حوار مع الروائي محمد حياوي

شارك مع أصدقائك

Loading

حوار – ألف ياء

حوار

حاورته

د. سعدية بن سالم

محمّد حيّاوي:

استحضر الطفل الذي في داخلي كي يعلمني الخيال

العرقيون موتى احياء بسبب اليأس

التدين الفولكلوري يحول دون ترسيخ الديمقراطية

مفجرو الثورات سياسيون فاشلون بسبب عواطفهم

لن ننتج فكرًا ما لم نتخلص من الوسطاء بيننا وبين الله

الخيال عندي ليس منفلتًا ويستند إلى اشتراطات واقعية

العفويَّة في الكتابة واختيار الموضوع هي الأهم

لا ينبغي تجريد النص من القدرة الساحقة للتخيّل

 

غادر محمّد حيّاوي العراق سنة 1992، ماذا بقي في الذاكرة من عراق ما قبل 1992؟

بقيت ذاكرة الطفولة والصبا، وهي متلازمة الخيال وحاضنته الوفية، ومن وجهة نظري فأنّ أخصب مرحلة لجهة الخيال هي مرحلة الطفولة، إذ تكون الذاكرة طريّة وطازجة وقادرة على تخزين الصور والتفاعلات المحيطة بنا، ولكل منا، مهما بلغ به العمر، طفله الخاص الذي يخبؤه داخله، أحيانًا يكون في أعماقنا السحيقة ويتعرض للقمع والتجاهل بسبب العيب والأعراف والتقاليد وتمثل الرصانة، وأحيانًا يكون قريبًا تحت الجلد، ما أن تُحاصرنا النوائب ينطّ من صدورنا ويجلس أمامنا على الطاولة. في الواقع هذه المسافة المحيّرة هي التي تحدد مدى رهافة وشاعرية البشر، ومرحلة الطفولة تمثل عندي مرجعية تقنية مهمة للغاية، بكل ما فيها من صور ملونة ومدهشة وغير واقعية حيث تتطاير الأحلام المجنّحة ويتراجع العقل أو العقلنة إلى الخلف. ذات مرّة قال الراحل الكبير جبرا إبراهيم جبرا عن نصوصي القصصية المبكرة بأنّها مليئة بدهشة الطفولة واكتشافاتها، وأعتقد أن هذا القول هو أفضل وأعمق ما قيل في شان قصصي على الإطلاق. ولأنّني حريص على تجسيد محليّتي الخالصة، تريني أنأى بنفسي عن القراءات والتجارب السابقة التي من شأنها أن تؤثر على وعيي التخيلي أثناء الكتابة، كي اترك الباب مفتوحًا لذلك الطفل الذي يعلمني الخيال وكيفية التحليق في عوالمه الآسرة.

كيف استقبل وعيُ محمّد حياوي العراقَ وهو يعود إلى أرضه بعد عشرين سنة من الغياب؟

لقد تعرضت إلى صدمة عميقة في الواقع، فلا العراق عراق كما تركته ولا البشر بشر كما تركتهم، والعلاقات تغيرت واصبح يحكمها الخوف وعدم الثقة والأنانية واليأس، وحين رحت أبحث عن الأماكن التي كنت أحبّها وقضيت فيها أجمل سنوات عمري، وجدتها خرابًا، وما لم يتهدّم منها أصابه الهرم وفعل الزمان أفاعيله فيه. إن تلك الصدمة النفسية والعاطفية العميقة التي تعرضت لها أحدثت تناقضًا كبيرًا في محيّلتي بين صور الماضي أيّام الطفولة والشباب التي كنت أحتفظ بها وصور الاكتشاف المريع هذا. كنت وقتها احاول التماسك وترتيب مشاهداتي وإعادة النسق التلقائي لمخيلتي، لكن فداحة الصور كانت طاغية للغاية وضاغطة بقسوة على مخيّلتي، فرحت أدون مشاهداتي ويومياتي بطلب من رئيس تحرير الجريدة التي كنت أعمل بها في السابق، لكن سرعان ما تحولت تلك المدوّنات إلى مشاهد فادحة بما يشبه اليوتوبيا التي شيدتها من دون وعي منِّي، فاقترح صديقي رئيس التحرير تحويلها إلى عمل روائي، وهكذا ولدت روايتي الأولى بعد الانقطاع “خان الشّابندر” إلى حقيقة من الواقع المُداف بالخيال.

