من القطيعة إلى التواصل ومعاداة الأجيال لبعضها

شارك مع أصدقائك

Loading

محمد زتيلي

كاتب جزائري

تلعب بعض المفاهيم دورا تدميريا في حياتنا العمومية من حيث نحسب أنها ضرورة بناء.

ومن بين هذه المفاهيم أو الشعارات أو المبادىء مفهوم القطيعة، والتي يحسبونها أمرا إيجابيا في كل مناحي الحياة. فنسمع أقوالا كالقطيعة مع الماضي، أو القطيعة مع جيل الهزيمة، أو القطيعة مع السلوكات الهدامة إلى غير هذا من القطائع، إلي أن تعدى الشعار للقول بالقطيعة مع الأجيال السابقة، او القطيعة مع قيم التراث المفرغة من محتويات البناء والخلخلة، وإعادة صياغة جديدة للمجالات.

والحقيقة أن شعار القطيعة نسب إلى الثوريين في مجال السياسة، أو توخيا للدقة فقد نسب إلى التيارات الفكرية اليسارية التي اتهمت بمعاداة التراث والقيم الدينية الإسلامية خاصة، وهذه التهم سرعان ما تبين أنها مدسوسة من الفكر التآمري الهدام الذي يتكفل بمهام إفشال التلاقي والتواصل والتقدم، وانكشف الأمر اكثر عندما تصدي رجال فكر من طراز عال محسوبين علي اليسار والتنوير للبحث المعمق في قضايا التراث وخلق نظرة إحياء جديدة مستنيرة، كحسين مروة والجابري  ومحمود زكي والتيزيني وعدد آخر قبل أن يلتحق بهم جيل ٱخر في السبعينيات والثمانينيات من الباحثين في هذه المجالات. وهكذا عرف الخطاب الجديد شعارات التواصل بدل القطيعة، وصار العمل الفكري السياسي مقتنعا بأن الأجيال تتواصل ولا تنفصل، وتتحاور وتتبادل، ولا يعادي بعضها بعضا، مستغلين توظيف السلطات الباحثة عن مشروعيات وجودها للتأكيد على معاداة الجيل الجديد للقديم ظنا منها أن ذلك سبب تهميشه وفقره وليست السلطات المتعاقبة الفاشلة في القيا دة.

شارك مع أصدقائك