حمادة على تجربة مهاجرين حملوا احلامهم وحرفهم وتركوا بصمتهم الإنسانية والثقافية على تلك الجزيرة البعيدة ” استراليا”، وتجربة العدد هذا مع المهندس والشاعر بدوي الحاج

يتحدث عن تجربته:

في ٢٦ شباط ١٩٩٠ ركبتُ طائرة الميدل إيست من مطار القلَيْعات في عكار شمالاً إلى مطار بيروت، حيث حطّت بنا الطائرة بعد عشر دقائق، كان علينا أن نفعل ذلك لأن الطريق الرئيسية أو الأوتوستراد البحري كان مقطوعاً عند نهر الكلب، بسبب حرب القوّات وقسم من الجيش اللبناني، بقيادة الجنرال عون آنذاك، بِما سُمّيَ فيما بَعد بِـ ” حرب الإلغاء “.

المهم وصلنا إلى بيروت ووجهَتي سيدني/أستراليا، كنتُ في التاسعة عشرة من عمري وكنتُ أدرس في كليّة الهندسة في الجامعة اللبنانية (الفرع الأول) القبّة/طرابلس، استقلينا من بيروت طيران الميدل إيست، مجدداً، ومن هناك إلى البحرَيْن حيث كان الطيران البريطاني. (British Airways) بانتِظارنا إلى سنغافورة ومن هناك إلى سيدني .

38ساعة من الطيران والهبوط حتى وصلنا بلاد الكانغارو، خالي جوزيف خوري، صاحب جريدة البَيْرق، آنذاك، وعائلته كانوا في استقبالي في المطار، في اليوم التالي، صَباحاً، ذهبتُ والخال إلى مكاتب البيرق في منطقة لاكمبا، وهناك ابتدأ مشوار الغُربة الطويل.كان العمل الصحافي يرتَكز وبشكل رئيسي على الفاكس. وكانت خطوط الهاتف رديئة جداً بَل معدومة في لبنان، فاضطررنا للاستعانة بِـ قبرص كبلد بديل حيث كانت وكالة الصحافة الفرنسية مصدرنا ومصدر كل الأخبار التي كانت تأتي عبر الفاكس إلينا.

الهدف الأساسي لي كان العودة للدراسة الجامعية ودخول كلية الهندسة من جديد والتّخرج مهندساً مدنياً، كما كنت أطمَح دائماً، وهكذا كان.

تخرجت سنة ١٩٩٧ مُجازاً بالهندسة المدنية مع أطروحة “Thesis” عن ” هندسة الطرقات والجسور وسكك الحديد “.

عملتُ مع شركات هندسية عدّة حتى أسست شركتي الخاصة في المقاولات والبناء عام ٢٠٠٠ .

صعوبات الهجرة كثيرة ومتشعبة. لكن من تربّى وتأسّسَ جيداً في بيت أهله تخطى كل الحواجز ولم يقع في المحظور ووصل إلى مُبتغاه.

لبنان لم يُفارق خيالي، وأردتُ العودة والعيش في ربوعه يوماً، وكان لنا تجربة بهذا الخصوص ولم تنجح.

كان الفرق شاسعاً في التفكير والمبادىء وأسلوب ونظام العمل والصدق في التعامل .

كان الطموح كبيراً ولكن خيبة الأمل كانت أكبر، لبنان في تفكيرنا اليومي، خاصةً أن أهلي وإخوتي مازالوا يعيشون فيه. فشجونهم شجوننا وأحوالهم ومعيشتهم اليومية هي همّنا اليومي في الاغتراب..

أستراليا هي البلد الأقرب روحاً إلى لبنان رغم بعدها الجغرافي، فالجالية اللبنانية والعربية، بشكل عام، هي جالية جديدة بمعظمها. فالأكثرية بدأت بالهجرة في سبعينات القرن الماضي ومازالت حتى الآن. لذلك تجد الكثير من المدارس التي تُدرّس اللغة العربية، وهناك إذاعات عربية على مدار الساعة وصحف ومجلاّت على مدار الأسبوع. فالكل مازال مُتابِعاً كما لو أنّه يعيش في لبنان. حتى الأحزاب السياسية اللبنانية لها فروعها ومحازبيها في كافة المدن الأسترالية،كنتُ أزور لبنان سنوياً ومن دون انقطاع إلى أن ظهرت الكورونا، فكانت زيارتي الأخيرة سنة ٢٠١٩، على أمل الزيارة في أواخر هذا العام، فالزيارة إلى لبنان تعطيك الدّفع من جديد وتَشحَن أفكارك من جديد، ثقافياً واجتماعياً، فتعود إلى سيدني وكأنّك إنسان آخَر، مُفعَم بالنشاط والحياة.

من الأشياء التي تُخفف من غربتك في أستراليا هي الحركة الثقافية التي لا تهدأ بين أبناء الجالية، والتي استطعتُ من خلالها أن أبدأ بتَجربة خاصة مع الحرف والكلمة، ساعياً من خلالهما أن أطلق ما في صدري من شوق وحنين تجاه وطن نشتاقه ونشتاق أهل وأحبة تركوا بصمتهم في الذاكرة والوجدان، ليأتي الحصاد عدداً من الكتب والدواوين الشعرية التي شكلت صدى لغربة حملتنا على متن أجنحة الأرز المُنهَكة نحو جزيرة بعيدة تُدعى استراليا . تلك الجزيرة التي إحتضنتنا وخففت من وحشة الغربة المفروضة علينا،فالمناسبات الثقافية والاجتماعية السنوية الثابتة والمرفقة بالكثير من تواقيع الكتب والمعارض الفنية والاستعراضات الغنائية، وبشكل دائم، شكَّلت مساحة من الأمان الثقافي، حتى بات بعضها يُضاهي ما يُقام ويُنتَج في الوطن الأم،يبقى أن نقول بأن الوطن هو في وجدان كل مغترب، لا يُبارح مُخَيّلته مهما ابتعدت به السُّنون.

نبذة عن المهندس والشاعر بدوي الحاج

مَواليد بلدة أرده، لبنان الشمالي، مُجاز في الهندسة المدنية والمعمارية من جامعات سيدني في أستراليا.

له 4 دواوين في الشِّعر الحديث:

“… ولَوْ بعدَ حين” إصدار خاص

“قامات في فَراغٍ أبيَض” عن دار نلسن/بيروت .

“لاهِثاً يَبتَلعُ الهَواء” عن دار المؤلف/بيروت .

“مائلٌ إلى عَطَش” عن دار المؤلف/بيروت .

“أنا لَمْ أَكُنْ أنا” شِعر وَنُصوص، عن دار المؤلف/بيروت .

مُقيم في سيدني/أستراليا ويَعمَل في الهندسة والمُقاولات والبِناء .

 

شارك مع أصدقائك