صرّحت في حوار سابق أنك حين عدت إلى العراق بعد الـ2012 وجدت النّاس موتى وهم أحياء، ليس لديهم إحساس بالألم، هل بحثت في أسباب هذه الحال التي غدا عليها الإنسان العراقي؟

نعم، لقد تعرض الإنسان العراقي إلى عملية مصادرة متواصلة ومحبوكة بطريقة شيطانية لإنسانيته، وتبديد التأسيس المدني المتين للمجتمع العراقي الذي ترسخ منذ تأسيس الدولة العراقية في 1922 وبلغ ذروته في مرحلة السبعينيات من القرن الماضي، جرى تبديده بطريقة بشعة تمثلت في القمع الوحشي للنظام السابق ثم تلته حرب الثماني سنوات المجانية مع نظام الملالي في إيران ثم حرب الكويت الطاحنة ثم الحصار الاقتصادي الظالم والمقيت الذي فرضه الغرب على الشعب العراقي، الأمر الذي أدى إلى تبدد الأمل في نفوس العراقيين وافقدهم الثقة في المستقبل وحولهم إلى كائنات مأزومة تسعى لتأمين حاجاتها الضرورية بأيّ ثمن، حتى لو كان ذلك الثمن الكرامة الشخصية والشرف، حتى وصلت الحالة لدى بعض الناس إلى عرض أبناءهم للبيع، من دون أن يرف جفن للنظام الذي عدّ مجرد بقائه في السلطة انتصارًا على الغرب، فانسحق الإنسان العراقي وانهارت البنية الأخلاقية للمجتمع، ليأتي النظام المسخ الجديد الذي زرعه الأمريكان ويكمل على البقية الباقية من أمل في نفوس الناس، وتحول الإنسان العراقي، نتيجة لتلك الظروف الساحقة، إلى ميت حيّ لا يعبأ بالمحن المتكالبة عليه من كل حدب وصوب، وصار الموت بالنسبة للكثير من العراقيين البسطاء ممارسة يومية وطريقة حياة ملتبسة وغامضة، ولعل الأمر الذي أدهشني هو لا أبالية الناس بالموت كفعل مضاد لفعل الحياة، حين تحدث الانفجارات ويهرعون لجمع بقايا الموتى ويعيدون عرض بضاعتهم على الأرصفة بعد أن يغسلونها من الدّم.

هل ترى من أثر لغزو العراق وإعدام “صدام حسين” في ذاك التوقيت وبتلك الطريقة في شخصيّة العراقي والعربي عموما؟

لقد شكل صدام حسين، بالنسبة للعربي في مرحلة من المراحل، طاقة من الأمل باستعادة الكرامة العربية المهدورة، وكان العرب خارج العراق ينظرون إليه كما لو كان مخلّصًا حقيقيًا، منطلقين بذلك من دافع عاطفي أملته عليهم مواجعهم من الهزائم المتكررة، وكوني أحد الذين عاصروا صدّام حسين والتقوه، كان من الممكن أن يكون كذلك، على الرغم من الثمن الفادح الذي دفعه الشعب العراقي، لولا أخطائه الكارثية واحتلاله الكويت وضربه المشروع العربي في الصميم، ليتعرض العرب في كل مكان إلى صدمة قوية وهزة نفسية عميقة وهم يرون بطلهم القومي، الذي شاهد بعضهم صورته في القمر، معلقًا بحبل المشنقة، وكل تلك التفصيلات كانت بمثابة خطة مرسومة بحذاقة لتدمير نفسية العربي وزرع اليأس داخله وإخراج القضية الفلسطينية من التاريخ وإلى الأبد، بل وتبديد حلم الأمّة العربية الواحدة الذي طالما تربت عليه الأجيال السابقة وتغنت فيه بطريقة عاطفية جياشة، ويحضرني هنا قول للكاتب الراحل يوسف إدريس حين التقيته في بغداد ذات مرّة وشكوت له من وطأة نظام صدام حسين على العراقيين، إذ قال لي بالحرف الواحد “مهو الديكتاتور ده يا محمد هوه اللي مجمعكم تحت خيمة الخوف، صدقتني هتاكلوا بعضيكم لو مشي” وهذا ما حدث في العراق فعلًا.

كيف عشت ظاهرة”الربيع العربي” وأنت الكاتب “البعيد” مكانيا عن الحدث؟ وما تقييمك لنتائجها بعد مرور هذه السّنوات؟

طالما اعتقدت بأنّ مجتمعاتنا العربية غير مؤهلة للديمقراطية أو للثورة، فكلاهما له اشتراطاته غير الناضجة أو غير المتوفرة لدينا، بسبب العادات والتقاليد والتدين الفولكلوري الذي يوغل عميقًا في سلوكيات الناس، وطالما أن الدين أفرغ من وظيفته الروحية القائمة بين الإنسان وربه وأُخرج من ذاتيته وقدسيته الخاصّة وتحول إلى ممارسات رمزية في الشوارع والمساجد، فأنّ الإسلام السياسي من شانه أن يُجهض أية محاولة للسلام المجتمعي والتبادل السلمي للسلطة، ولعل هذه الإشكالية هي التي أسهمت في تنمر السلطات وتغول الديكتاتوريات في بلداننا العربية، التي طرحت نفسها بديلًا للإسلام السياسي المتزمت، بعد أن اتخذت من قضية العرب ـ الكبرى ـ القضية الفلسطينية، دريئة فولكلورية تتخندق خلفها  لخداع الشعوب العربية التي طالما قادتها عواطفها، وبين هذين الخيارين المرّين، انسحقت آمال وتطلعات تلك الشعوب المغلوبة على أمرها وتبددت طبقاتها الوسطى وتهددت البنية المدنية لمجتمعاتها، وما لم تحدث معجزة من نوع ما، فأن الديمقراطية او الثورة على هذا الواقع المزرِ، ستبقى مجرد أحلام بعيدة المنال، وبالعودة إلى “الربيع العربي” وما نتج عنه من مشكلات، يحضرني قول معبّر للثائر جيفارا يقول فيه: “ليست مهمة الثوري استلام السلطة بل إشعال الثورة وحسب، اما السلطة فهي مهمة السياسي الذي يجيد ألاعيب السياسة”، وأعتقد أن هذا بالضبط ما حصل في أحداث “الربيع العربي” حين قفزت قوى الإسلام السياسي، الذي كان كامنًا في الغرف المظلمة، إلى الواجهة وركب ظهور الثورات أو حاول حتى أجهضها تمامًا وأفرغها من محتواها للأسف، متسلحًا بما أسميته التدين الفولكلوري.

