الحزب الشيوعي العراقي وعملية التغيير السياسي في العراق … فراس ناجي

شارك مع أصدقائك

Loading

 

الحزب الشيوعي العراقي وعملية التغيير السياسي في العراق

فراس ناجي

 

يمر العراق الآن في أزمة تاريخية خطيرة ومركبة يصعب التكهّن بمآلاتها، ففي حين تتضاءل شعبية القوى التقليدية الحاكمة منذ 2003 وتزداد الحركات الاحتجاجية ضدها، لكن هذا لا يعني بالضرورة حتمية التغيير نحو وضع أكثر إيجابية واستقراراً.

 

فإنجاز عملية التغيير السياسي لتحقيق الوطن الذي يحفظ كرامة وأمن واستقرار العراقيين يتطلب جبهة سياسية فاعلة ذات قاعدة مجتمعية واسعة يقودها حزب قادر على تنظيم الإرادة الجماعية الوطنية وأن يعبر عنها برؤية ثقافية-أخلاقية يقتنع بها مجموع الشعب. فهل يستطيع الحزب الشيوعي العراقي أن يقوم بهذا الدور المحوري في الظرف الحالي؟ وما هي التحديات التي تواجهه إذا قام بذلك؟

 

الدور التاريخي للحزب الشيوعي العراقي

 

يتميز الحزب الشيوعي العراقي عن باقي الأحزاب في المشهد السياسي الحاضر باستقرار هيكيليته التنظيمية وتمثيله لأعضاء الحزب في مختلف المحافظات العراقية، وكذلك بتاريخه النضالي من أجل التحرر الوطني خاصة دوره المهم في تغيير النظام السياسي من الملكية الى الجمهورية. فقد مرّ العراق حينها بأزمة متفاقمة تدهورت فيها الأوضاع المعيشية، فيما احتكرت أقلية مجتمعية السلطة واستخدمتها في قمع النقابات العمالية وأحزاب المعارضة وفي مصادرة الحياة السياسية تحت ظل قوانين الطوارئ.

 

قاد الحزب الشيوعي عملية تشكيل جبهة الاتحاد الوطني في آذار 1957 التي كانت بمثابة الذراع السياسية للثورة، حيث وفرت هيكلية للعمل المشترك بين الأحزاب الوطنية المعارضة وللتنسيق مع الضباط الاحرار في التخطيط والتنفيذ للثورة. إن هذا الإنجاز الذي هيأ الظروف المؤاتية لعملية التغيير السياسي هو في الواقع أهم من عملية المباشرة فيها – حسب المفكر الماركسي أنطونيو غرامشي – خاصة إذا كان التغيير جذرياً والغاية هي تبني المجتمع لمعايير ثقافية وأخلاقية مختلفة عن تلك التي أدت الى الأزمة.

 

فقد طرح غرامشي مصطلح حرب المواقع التي تشمل التفاعل مع مؤسسات المجتمع المدني (الأحزاب السياسية والنقابات والجمعيات والكنيسة والمدارس والصحافة) لتحقيق الهيمنة الثقافية عليها عبر التحالفات السياسية لكسبها الى صف المعارضة وبالتالي قيادتها في العمل المعارض وتصعيد الاحتجاجات على الصعيد الوطني الاجتماعي والثقافي. فقد نجح الحزب الشيوعي في حينها في تأسيس تحالفات سياسية عابرة للأيديولوجيا (يسارية ماركسية وعروبية وقومية كردية) وباستمالة الفاعليات الأساسية للمجتمع المدني العراقي الى صف البرنامج السياسي المشترك لجبهة الاتحاد الوطني، وبذلك نجح في بناء الكتلة التاريخية – وهي تمثل الحاضنة الأكبر مجتمعياً لعملية التغيير السياسي حسب غرامشي – المضادة لنظام الحكم الملكي المتهالك والتي كسبت الى جانبها جمهوراً عريضاً من المجتمع مساندا لعملية التغيير السياسي.

 

إن هذا الدور القيادي والمثمر للحزب الشيوعي لم يكن ليحدث بدون عاملين مهمين كيّف الحزب نفسه لاستثمارهما بنجاح: الأول هو تفعيل دور الشباب المثقف لأخذ زمام المبادرة لتولي قيادة الحزب، والثاني هو تبني برنامج وطني متبلور يعكس الرؤية الثقافية والأخلاقية لذلك العصر بحيث يمثل البديل البديهي لسياسات وبرنامج الطبقة الحاكمة.

 

لقد تمّيز الجيل الجديد حينها بزيادة عدد المتعلمين فيه وبانخراطه في الفضاء العام عبر مؤسسات مجتمع مدني خاصة به مثل الجمعيات والجماعات والصحافة عمل من خلالها على تطوير الثقافة والأدب والفن في الفضاء العام. كما تربّى على وعي وطني يتمحور حول استقلال وسيادة العراق والتخلص من السيطرة البريطانية، واعتبار الطبقة الحاكمة كعملاء لبريطانيا ضد مصالح العراق الوطنية. فقد استطاع الحزب الشيوعي توظيف هذا التناقض الثقافي والأخلاقي لتوسيع الصراع السياسي ضد الطبقة الحاكمة ليتجاوز الحدود الفئوية الى المستوى الوطني العام.

