“أنا ابن النيل، وطناً. وابن الكلمة المكتوبة والمنظومة، حياة”
حاورته: جاكلين فخري
“ولد في عائلة تعشق الكلمة المثمرة، وتتوارثها جيلاً بعد جيل.
يشغله شبيهه الإنسان؛ فيكتب عنه، وله.
انه الكاتب، والقاص، والشاعر: عادل عطية”.
على درب الكلمة، ألتقيت به، وكان هذا الحوار..
كيف تُعرّف نفسك للقراء، والمتابعين؟
أنا ابن النيل وطناً، وابن الكلمة المنظومة، والمكتوبة، حياة.
أعمل مساعداً لرئيس تحرير جريدة “جود نيوز” الكندية. وككاتب صحفي لي أكثر من عمود صحفي في أكثر من صحيفة ومجلة: محلية، وعربية، ومهجرية.
في اي مرحلة من مراحل تعليمك اكتشفت ان لك موهبة في الكتابة؟، وماذا خطت أناملك في بداياتك؟
عندما كنت في الصف السادس من المرحلة الابتدائية، وجدت نفسي محباً لحصة اللغة العربية، وعاشقاً لمادة “التعبير”. وكان المعلم دائماً، يضع بجوار درجاتي المميّزة نجوماً، كنوع من الاعجاب والتقدير. وحدث عندما كنت في المرحلة الإعدادية، ان وجدت في بريد خالي، نسخة من مجلة لبنانية، انبهرت من ورقها المصقول، وألوانها المبهجة، وعندما تصفحتها، وكلما رأيت مقالاً عليه اسم وصورة كاتبه، اتوق ان أكون مثله. وذات يوم، في بدايات المرحلة الثانوية، أرسلت لهذه المجلة مقالاً، وإذا برئيس تحريرها، يرسل لي رسالة بتوقيعه، جاء فيها:
“… يؤسفني جداً أن أعيد إليك بعض ما كتبته لمجلة “الرجاء”، إذ لا استطيع أن انشره كما هو. لربما مجلة أخرى تنشر لك ما كتبت؛ فأنا اشجعك على الكتابة”. هنا لا بد ان اشيد وأحيّ ذكرى هذا الرجل، الذي شجّعني على الكتابة، وعلمني ـ عندما ارسل مقالاً ـ، ان يكون المقال مناسباً لفكر المجلة، أوالصحيفة، التي اكتب لها. كما لا بد وان اشيد بمجلة “هو وهي”، التي كانت تكتب تحت اسمي: “مفكر مصري شاب”!
ماذا تعني “الكتابة”، بالنسبة لك؟
أن تكون مُعلماً، وأن تكون مُعمّراً أي طويل العمر في أعمالك!
لك بعض القصائد النثرية المنشورة في بعض الصحف والمجلات، حدثنا عن هذه التجربة؟
والدي كان يحب الشعر، وكوالدي اردت ان اقرض الشعر. أذكر انني أرسلت أولى محاولاتي لجريدة “المزمار” العراقية، التي كانت تصدر للأولاد والبنات، فكتب المحرر الأدبي في صفحته التي يشرف عليها، هذا الرد، تحت اسمي: “كنت أود نشر شعرك، ولكنه للأسف غير موزون”. وعرفت انني غير موهوب في كتابة الشعر الموزون. ولكن عندما قرأت عن شعر النثر، اعدت المحاولة، وفوجئت بأن بعض ما ارسله من شعر حر، للصحف والمجلات، يُنشر!
وكشاعر “هايكست”.. ماذا عن الهايكو.. كيف تُعرّفه؟، وماشعورك نحوه؟
الهايكو، لغة الحاسة السادسة. وهو كالموسيقى، لغة كل الشعوب!
مارأيك بمنتديات الهايكو في الإفتراضي؟.. هل خدمت الكاتب، أم لا؟
منتديات الهايكو، لها رسالة عظيمة، في التعريف به، والمساهمة في تنمية المواهب الشابة. أنا شخصياً مازلت أتعلم منها، ومن خلالها أواصل مسيرتي. وما دمنا نتحدث عن المنتديات، فقد وجدت بعضها يميل إلى الهايكو كما “أنزل”، وبعضها الآخر يرى أنه لا يجب أن يكون محصوراً في موضوع الطبيعة، ويجب توسيعه للتفاعل مع كل شيء!
أيهما أقرب إليك الكتابة، أم الشعر.. ولماذا؟
المقال، أو القصة، أو الشعر… مثلها مثل تعدد اللغات، كلما كانت لديك أكثر من لغة، تصبح ـ كما يقول البعض ـ: أكثر من شخص!
إلى جانب كتابتك للمقال بأنواعه، ماذا تكتب أيضا؟
اكتب القصة للصغار، وللكبار.
لماذا تكتب للأطفال؟
الكتابة للأطفال، تمنح الكاتب: أبوّة أعظم!
هل تقبل النقد، ولماذا؟
الكاتب يحتاج إلى عين غير عينه؛ ترى ما لايراه هو في كتاباته. وأنا أحب النقد البناء، واسعى إليه!
من هم الأشخاص الذين أثروا في حياتك الأدبية؟
كل الذين قرأت لهم، وأردت أن أكون مثلهم. واستطيع القول انني متأثر أكثر بالأدب المهجري، وفي دائرة أقرب: “جبران خليل جبران”.