 

أعدت في إحدى مقالاتك تراجع الفكر الإصلاحي العربي إلى غياب النقدية الجدلية عن العقل العربي” فما الذي يعيق ترسيخ النقدية الجدليّة في هذا العقل العربي؟ وهل من حلول ممكنة؟

ما يحول دون ترسخ حالة من النقدية الجدليَّة لدى العقل العربي هو الدين في الواقع، طالما مجتمعاتنا ومفكرينا مهددين تحت سلطة الفتاوى والتخوين والتكفير، وقد رأينا ما الذي حصل لمن تجرأ منهم من امثال نصر حامد أبو زيد وفرج فودة وغيرهم، ويلزمنا إيجاد رؤية فكرية مشتركة أولًا لتوحيد منهج التفكير العربي، بعد تبدد مشروع أو مفهوم الأمّة العربية الواحدة، فأنا أرى عكس ما يراه رشيد بو جدرة من أن العالم العربي لم يعد له وجود، أعتقد أن الذي سيبقى في المحصلة هو العالم العربي، لكنّه ربما كان يقصد أن الأمّة العربية لم تعد موجوده، وهذا ما أقوله دائمًا، بعد أن نمت الميول القطرية وترسخت الخصوصيات المجتمعية وتباعدت المشاريع المشتركة واندحر اليسار القومي أو العروبي او توارى خلف الهزائم المتكررة، ومن وجهة نظري، إذا كانت إسرائيل والغرب من وراءها، قد نجحت في القضاء على حلم الوحدة العربية وحالت دون توحيد أسواقنا ومناهجنا وتكاملنا، فليس ثمّة قوة في الكون قادرة على منعنا من التفكير بطريقة واحدة طالما بقينا عربًا يوحدنا التاريخ والجغرافية واللغة التي أعدّها وعاء التفكير والاجتهاد، فقط يلزمنا القليل من الجرأة ومقارعة التدين المزيف وتهشيم صورة المقدس وفهم العلاقة الوجودية بيننا وبين الله سبحانه، تلك العلاقة التي اراها مبنية على المحبّة الذاتية، وبمعنى آخر كلّنا يعرف الطريق إلى الله ويثق بمحبته كما ذكرت مرّة، وعلينا فقط تحطيم أصنام هؤلاء الذين نصّبوا من أنفسهم وسطاء بيننا وبينه ودحرهم وتعريتهم أمام الأجيال الجديدة التي أجدها اكثر جرأة وتفهمًا لطبيعة تلك العلاقة الجدلية.

بعد “طواف متّصل” لم تصدر لمحمّد حيّاوي رواية بالعربيةّ إلاّ سنة 2016 مع “خان الشابندر، لماذا طال “الصّمت”؟

لقد توقفت عن الكتابة لمدّة عشرين سنة للأسف، هي مدة هروبي من العراق في العام 1992 وتجوالي في المنافي ومن ثم استقراري في هولندا. لقد فقدت ، في مرحلة من المراحل، الثقة بالأدب كأداة للتغير أو كممارسة إنسانية نتيجة لما رأيته من أهوال ومخاطر كان مصيري فيها معلقًا بخيوط واهية، وعلى الرغم مما حققته من انجاز أدبي جيّد بشهادة الكثيرين آنذاك، قررت التوقف عن الكتابة بالعربية وتفرغت لدراسة التصميم واللغة الهولندية وتعمقت فيهما وعملت في الصحافة الهولندية سنوات طويلة، لكن في المحصلة وبعد فترة تأمّل ومراجعة عميقة للذات، قررت التوقف عن العمل في الصحافة الهولندية والعودة بكل ما اوتيت من قوة إلى الأدب الذي أحب، نعم لقد كان الثمن غاليًا جدًّا في الواقع، ولم يقتصر على ضياع عشرين سنة من عمري وحسب، بل تعداه إلى هزة كبيرة في دخلي ودخل عائلتي الصغيرة، لكنني تجاوزت الأمر فيما بعد والحمد لله، ولعل الأمر الذي أعاني منه حاليًا هو اختلاف وعيي وعمق قراءاتي وفهمي للحياة وتنوع تجاربي، الأمر الذي جعلني أخضع أعمالي السابقة إلى مراجعة ظالمة خارج نطاق زمنها ومناخها الذي كُتبت فيه، ولا أدري إن كان هذا الأمر إيجابيًا ام سلبيًا في الحقيقة.

