طفلتي الصّغيرة..

شارك مع أصدقائك

Loading

 

صباح بشير / “رحلة إلى ذات امرأة”

 

قصّة أمومتي وحبّي الأوّل، لا زلت أرى في محيّاها وثغرها الباسم حبّ الحياة وقصيدة من الأمل، ما أجملها من طفلة.

مهجة الرّوح وقطعة منها، صغيرتي التي طالما نَجَحَت في رسم البسمة على شفتيّ، أحتضنها بحرارة وأُربّت على كتفيها وكأنّي أربّت على عمري الذي يسير متسارعا مع الزّمن.

طفلتي التي حملت شكل الملامح التي أحببت، وأوّل ما رأيت من الجمال والعذوبة الممزوجة ببراءة الملائكة، منذ تلك اللّحظة التي تأمّلت فيها وجهها الجميل، وتلك البشرة الناصعة، والابتسامة النّورانيّة التي تلوح مشرقة كالطّيف، غدت لي إنسانا آخر مختلفا لا يفارق مخيّلتي أبدا.

تمتلك روحا من عالم واسع صاخب نابض بالحركة والنشاط، وكثيرا من المشاكسات والأصوات، وكمّا لا ينتهي من الأسئلة والحكايات.

أتذكّر البدايات حين كانت تمدّ أطرافها الصّغيرة في سريرها الدّافئ بعد صحوها من نوم طويل، ليفاجئها النّور فتبدأ الأنين والانكماش، وتعاود مدّ أطرافها من جديد مبتسمة ترسل ضحكتها الأولى لهذه الحياة، فأنغمس بها فرحة سعيدة؛ لأعيش أصدق اللّحظات، وكلما كبرت أكثر، كبرت فرحتي وانشغالي بها، تحبو بخطوات صغيرة سريعة، محاولة التعرّف على الضّوء والألوان من حولها، والظّلال والأشكال والملامح والحركات، أصبحت أكثر حركة وجمالا، أراقبها وهي تبعثر المخبوء من الكتب والأقلام، تمزّق الأوراق وتنثر المحتويات، تستمتع بالصّخب لاستكشاف ما يحيط بها من عالم واسع كبير مثير، صوتها ومناغاتها يرنّان كنغمات تعزفها في أذنيّ؛ فتفجّر في القلب ينابيع من عاطفة ورجاء، أطرب لها فتدوّخني كغناء عذب فرات، ينشرح صدري بها، وبما حباها الله من جميل الملكات، تمتدّ يداي فأحتضنها بشوق، فإذا بي أشتَمُّ عطر الرّبيع وعبق الأزهار وأريج الحياة.

شارك مع أصدقائك