برهان المفتي
……………..
أسماء الناس هي مؤشرات لحالة مجتمعها، وشلون حياتهم وراحتهم لو صعوباتهم. قبل مائة سنة أو أكثر لو نرجع لسجلات القيد بكل عائلة عراقية وأياً كانت قوميتها وطائفتها راح نشوف أكو أسم (سعيد) ومشتقاته مثل (أسعد – سعد – سعود – مسعود)، هيچي كانت نظرتهم للحياة ومجتمعهم قبل إنتشار موجة الطاقة الإيجابية وشغلات التنمية والتفاؤل وعيش اللحظة.
ودخل المجتمع بعدين بمرحلة النضال السلبي والرفاق من كل حدب وصوب وأنتشرت أسماء ( كفاح-نضال-إرادة) في عوائل الرفاق الأيديولجيين، وقسم صارت عدهم طبقات لتميز نضالهم فصارت عدهم أسماء مثل (إعتقال – حرية )، وفي فترة رومانسية المجتمع أنتشرت أسماء (وسيم – جميل – جمال-أحلام – أبتسام) ومثلها وبترجماتها في العوائل غير العربية.. اما في مرحلة اللواگة وشعارات من أجل الثورة والحزب فانتشرت حتى أسماء الفرق الحزبية وأمين سر الفرقة ، وفي مرحلة (سيف سعد) و (زين القوس) صار لكل سعد ولد أسمه (سيف) ولمعظم الضباط ولد أسمه (باسل ) وأبنية أسمها (إنتصار) من كثر بيانات القيادة العامة للقوات المسلحة حتى في صالات عمليات الولادة.
وبعد ما شفنا الحرب مو شقة صارت عدنا أسماء (هجران – دموع – شجون )، كنوع من الإحتجاج الصامت بذيچ الفترة، وبالحصار صارت عدنا أسماء تدل على حالنا وصعوبة تلك الفترة ولو مستمر الحصار بعد سنة كنا نسمع أسماء منتجات البيتنجان بكل بيت عراقي وكنا راح ندلل الأباء وكل واحد يصيح أبوه (بابا غنوج).
وهسة الناس حايرة بروحها وحايرة شنو دا يصير وحتى حايرة بأتجاه المخدة وارتفاعها لنومة مريحة، كل يوم براي وسالفة، فتشوف الأسماء مالها علاقة ببعضها مثل ما نخلي شطر مثل بدال مثل فما تعرف شنو العلاقة ووين ينگال هذا المثل (يمه نتلني الأوتي ..هي لواگة لو لوتي).. أسماء تعرف منها أن العوائل مقررة تهاجر فماخذة حسابات الأسماء الأجنية وتبتعد عن صعوبة لفظ الحروف العربية، فانتشرت أسماء ما بيها حرف العين ولا الضاد ولا الظاء، وكثرت الأسماء إللي بيها حرف اللام والميم والياء والدال وهي حروف موجودة بكل اللغات الأوروبية ودول اللي تستهدفها الهجرات مثل أميركا وكندا في الشمال واستراليا ونيوزلندا في الجنوب. وهمين گامت الناس تبتعد عن الأسماء المألوفة المكررة حتى لا يصير تشابه الأسماء خاصة في موضوع المنع من السفر بسبب قضية أو حكم قضائي..لكل طالب أكو مشتاق، او لكل أحمد أكو شهاب.. أو لكل نور أكو زهير!
وبعد خمسين سنة، من واحد يراجع الأسماء العراقية راح يعرف شنو كان حال المجتمع، وشنو كانت امنيات الناس بذيچ الفترة.. فالأسماء رسايل الناس للناس، أرائها وأحتجاجاتها، عنادها وصبرها، خططها ومستقبلها.. وبعض الأسماء هي رسايل صامتة من حبيب الأمس لحبيبة بالسر ما صارت القسمة وياها بس بقت في القلب والذاكرة.. ويحب أبو البيت يردد الأسم بكل ساعة ببيته وهو يسرح بخياله لأول لقاء.. في المقابل تگوم أم البيت تختار أسم لممثل وسيم في مسلسل تركي يشبه طالب كان وياها في الجامعة أو أبن الجيران بدربونتهم قبل الساعة السودة من طلبها أبو جهالها، وهي ترسل رسايل قوية للزوج أبو الخشم والكرش وإللي گالب وجهه طول اليوم لأسباب جوهرية أهمها حجم قطعة الخبز في التشريب والخلاف على هل الكشمش من مكونات الكبة العراقية أو لا.