يصنّف “حيّاوي” كتباته في خانة “الخيال الواقعي المطلق”، فكيف يوازن بين الخيال والواقع؟

في الواقع مصطلح “الواقعية الخياليَّة” اشتقاق نقدي أطلقه الباحث والناقد المغربي الكبير محمد الشغروشني على أعمالي الروائية الأخيرة، وشخصيًا أجده اشتقاقًا مناسبًا لما أسعى لتجسيده في أشكال رواياتي ومضامينها، ليس على صعيد “خان الشّابندر” وحسب، بل في أغلب أعمالي الروائية الأخيرة كـ “بيت السودان” و”سيرة الفراشة” و”مقهى حوري” (تحت الكتابة حاليًا). الواقع يتمثل في “خان الشّابندر” بالمستند الماضوي أو الذكرياتي المتجسد بتجربتي الشخصية في بيت بائعات الهوى في السبعينات، عدا ذلك فان المتبقي هو اشتغال مخيّلاتي صرف بني بطريقة تشبه اليوتوبيا المشيّدة على بقايا أو نتف تلك الذكرى، لذا أجد أن مصطلح “الخيال الواقعي” ينبطق تمامًا على الرواية، لأنّه ـ أيّ الخيال في الرواية ـ لم يكن منفلتًا ـ بل هو يستند بقوة إلى الاشتراطات الواقعية، فخرج العمل كما لو كان واقعًا مزريًا او حقيقة واقعية مزرية، ولعل حكايتي مع قارئ ألتقيته في بغداد وكان مصدقًا بوجود “بيت أم صبيح”، ولم يقتنع بتبريراتي ان الأمر كلّه محظ خيال، خير دليل على قوة تصوير او تجسيد ذلك الخيالي الواقعي الذي قصدته.

انتقى “محمّد حيّاوي” في “خان الشابندر” و”بيت السودان” شخصيّاته من فئتين تنتميان إلى “الهامش”، عمَّ يبحث محمّد حيّاوي عند شخصياته؟

أغلب أبطال رواياتي هم أشباه لشخصيات صادفتها في طفولتي او مرحلة صباي وتركت فيّ أثرًا عميقًا من نوع ما، ولا أريد لتلك الشخصيات أن تمثلني شخصيًا او تجسد رؤيتي للحياة، بقدر ما أريد أن أستلها من مسارب الحياة المتشابكة وتقديمها للقارئ كنماذج سحرية تجيش بالعواطف والآمال والأحلام والطموحات، حتى لو كانت تلك الآمال والأحلام ثقيلة جدًّا إلى درجة تحطّم تلك الشخصيات الهشّة تحت وطأتها. ومن وجهة نظري فأنّ الفقراء هم من يشعرون بقيمة الحياة ويفهمون حتمية الموت، حتى لو امتلأوا عذابًا وعوزًا ومظلومية، فتلك المحن هي التي تجلي معادنهم الحقيقية. إن العمل على تلك المتناقضات المجتمعية هو الذي يمنحنا الوسيلة لإدامة التناقض، والمجتمعات المستقرة التي لا يوجد فيها صراع طبقي أو نفسي، كالمجتمعات الأوربية على سبيل المثال، هي مجتمعات غير روائية وغير منتجة مخيلاتيًا، وبقدر تعلق الأمر بي، لا أريد أن أكتب روايات عاطفية سطحية كما يفعل الكثيرون، مالم تكن تلك الروايات مؤلمة وخادشة لجدار الطمأنينة والخمول، ليس من باب السادية، بل من باب الدهشة والإدهاش وتحفيز القارئ على التخيّل وإجادة صنعة الحلم، وأتمنى أن أنجح بذلك.

كتبت “لقد غيّرت جولتي في شارع المتنبي مفهومي للكتابة”، فما التغيير الذي طرأ على هذا المفهوم؟

