تشارلز ملكًا
ا.د. هبة مهتدي
يا لها من رحلة طويلة عاشتها اجيالي مع تشارلز منذ نعومة أظافرنا. والآن ان كنت قد شاهدت حفل تنصيب الأمير تشارلز ملكًا او سمعت عن هذا الحدث،ترى ماهي الأفكار والتساؤلات التي جالت بخاطرك او تذكرتها ؟ هل تذكرت تشارلز الأمير الشاب والذي لقب بأشهر عازب وتنافست الجميلات على مواعدته او الظهور معه؟ أم العريس الوسيم يوم زفافه وقبلته الشهيرة لأميرة القلوب ديانا في شرفة القصر الملكي؟ أم تذكرت ديانا ورقتها وأناقتها وجمالها البريء وحفل زفافها الأسطوري ثم انفصالها عن امير الأحلام؟ وهل حزنت على تلك الأميرة وحياتها القصيرة التي انتهت بحادث أليم مع دودي الفايد ودعوت لها ان ترقد روحها في سلام؟ أو ربما تذكرت حبه الأول لكاميلا، تلك القصة التي بدأت مثل غيرها من القصص بين فتاة وشاب في فترة دراستهما الجامعية ملأ الحب قلبيهما والأهم منه تقارب شخصيتهما والانسجام الفكري بينهما ولكن تدخلات الأسرة باعدت بينهما وبالتالي تزوج كلا منهما وكون عائلة لنفسه، حتى هنا تبدو حكاية معروفة ومكررة آلاف المرات، ولكن الغريب والغير مألوف أن تبقى العلاقة وتقوى وتنتصر على كل الظروف بل وعلى تقاليد وقوانين العائلة المالكة، تلك القوانين التي ارغمت الملك ادوارد على التنازل عن العرش من قبل ليتزوج ممن احبها قلبه، وبالتالي انتقلت حينها الملكية لأخيه چورچ ومنه الى ابنته الملكة اليزابيث ثم تشارلز، ذلك القانون الغريب الذي يمنع الملك من الزواج بمن سبق لها الزواج، استطاع تشارلز ان يصمد امامه بل ويغيره وينتصر لحبه ( والذي نعلم جميعًا انه يعتبر خيانة) حتى انه كان سببًا في تغيير هذا القانون وتزوج ممن يراها حبيبة عمره تلك السيدة الأكبر منه عمرًا و لديها زواج سابق وابناء وها هي الآن توجت ملكة لبريطانيا الى جواره؟ هل حقًا زار طيف ديانا ملايين البشر الذين احبوها حين شاهدوا هذا الحفل؟ اعتقد ذلك، واعتقد أيضًا ان ديانا كانت ملكة القلوب ولكن كاميلا كانت ملكة قلب تشارلز وهذا يكفيها. ولأكمل تساؤلاتي: ماذا جال بخاطرك حين سمعت خبر هذا التنصيب او شاهدت الحفل الملكي؟ هل انت انسان عملي في فكرك وابتعدت عن تحليل حياته الشخصية و قلت لنفسك دع الخلق للخالق ولكنك من عشاق التاريخ وكل ما هو كلاسيكي فانبهرت بالطقوس والملابس الملكية العتيقة وكأنك تشاهد حفلًا تاريخيًا عاد بنا إلى عدة قرون مضت؟ هل ذكرك هذا الحدث بقوة الملكة اليزابيث وحياتها الطويلة الحافلة بالعطاء ؟ أم ذكرك بما عانته مصر وغيرها من البلاد العربية من احتلال انجلترا لها في زمن اطلق فيه عليها لقب بريطانيا العظمى ؟ وان كنت لا تحب التاريخ والماضي فهل انت من محبي مسلسلات Netflix وشاهدت مسلسل Crown وعشت مع الأبطال حكايات واحداث وافراح واحزان عديدة؟ أم أنك تابعت الفيلم الوثائقي لهاري وزوجته الممثلة الأمريكية ميجان وجال بخاطرك ما تم ذكره عن معاناة الحياة داخل الأسرة المالكة؟ وأخيرًا هل انت من محبي قراءة كتب التنمية الذاتية و البشرية ورأيت في تشارلز انسان قوي استطاع تحقيق أحلامه بالصبر والمثابرة فتزوج من احب وهو في السادسة والخمسين من العمر وبعد ٣٥ عام من الحب ثم توج ملكًا وهو في الرابعة والسبعين ؟ وان كنت مصريًا هل تذكرت مقولة( طولة العمر تبلغ الأمل ) او ( اللي يعيش ياما يشوف)؟ وان كنت من دولة عربية شقيقة اخرى فماهي العبارة الموازية لذلك في لغتك العامية؟ أم انك ياعزيزي القاريء غير مهتم على الاطلاق بهذا الموضوع؟ ان كنت كذلك،اطمئنك انني أقدر و اتفهم ذلك من كل قلبي فربما انت وانا وغيرنا منشغلون بمشاكلنا الشخصية او الصحية او البحث عن لقمة العيش او مهمومون بسبب حروب العالم والزلازل والكوارث وبالتالي فإن هذا الحفل قد لا تكون له تلك الأهمية التي يشعر بها آخرون في بلدان أخرى. ومع ذلك، وأيًا كان حال الجميع فهذا لن يغير حقيقة وواقع أن الأمير تشارلز صار ملكًا!