حاورت العديد من الشخصيات، أي الحوارات تعتز بها أكثر؟
كل الحوارات أعتز بها، ولكني أفخر بحوارين: أحدهما مع االصحفي الكبير مصطفي أمين، والثاني مع الأديب الكبير توفيق الحكيم.. لا لقامتهما الصحافية والأدبية فقط، ولكن لأن الحوارين، كانا في بدايات عملي الصحافي.
الصحافة لها مذاقها الخاص، وأيضاً لها حلوها ومرها، فهل عانيت منها؟
في بداية حياتي الصحافية، عانيت مرتين: مرة عندما وضع مدير تحرير احدى الصحف، اسم قريبته بجوار اسمي في حوارين قمت بهما منفرداً، مجاملة لها. ومرة ثانية، عندما وضع رئيس تحرير احدى المجلات، اسم زوجته الصحفية على حوار من حواراتي، حتى ظننت انها هي التي اجرت الحوار، ولست أنا الذي أجراه!
ما هي شكوتك الأبدية، إن صح التعبير ـ، أمام محاولات النشر الفاشلة؟
في الوقت الذي تقدم فيه الدولة، باقة من المطبوعات، كدعم ثقافي للقارئ والمبدع معاً، فان هناك من يسرق هذا الدعم؛ من خلال ما يمكن تسميته: “الشلواسطة”، أي الشللية والواسطة. انهم يأخذون هذا الدعم؛ ليعطيننه لأقاربهم، وأصحابهم، ومعارفهم، محتمين وراء ذلك النص اللعين، الذي يضعونه كنص مقدس: “لهيئة التحرير الاعتذار عن عدم النشر، دون ابداء الأسباب”!.. مع أن ابداء الأسباب، وعلى رأسها: “انها لا تصلح للنشر”، مهم جداً؛ لأنها تكشف للمبتدئين على درب الكلمة، عن اخطائهم، مع تقويمها بالنصائح المخلصة.
ولأن هناك الكثير من المنحنين تحت هذه المقصلة؛ فلابد من كشف بعضاً من ضبابيتها، وسيئاتها..
فبعض رؤساء التحرير، ما أن يستلموا منصبهم الجديد، وقبل أن يستووا على كرسيهم، يزيحون الكتّاب الذين حفروا بمجهودهم وابداعهم مكاناً لهم في هذه المطبوعة، وكأنهم من الموظفين القدامي، يجب الاطاحة بهم!
وعندما يرسل لهم، أحدهم، نتاجاته، لا يردون عليه، ولو لاخباره بانهم استلموا شغله، وانها ستعرض على اللجنة الخاصة بفحصها، وتقرير نشرها من عدمه. وكأنك “نكرة”، يخاطب أهل “مثلث برمودا”! المؤلم انك تعرف انهم يردون على من هم خارج مصر فقط.. مثل “القرع يمد لبرّه”!
بعض المسئولين، إذا تكرّموا بالرد، قالوا لك: نحن ننشر إبداع واحد فقط في السنة، ثم تجدهم ينشرون لآخرين مرتين وثلاثة.. ودائماً، كان المهمشين، لا يريدون تكذيبهم، ويقولون لأنفسهم: انها “تشابه اسماء”!
هل هذا كل شيء؟..كلا…
فالطامة الكبرى، انهم لا ينشرون لك؛ لتعتقد أن مادتك دون المستوى.. مع انهم لا يعرفون أن هناك من يعرض ما يكتبه على بعض النقاد النافذين في بعض البلدان العربية، قبل أن يرسله لهم، للنشر.. بل وكثير من منافذ النشر في هذه البلدان، ينشرون لهم، ما رفضه هؤلاء!
لا بد من تخصيص أرقام ساخنة؛ لتلقي شكاوي المبدعين، الذين يتعرضون للإجحاف والظلم في مفرمة “الشلواسطة”، ولا بد من التحقيق في الأمر؛ حتى لا نترك لهؤلاء العابثين بالثقافة والابداع، أن يفلتوا بفعلتهم!…
هل لك إصدارات أدبية ورقية، أو إلكترونية؟
صدر لي كتاب مطبوع، بعنوان: “حكايات علمية”، عن دار نشر نور بألمانيا، يضم بين دفتيه حقائق علمية في صورة حكايات مشوقة، تفيد الصغار والكبار على حد سواء. كما صدرت لي مجموعتين قصصيتين، بعنوان: “حوار في الحديقة”، و”حكايات القلم”، عن دار السعيد للنشر والتوزيع.
وقريباً، سيصدر لي ديوان شعري، بعنوان: “للشمس رأي آخر”، وديوانان من نصوص الهايكو، الأول بعنوان: “وجه الطبيعة”، والثاني بعنوان: “عناقيد المشاعر”.
وفي جعبتي، ما يكفي لطباعة أكثر من سبعة كتب.
هل تعتقد أن الصحافة والأدب، يندرجان تحت مسمى: الهواية، أم الموهبة؟
لا أحد يهوى شيئاً، إلا إذا كان هذا الشيء يناسب موهبته. ولا بد من تنمية موهبته، وصقلها.
هل من ازدواجية: وأنت خلف قلمك، وأنت في حياتك العامة؟