بسبب ابتعادي عن العراق وإقامتي في أوروبا، فقد حُرمت من التواصل مع القارئ العربي، كما أن أعمالي السابقة التي صدرت في التسعينيات، لم اتعرف على قارئها او أتواصل معه لعدم وجود وسائل التواصل الاجتماعي آنذاك كما هو الأمر الآن، لذا كانت زيارتي الثانية إلى العراق بعد صدور روايتي “خان الشّابندر” صادمة في الحقيقة، نتيجة اطلاعي بشكل مباشر على الأصداء الطيّبة التي خلفتها هناك وحجم انتشارها وكثرة قرّاءها، لقد ولّد الأمر لي صدمة عاطفية ونفسية كبيرة وشعرت بثقل المسؤولية التي لم أقدرها حقّ قدرها في السابق. أشبّه الأمر بإطلاق سرب حمام من رأس الكاتب ليحطّ ويعشش في رؤوس آلاف القرّاء، وبقدر محبتهم ورعايتهم لتلك الحمامات، لكنها تبقى حماماتي التي تنازلت بها للقرّاء عن طيب خاطر، لا أدري إن كان هذا المثل يوصل الرابط العاطفي والنفسي بين الكاتب وبين القرّاء أم لا، لكن في جميع الأحوال أشعر بالتغير بعد تلك الزيارة لجهة حجم المسؤولية الثقيلة، وصرت حريصًا للغاية الآن على طبيعة ونوع تلك الحمائم قبل أن أطلقها، خوف أن لا يحبها القرّاء، وبالتالي ستموت وتتلاشى هباءً لأنّني لا استطيع إعادتها إلى رأسي ثانية، ولعله الأمر الذي ولد علي ضغطًا شديدًا عندما كتبت راويتيّ التاليتين “بيت السودان” و”سيرة الفراشة”، ولعله سبب ما اعانيه من ضغط الآن وأنا اكتب روايتي الجديدة “مقهى حوري”.

كتابات محمّد حيّاوي تترك في ذهن القارئ مشاهد أقرب إلى اللوحات التشكيلية،(على سبيل الذكر: مشهد الخرائب، اغتسال إخلاص في النهر، الرؤوس المقطوعة، بائعة الكعك وإخوتها في المقبرة.. في خان الشابندر، ومشهد محطة القطار، الحريق، سباحة الفتيات في البحيرة، ملاحقة المرأة إلى المقابر في بيت السودان، وغيرها من الصور المستحدثة أو المحيلة على لوحات عالميّة…) لمَ هذا الاختيار؟

قلت مرّة في حوار سابق أن الإخلاص لقضية الأدب يدفعني لتدعيم عملي وعدم ترك أيّة تفصيلات مهما تناهت في الصغر، وعندما يقترب تأثير الرواية على القارئ من تأثير الفيلم السينمائي او اللوحة التشكيلية، يتجسد نجاحها في الواقع، ذلك لأن الفيلم او اللوحة لا يتركان للمشاهد فسحة للتخيّل والمشاركة في صنع الأحداث، بينما الرواية تحمل القارئ على التخيّل والدخول في عوالمها. إن تلك القدرة على التخيل تختلف لدى القرّاء، فهناك من يمتلك الخيال الخصب وهناك من يمتلك قدرة محدودة على التخيل. أنّ تلك التفصيلات الشيئية أو المشاهد الأقرب إلى اللوحات التشكيلية ودقّتها أعدّها محفزات او محفّات ضرورية ليعيش القارئ أجواء روايتي في جميع جوارحه بسبب قوة الخيال المدعم بالتفصيلات الدقيقة أو الشيئية العالية التي أسميتها مشاهد أقرب إلى اللوحات التشكيلية، فأنا أجد الخيال في الرواية ضرورة حتمية، لأن الكتابة عن الواقع المجرد من دون سدّ نقصه بالمتخيّل، يبعث على السأم ويُسقطنا في المباشرة، الأمر عندي يشبه الفرق بين وظيفة الكاميرا وعين الرسّام الانطباعي، وثمّة تفصيلات لا تستطيع الكاميرا التقاطها مهما بلغت من تطور، في حين تبتكر العين البشرية مقترحات أخرى لما تراه، والرسّام الانطباعي الحقيقي هو من يبتكر أشكالاً والوانًا أخرى مختلفة كليّاً عما يراه الناس العاديون، مثل جذوع الأشجار البيضاء التي هي في الحقيقة بنيّة اللون، لكنّ في تفاعل كيمياوي خاص جرى في عين الرسّام، أمتزج عنده الضوء الساقط على تلك الجذوع باللون البُني فصارت بيضاء، الأمثلة كثيرة في الواقع، لكن هذا لا يمنع أن تكون هناك أعمال واقعية صرف مجرّدة من الخيال، ولهذا النوع قراؤه. لكنّني شخصيًا ما زلت أرى الأمر مرتبطًا بالجدوى، وفيما إذا كنّا نريد أن نقرأ قتلاً للوقت أم نريد أن نقرأ لنندهش ونحلّق في عوالم الخيال كتمرين لقدرتنا على الحلم، ومن هذه النقطة تحديداً أختلف مع الرواية التاريخية مثلاً او التسجيلية التي كُتبت عن قصد مسبق لتتناول حادثة ما أو شخصية ما، فالعفوية في الكتابة واختيار الموضوع عندي هي الأهم، وربما من هذا المنطلق أيضاً تريني لا أميل إلى التخطيط المسبق ووضع الخرائط ورسم الشخصيات وأترك كل شيء لمجريات الوقائع أثناء الكتابة، فتكتسب الشخصيات ملامحها بالتدريج وتتداخل الصراعات والرؤى والأحلام حتى تصل ذروتها النهائية بعفوية مطلقة، وقد يختلف معي الكثيرون في هذه الرؤية، لكن لا يهم، طالما بقيت مخلصاً لتقنياتي الخاصّة.

