اعتراف
منال فاروق الروبي
مصر
بوحٌ في زمنٍ يلوذ فيه الجميع بالصمت
مقدمة
في زمنٍ تتخفّى فيه الحقائقُ خلف الأقنعة، ويصير الصمتُ مذهبًا للناجين، لا يملك القلبُ خيارًا سوى الاعتراف.
ليس تبريرًا… بل شجاعة.
وليس ندمًا… بل وعيًا متأخرًا بما جرى.
وهذا اعترافي،
لا أنكر فيه ذنبي، ولا أُبرّئ أحدًا.
فالجميع كان هناك…
لكنّي وحدي أدفع الثمن!
⸻
الكلُّ مُدانٌ يا سيدي…
هم… وهو… وقبلهم… أنا.
أما عني…
فأنا من سمحتُ لقلبي الحزين
أن يتجوّلَ عمدًا في دروب العاشقين،
بين أروقةٍ مغمورةٍ بلا عناوين،
لم أنتبه لشروخ الحِصنِ الحصين،
بل مهّدتُ له عبورَ حدودِ الحنين،
وتناسيتُ معه عَبَراتِ السنين،
وأعطيتُ دون حسابٍ، لا دائنَ ولا مدين،
وتغافلتُ عن قَتلي بأبردِ سِكّين،
وأذقتُ قلبي كلَّ كؤوسِ الأنين،
وأوهمتُه بأرضٍ ذاتِ قرارٍ مكين.
وأمّا عنه…
فهو من أهداني إشاراتِ الأمان،
أخذني عُنوةً خارجَ حدودِ الزمان،
اقتحم قلبي، وأحاطه من كل مكان،
داهمني بفيضٍ من حنان،
جعلني أسيرةَ الوجدان،
أسرني بعِقدٍ من المرجان،
وأسمعني أعذبَ الألحان،
وأهداني الوردَ والريحان،
وأكّد لي أنّه إنسٌ، لا جان…
ثمّ فجأةً، تركني على حافةِ البركان.
وأما عنهم…
فقد شهدوا جميعًا ما حدث،
والتزموا الصمت.
وهكذا، يا سيدي،
أصبحَ الكلُّ مُدانًا…
وأنا أوّلهم.
⸻
خاتمة
في محكمة القلب،
لا يُصدر الحكمَ قاضٍ… بل الضمير.
ولا تُرفع الجلسة… بل يظلّ وجعُها قائمًا،
إلى أن يغفر القلبُ لنفسه ما فعل.