حيِّزٌ مِنْ تاريخي المُعلَّبِ
عبدالناصر الجوهري – مصر
………………….
حين أفتحُ نافذتي؛
لعصافير لم تأْتِ مُسْرعةً،
تنْقرُ اليوم فوق الزُّجاج،
وتُبْسطُ لي نظْرةً للوداعْ
حين أفتحُ مِصْراعَ تلك القريحةِ،
لم يأتِ زورقُ بحْر التَّفاعيل دون شراعْ
حين أفتحُ قلبي،
ولم يأتِ حظِّي مع الأُخْرياتِ،
فلا القلبُ يخشى الغرامَ،
ولا الجُرْحُ ملَّ اتساعْ
حين أفتحُ منديلَ أُمِّي القديم،
فلم تأتِ رائحةٌ غير عطْر الشَّقاءِ،
ويُتْم القصيدِ،
ودمْع قوافٍ جِيَاعْ
حين أفتحُ يومًا مدوَّنتي ،
كيف لم تأتِ عُزْلةُ كوني ،
وتُدْخلني من جديدٍ مع مُلْهماتِ الصِّراعْ
حين أفتحُ حاسوبَ عولمتي بالسَّقيفةِ ،
لم يأْتِ مُحْتلُّ أرضي لينزع عنْهُ القناعْ
حين أفتحُ مُسْتعرضًا هاتفيْ الخلويَّ،
لم يأتِ للاجئين احتباسٌ لطقسي ،
وصار المناخُ صداعًا في صداعْ
حين أفتحُ تابوت مقبرةٍ
كيف لم تبْدُ برْديَّةٌ للفراعين غير نُقوشٍ،
تُطاردني في اندفاعْ؟
حين أفتحُ قصر مُعلَّقتي
كيف لم تأتِ لي جاذبيَّةُ تفَّاحتي،
في المزادِ مُعلَّبةً ؛
كى تُطيلَ مجازي،
وتمْنعُ عنِّي هسيسَ اليراعْ؟
حين أفتحُ صندوقَ حُزْني
فلم تأتِ كنْعانُ ؛
إلا وتُخْفي بــرحْلي صواعْ
حين أفتحُ للحرْب لو جبهةً
كيف لم يأْتِ لي مُسْعفٌ يتحسَّسُ ساقيَّ ،
أو يتحسَّسُ أعْضاءَ جسْمي ؛
إذا بُترتْ لي ذراعْ
أخْبروني بــجيناتِ إرْثي؛
لكوني مِنَ الكائناتِ الفريدة ،
صارت لدىَّ ملامح تلك الطباعْ
كائناتٌ ستملأ حيِّزها بالفراغ،
تردُّ على زحْفِ مُسْتوطناتِ الأعادي،
بتجميد إرْث النزاعْ
بينما صادروا في المعابر قدَّاحتي ،
أو غدًا ربما هدموا منزلي،
حرقوا لي متاعْ
كائناتٌ تُجيدُ التَّناحرَ ؛
لكنَّها لا تُفرِّطُ في الإنتماءِ،
ولا ترْتضي أنْ تُباعْ.