ترسّم  ” محمّد حيّاوي” أثر “الإنسانيّ” في واقع عنيف متوحّش. ألم يكن أيسر سرديّا تصوير الواقع الدموي؟

بالنسبة لي أعدّ الإيحاء أمضى دائمًا من المباشرة، لأن المشاعر الإنسانية تبقى دفينة في أعماق الإنسان ولا يمكن تجسيدها بسهولة، وبالتالي فأن الإيحاء بالموت والعنف أمضى من وصفه بشكل مباشر، وكذلك الإيحاء بالجنس أمضى من وصفه بطريقة مباشرة، وطالما اعتقدت أن طبيعة العلاقات الإنسانية من خوف ووجع وشغف هي حالات خاصّة أو ذاتيّة، ما ان نخرجها إلى العام تفقد خصوصيتها او ذاتيتها تلك، فالجنس مثلاً ممارسة إنسانية بين طرفين، ما أن يدخل عليها طرف ثالث فقدت إنسانيتها أو خصوصيتها، حتى وإن كان ذلك الطرف عين الراصد أو الراوي، لهذا أحاول جاهدًا عدم الهبوط بنصّي إلى المباشرة حفاظًا على تلك الخصوصية، كما أن وصف مشاهد القتل والدّم بشكل مباشر قد تجر النص إلى وظيفة الكاميرا، وبالتالي تجريده من القدرة الساحقة للابتكار والدهشة والتحفيز على التخيّل.

ألا يخشى محمّد حيّاوي تكرار نفسه سرديّا أم أنّه يؤسّس لعوالم خاصّة به ولا يُخشى عليه؟

لا أخفي عليكِ خشيتي من التكرار طالما ان عوالمي واجوائي ومناخاتي متشابه ولا استطيع التخلص من سطوتها، لكنّني من جهة أخرى أجدني قادرًا في كل مرّة من ابتكار حلولي الخاصّة، وربّما يجد القارئ تقاربًا من نوع ما بين روايتيّ “خان الشّابندر” و”بيت السودان” وهذا صحيح إلى حدٍ ما، لكنه تقارب حتمته التقنية السردية التي اتبعها بالاستناد إلى موضوعتي الروايتين، في حين اختلف الأمر عندي في رواية “سيرة الفراشة” قيد النشر لأن موضوعها مختلف وأحداثها تدور خارج العراق، لقد سببت “بيت السودان” نقاشًا حادًّا في اوساط لجنة القراءة في دار الآداب لجهة تشابه مضمونها وأسلوبها مع مضمون وأسلوب “خان الشّابندر”، لكن الأمر حُسم بشكل إيجابي، لأن الروايتين تشكلان ضلعين من ثلاثية سردية أنوي بواسطتها تدوين ما حصل في العراق منذ احتلال الكويت حتى اللحظة الراهنة سرديًّا، على أمل أن تجسد  الضلع الثالث روايتي الجديدة “مقهى حوري” التي أنشغل بكتابتها الآن. في الواقع أشعر بأنّ لدي قدرة على كتابة الروايات الواقعية والعاطفية والتاريخية وحتى البوليسية، لكنّني أجد بمناخي هذا نوعًا من الحميمية العميقة التي تغرق القارئ بحالة وجدانية هو بأمسّ الحاجة إليها نظرًا لما يحيطه من موبقات ونزاعات وقلق مصيري.

* كتبت في موقعك على الفيس بوك إنّ لك تجربة جديدة على صعيد فنّ القصة القصيرة جدّاً ستصدر قريباً تحت عنوان (طائرٌ يشبه السّمكة)، بماذا تتميز هذه التجربة برأيك؟

