لو ….
لو إن عذراء الجنابي تركت الطفل موسى يلهو كما يفعل كل أبناء جيله، يتعلم ويلعب كرة القدم كما يفعل أطفال العراق ..ماذا لو أنشغلت عنه بترميم عالمها الخاص ..
كأن تسعى إن تدرك الأمومة وتنجب طفلاً ..أو تصبغ شعرها ..أو تلهو بصناعة المخللات في البيت أو تحضر حفل زفاف مثلاً ..
ماذا لوأنها أعطته فرصة ثانية ليحيا ..من يدري قد يصبح شاعراَ..او مغنياَ ..أو بائع متجولاً ..وقد يحظى بفرصة كأن يصبح أباَ ..
لو أنها شردت عنه قليلاَ وأفسحت له حيزا صغيرا ليسبح به بملكوت الكون وينمو كإي غصن أو إي عصفور ..
لوفرت علي عذابات طويلة كابدتها بعد إن خطفت أمامي بكامل وحشيتها ويديها الملطخة ..وأنا أحتسي قهوتي ..
التي أصابها بعض من دماء الطفل .. ماذا لو … إن خال لين طالب ..تركها تلهو هناك مع فتيات الحي الصغار ..حين أتت تقتسم عيدها مع أمها وذويها ..ماذا لو أنه في تلك اللحظة ،نسي انه ذكر وحش ..
ولم يلتفت لطفلة تلهو مع دميتها في الغرفة الثانية .. وكان طبيعياً لم تلفته وردة غارقة بأكمامها الغضة التي لم تتفتح بعد ..فوجدها و أقتلعها ودهسها بحذائه ..ماذا لو تركها وشأنها ..
ربما كانت ستصبح معلمة أو ممرضة أو قد تكون أماً لأطفال يحملون بعض جيناته .. لو فعل ذلك لوفر كثيرا من السخط والأحتقار الذي لم أختبره يوماً على مر السنين ..
وجعلني على بعد آلاف الكيلو مترات التي تفصلني عنه أتجرعه كالسم ..ورمى فوقي نفايات وحشيته.. ليعبرني كل وجع لين في لحظات ظهورهم لي وأنا أتصفح وجه العالم البشع ..
ماحدث للين أسقط مفاهيم كثيرة وخرج بمفاهيم جديدة لم نألفها بعد ..وبتر غابة كبيرة من الأ مان لتستحيل إلى قفر كبير …. لو أن الرجل التركي قد مضى لعمله ..
وترك الفتاة السورية ذات التسعة أعوام التي تمر يومياً من أمام بيته متجهة للبقالية كي تجلب أكياس الحلوى الرخيصة لها ولأختها الصغيرة ..
لو أنه تجاهل فستانها الأزرق وهو يخطف أمامه في الذهاب والأياب ..لو أنه لم يتدخل في مصير بقائها ورحيلها عن أرض بلاده أو بلادها ..لو أنه لم يرمي بسنواتها التسع في وجهه أمها ويسرق ماتبقى ..
وماتبقى كان كثيرا جدا يكفيها أن تتحول من شرنقة بشعة لفراشة ملونة ..قد تصبح محامية أو قاضية تحكم بالعدل مع المجرمين أمثال قاتلها ..
أو كانت هاجرت لأوربا وأكملت تعليمها ..وأبتعدت عن أوجاع الحرب التي ولدت بها وماتت في ظلها دون أن تعلم شيئاً عن الحياةالأخرى ..
التي يعيشها أطفال العالم بخلاف أطفال بلدها البؤساء … وقد تتعلم اللغة التركية وتساهم في بناء مجتمعه .. ووفرت علي أنا تلقي الطعنات عن شعبي ..
وعن الأطفال والمستضعفين .. المجرمون الحقيقيون ..هم القضاة وهم من يجب علينا محاكمتهم .. لأننا نريد قانوناـ دوليا تجمع عليه الدول كافة ليحمي الأطفال ..والأعدام ليس كافياً …
نحتاج قانوناَ يروض الوحوش القذرة التي تصطاد الأطفال لضعفهم وعدم قدرتهم عن الدفاع عن أنفسهم … دعوني أحتسي صوت فيروز مع الهال والبن بدلاً من اتذوق طعم دموع ودماء الأبرياء …
أخرج عن صمتك أيها العالم الرديء.. وتكلم ..