د_تهاني_محمد
هل أنت ممن تعاملهم الحياة وكأنها زوجة أبيهم ؟! لاأريد لزوجات الآباء الطيبات أن ينزعجوا مني فهن قلة واستثناء والقاعدة هي زوجة الأب الشريرة. فأنت تجتهد وتهرول نحو حلمك تنحت في الجلمود لكن حلمك يشيح بوجهه عنك فتجد نفسك ك (عبد السلام النابلسي) في أفلام عبد الحليم وفريد الأطرش، ذلك الشاب الطيب النقي المفعم بالوفاء لصاحبه وللحياة ، ذكي نشيط يفعل الأفاعيل ليمهد الطريق لصاحبه الوسيم بطل الفلم ثم يقف في الزاوية بعيدا يتفرج مبتسما بحنان ونكران ذات وهو خالي الوفاض . دوما عبد السلام النابلسي يقوم بكل شيء ولايحصل على شيء في نهاية الفيلم فقط لأنه لايمتلك وسامة البطل . وفي أحسن حالاتك إن رمت لك الحياة قليلا من الحظ فستكون ك (أحمد رمزي) في الأفلام القديمة ، وسيم مفتول العضلات جذاب يتقن الدور لكنه لن يكون أبدا بطل الفيلم الوسيم الحبوب الذي يحظى بكل شيء في النهاية ، بل تصنع لك الحبكة الدرامية للفيلم مصير بائس لأنك لعوب تافه وغير متزن كفاية لتكون عبد الحليم مثلا. أحيانا تعاملنا الحياة هكذا بالضبط . في حين تكون حنونة كصدر أم مع أناس يأتي حلمهم بين أيديهم ككرة ترميها الحياة كهداف ماهر دون أن يبذلوا أدنى مجهود لحيازتها سوى تحريك اليدين ساعة التلقف. رحيمة بهم وكأنهم من زجاج، تخشى عليهم من الإنفعالات والخيبات كما يخشى أنور وجدي على نفسه من الإنغماس في أدوار الشر والحزن وهو في شدة انفعاله لن يحدث له شيء سوى خصلة شعره التي تسقط على وجهه من شدة الغضب فيعيدها سريعا إلى محلها في حضن أخواتها حالكات السواد المصفوفات بأناقة تثير بداخلك رغبة في حك فروة رأسك بشدة. أحيانا مهما تحاول لتمخر عباب الحياة ومهما كنت تمتلك من ميزات تصدك الحياة وتنظر لك بطرف عينيها وكأنك قطعة ملابس مستعملة لاتليق بها سوى خانة (ملابس البالات). فيمضي عمرك وأنت كضيف الظهيرة ثقيل على أهل الدار يجالسونه وهم يتثائبون. حتى قانون داروين (البقاء للأصلح ) لاينطبق على ماتفعله بنا الحياة. لأنها أساسا لاتضع العراقيل في طريق البعض لتختبر صلاحهم بل ترمي لهم بتفاحة نيوتن فتسقط الهبات على رؤوسهم وفي أحضانهم وهم في غفلة منها. وسندريلا وأميرها الرائع ليست سوى مزحة من مزحات شركة (والت دزني) لمواسات الجميلات المعدمات سيئات الحظ. فمالذي تتفوق به الملكة اليزابيث لتعمر في مملكة الحرير والعسل مع زوج محب وتلاقي ديانا كل أنواع العذابات والتنمر ثم تقتل وهي في الخامسة والثلاثين!! إنها السياسة وتعقيداتها نعلم هذا لكن هي الحياة وانتقاءها النخبوي ايضا. مالذي لم يفعله العالم الصربي الفذ نيكولا تيسلا ليعيش معدما ويموت وحيدا ، والعالم يتغنى باسم اديسون وماركوني سارقي اختراعاته وناسبيها لأنفسهم!! أعتقد بعد قراءتك لهذا المقال تشبعت بطاقة سلبية مهولة ، أهرب فورا وتناول كأس ليمون بالنعناع الذي نصح به عادل إمام لتروق أعصابك وشاهد هيفاء وهبي الحسناء وهي تبوس الواوا أو إفتح برنامج التيك توك وقهقه في جلسة استرخاء على عباد الله المخبولين وهم يتحولون إلى شنابز السيرك فيكسبون هم المال ونغرق نحن في نوبات ضحك هستيري بينما الحياة تركلنا على مؤخراتنا متفاجئة بوجودنا فيها وهي تردد (انتو مين أصلا ، ومن امته انتو هنا !!).