أحنُّ كثيرًا إلى لقصة القصيرة التي بدأتُ فيها مسيرتي الإبداعية، إذ حققت أولى مجاميعي القصصية (غُرفة مُضاءة لفاطمة) في وقتها انتشارًا جيّدًا وتركت صدىً معقولاً، وعلى الرغم من تفرغي للأعمال الروائية في العقد الخير، إلّا أنّني ما زلت أسعى، بتحريض من بعض الأصدقاء ـ لجمع أعمالي القصصية كلّها في كتاب واحد تحت يافطة (الأعمال القصصية) وهي كثيرة وصدرت في ثلاث مجاميع حتى الآن لم تُقرأ أو توزع جيدًا في العراق للأسف بسبب اغترابي وانقطاعي عن الحياة الثقافية في العراق. نعم لقد أُسس لفن القصة القصيرة جدًّا في العراق بشكل صادق ومؤثر، لكن بقي هذا الفنّ الصعب خجولاً ومتواريًا، على الرغم من انتشاره المهول في العالم، وعلى الرغم من التجارب المتقدمة التي تركها لنا رواد هذا الفن في الثمانينات والتسعينيات، شهد فن القصة القصيرة جدًّا تراجعًا ملحوظًا امام الرواية، بل أن مفهوم القصة القصيرة جدًّا أصبح ملتبسًا جدًا وشهد خلطًا كبيرًا بينه وبين الخواطر او الومضات السردية التي لا تستند إلى أيّة قواعد نقدية، ذلك لأن هذا الفن لم يترسخ نقديًا بعد، ليس في العراق وحسب، بل في العالم العربي كلّه، واستنادًا إلى التحريض الذي قام به بعض الأصدقاء المهتمين بهذا الفن، قررت ركن مخطوطة روايتي “مقهى حوري” التي أعمل عليها جانبًا، والتفرغ لكتابة مجموعة من القصص القصيرة جدًّا التي تعتمد مفهوم الومضة القصصية الخاطفة، متأثرًا أوّل الأمر بالفجيعة الكبرى التي تعرضت لها مدينة الموصل وجانبها الأيمن الذي دُفن فيه المئات من الأبرياء تحت انقاض منازلهم، وبعد أن ضممت لها مجموعة من النصوص القصيرة جدًّا التي كتبتها بالاستناد إلى تجاربي الشخصية، أصبحت المجموعة التي حملت عنوان (طائرٌ يُشبه السَّمكة) جاهزة وتتكون من قسمين الأوّل عن تجاربي الشخصية تحت عنوان (سعادة الولد الجريء) والثاني مُهدى إلى تلك الأرواح البريئة التي ترقد تحت الأنقاض في الموصل، تحت عنوان (لا تخبروا أنجلينا أنّني ميتة)، ولا أدعي أنّني سأعيد لفنّ القصة القصيرة جدًّا في العراق مجده أو أجلبه إلى لواجهة من جديد، إنّما أمل ان تكون تلك التجربة، على صغرها، لبنة مكمّلة لجهود من سبقني.

يعيش “محمّد حيّاوي” هذه الأيّام سفرا إبداعيّا بين الكتابة القصصيّة والكتابة السينمائية بتحويل قصّته  “لا تخبروا أنجيلينا أنّي ميّتة” إلى سيناريو شريط سينمائي. ما الفرق بين الإبداعين في مستوى الكتابة والرؤية؟

لقد حال انتمائي اليساري في الماضي دون دخولي معهد الفنون الجميلة ودراسة التشكيل والسينما للأسف، ولو قدر لي هذا الدخول في وقتها لأصبحت مخرجًا سينمائيًا لما أجده في داخلي من حبّ للسينما وقدرة على تخيّل المشاهد وبنائها، ولعل تجربة تحويل إحدى نصوصي السردية إلى السينما لم تكن الاولى، فقد جرى تحويل قصّتي “عصافير النّار” إلى فيلم سينمائي في التسعينيات كأطروحة لتخرج أحد الأصدقاء من اكاديمية الفنون الجميلة وقتها، كما كُلفتُ بكتابة سيناريو عن حياة المطرب “ناظم الغزالي”، وكان تجربة رائعة مع المخرج فيصل الياسري على الرغم من أنّها لم تكتمل بسبب نقص التمويل وقتها، كما فاز سيناريو كتبته قبل سنتين بعنوان “هروب” بجائزة مؤسسة السينما والمسرح في العراق كأفضل سيناريو ونُفذ بطريقة جميلة، ومن جهتي أجد تقاربًا كبيرًا بين السرد والسينما لأن كلاهما يعتمد الخيال كمنصة لبناء الأفكار وتجسيد الرؤى الفنيّة، ولولا انشغالي الدائم بالكتابة الإبداعية والصحفية لأنجزت سيناريو فيلم سينمائي عن روايتي “خان الشّابندر” بطلب من مؤسسة انتاج سينمائي في فرنسا، فالكثير من الأصدقاء المخرجين يرون أن النصّ كما لو كان مجسدًا سينمائيًّا ولا ينقصه سوى تقطيع المشاهد، لكن للأسف ليس لدي فسحة من الوقت الذي ما زال يشكل لي معضلة حقيقية.

تدور أحداث شريط “سِلفي” /”لا تخبروا أنجلينا أنّي ميّتة” في الموصل على ركام من الدّمار. ما الرسالة التي تقدّمها القصّة/ الشريط؟

نص سِلفي نص بسيط للغاية لكنّه يعتمد الضربة المفاجأة في نهايته التي استهوت الكثيرين على ما يبدو، لقد حفزتني زيارة الممثلة الأمريكية أنجلينا جولي إلى الموصل ومشهد بكائها على الاطلال والخرائب حيث دُفن المئات من الأبرياء تحتها، على كتابة شيء ما، شيء يتمثل في رصد مشاعر هؤلاء الأبرياء لحظة خروجهم المباغت من الحياة بكل أحلامهم وعواطفهم ومشاعرهم وتطلعاتهم. لقد أسهمت جملة من العوامل في تحفيزي على كتابته، تمثلت في دموع أنجلينا التي أحبّها وأقدّر مشارعها الإنسانية وصور الفتيات الصغيرات اللواتي كنّ يحلمن بالتصوير معها كأيقونة عالمية لكن القنابل كانت أسرع من أحلامهم فدفنتهنّ تحت الأنقاض، ولا أدري إن كان ثمّة رسالة ما ينبغي توصيلها من خلال النص، سوى أن الأحلام تبقى حيّة تطوف في الجوار كما الأرواح النقيّة حتى وان فُنيت الأجساد، وفي المحصلة فأن النص والسيناريو والفيلم الذي سينجم عنه هو محاولة لتخليد تلك الأرواح البريئة التي ما زالت تحت الأنقاض بطريقة موجعة، وقد تُرجم النص إلى الإنجليزية وأرسل إلى أنجلينا جولي عن طريق المفوضية السامية لشؤون اللاجئين وننتظر رسالة صوتية قصيرة منها لوضعها في تايتل الفيلم.

نعيش في الواقع على وقع حروب مدمّرة مفروضة على المنطقة العربية وصور بشعة في حق المواطن. هل ترى للمبدع من دور في هذا الواقع؟

للأسف فأنّ دور المبدع في عالمنا العربي يشبه دور كاساندرا الكاهنة اليونانية التي وهبتها الآلهة أبولو نعمة النبوءة شرط أن لا يصدّقها احد. ولأن المبدع والمثقف بشكل عام قادر على رؤية المستقبل وقراءة الأحداث بسبب خاصيته المتقدمة كما يُفترض، فأن بإمكانه التغيير والتنبيه والتحريض، على الرغم من أنّه شخص يحاول أن يعكس المعنى الأصلي للأشياء بواسطة الكلمات، ومع ذلك فأنّني أدرك، مثل كاساندرا، بأنّ نصوصنا لن تفعل شيئًا لمنع كارثة التاريخ.

كتب محمّد حياوي للطفل باللغة الهولنديّة. متى نقرأ كتاباته للطفل العربي؟

تعود تجربتي في الكتابة للطفل إلى التسعينيات، عندما تفرغت لمشروع مهم وكبير هو تحويل ألف ليلة وليلة إلى الأطفال بواسطة كراسات صغيرة وملوّنة، وقد أنجزت بحدود أربعين حلقة منه، لكنّه توقف بسبب هروبي من العراق في نهاية المطاف وظل حبيس أدراج مكتبي حتى الآن. عدى ذلك كتبت بعض القصص المتفرقة للأطفال هنا وهناك، وكتبت العديد من القصص باللغة الهولندية وهي ذات طابع شرقي تعتمد الحكمة المشوقة بالاستناد إلى أسلوب كليلة ودمنة المعروفة، لكن أخر تجاربي في هذا المضمار كانت روايتي لليافعين “سعادة سنمار” (قيد النشر في الكويت)، وهي التجربة الأولى والوحيدة في مجال الكتابة لليافعين، وقد كتبتها تحت ظرف خاص، حين كنت في ضيافة صديقة إعلامية معروفة وكانت روايتي “خان الشّابندر” على الطاولة، فالتقطتها ابنتها المراهقة وراحت تقرأ فيها حتى انتبهت لها امّها ومنعتها لأنّها غير مناسبة لفئتها العمرية، فراحت تبكي بكاء مرًّا لأن أحداث الرواية شدتها على ما يبدو، ولم نستطع مواساتها إلّا بعد أن وعدتها بكتابة رواية تناسب عمرها واحداثها تشبه أحداث “خان الشّابندر”، ولأن الأبنة والأم عزيزتان على قلبي، فقد أنجزت وعدي لهما وكتبت رواية “سعادة سنمار”، واتمنى أن يسعفني الوقت لتكرار التجربة في المستقبل.

ما الذي تشتغل عليه الآن؟

شاغلي الأكبر حاليًا هو إكمال روايتي الجديدة، فهي عمل صعب ومتداخل وموضوعته شائكة للغاية، ونظرًا لطريقتي الغريبة التي أتبعها في الكتابة، فأنّني أحرص دائمًا في مراحل معينة، على التخلص من عبء الكتابة الروائية بين حين وآخر، والهروب إلى كتابة مشاريع خاطفة هنا وهناك، كما حصل في مجموعة (طائرٌ يُشبه السَّمكة)، وثمّة كتاب آخر أعمل عليه في استراحاتي من الكتابة الروائية عن المستشرقة والمصورة الهولندية الشابّة الكسندرين تين التي عاشت في القرن التاسع عشر ورحلتها إلى أعالي النيل والسودان، وهو كتاب رحلات شيق على ما أعتقد. عدى كتاباتي الصحفية شبه اليوميّة في جريدة العرب الدولية طبعًا.

شارك مع أصدقائك