 

كان الجيل الجديد منجذباً الى اليسار الماركسي إذ إن بهجت العطية مدير الأمن العام في العهد الملكي قدّر في تقرير له في 1949 أن ما يقرب من 50% من الشباب في المدن الكبيرة بغض النظر عن طبقاتهم كانوا ينجذبون الى العقيدة الشيوعية. كما أثّر ذلك على الأيديولوجيات الأخرى، فقد كان خطاب حزب البعث العربي الاشتراكي أقرب الى الماركسية، فيما أعلن الحزب الديمقراطي الكردستاني تبنيه للماركسية بقيادة إبراهيم أحمد في 1953، بل حتى حزب الاستقلال العروبي اليميني تقليدياً أخذ يتحدث بلغة يسارية.

 

لذلك كان انخراط الشباب المثقف في الحزب في بداية 1954 حاسماً في خلاص الحزب من أزمته الخطيرة بعد اعدام قائد الحزب ومؤسسه يوسف سلمان يوسف (فهد) في 1949، والتي شهدت تغيّر قادته باستمرار وتعرّضه للانشقاقات السياسية ونفرة القوى السياسية الوطنية منه نتيجة تبنيه لشعارات راديكالية فئوية. فقد ساهم سلام عادل (حسين الرضي) (1922- 1963) بفعالية في التقرير السياسي للجنة المركزية بعنوان “جبهة الكفاح الوطني” الذي حدد خطاً سياسياً منفتحاً للحزب، وأثمر عن الاتفاق بين أحزاب المعارضة (تضم أحزاب الوطني الديمقراطي والاستقلال والشيوعي بالإضافة الى مستقلين) على برنامج عمل موحد لجبهة وطنية في انتخابات حزيران 1954؛ ثم تعزز دور الشباب المثقف في الحزب عبر انتخاب سلام عادل سكرتيراً للحزب في 1955، وبعدها عبر انعقاد الكونفرنس الثاني في أيلول 1956 حيث تم انتخاب المكتب السياسي للحزب ليضم سلام عادل وجمال الحيدري وعامر عبد الله (وجميعهم ينتمون الى نفس الجيل ولا تتجاوز أعمارهم منتصف الثلاثينات).

 

لقد أرسى التقرير السياسي للكونفرنس الثاني “خطتنا السياسية في سبيل التحرر الوطني والقومي” المبادئ الرئيسية التي أمكن أن تجتمع حولها مختلف القوى الوطنية المعارضة للطبقة الحاكمة. فعمل على التكيّف مع حركة التحرر العربي المعادية للغرب بقيادة جمال عبد الناصر في الدعوة الى حكومة وطنية تنتهج “سياسة وطنية عربية مستقلة”، وقرّب موقف الحزب الشيوعي من القوى الوطنية العروبية وجماهيرها عبر التأكيد على “الطابع التقدمي والديمقراطي لحركة الانبعاث القومي العربي”. وفي نفس الوقت عمل على تدعيم علاقته مع الحزب الديمقراطي الكردستاني والجماهير الكردية عبر الدعوة الى “الاعتراف المتبادل بحق تقرير المصير وبمشروعية طموح الشعبين العربي والكردي الى التحرر والوحدة القومية”. لقد كرّس هذا التقرير ترسيخ الدور الطليعي للحزب في تأسيس جبهة الاتحاد الوطني التي دعمت العمل المشترك مع بقية الأحزاب السياسية الوطنية والضباط الأحرار والتي تعدّ (أي الجبهة) المحرك الرئيسي في التهيئة لنجاح عملية إسقاط النظام الملكي في 14 تموز 1958.

 

فما أن سقط النظام الملكي في ثورة 14 تموز حتى تمثلت أحزاب الجبهة كأغلبية في الحكومة العراقية للجمهورية الفتية التي تبنت البرنامج المشترك للجبهة والذي شمل استقلال العراق عن الارتباطات الغربية، وإطلاق حريات التنظيم السياسي والنقابي، وإلغاء النظام الاقطاعي وتوزيع الأراضي على الفلاحين، وتوفير الخدمات الضرورية لجميع فئات الشعب، بالإضافة الى تبني مبدأ الشراكة في الوطن بين العرب والكرد والاعتراف بالحقوق القومية لكليهما.

 

أزمة النظام السياسي الحالية والدور المحتمل للحزب الشيوعي العراقي

 

ربما لا يختلف الكثير حول فداحة الأزمة التي يمر بها الآن نظام ما بعد 2003 والمصاعب الجمّة التي تواجه أي محاولة جدية لانتشال المجتمع العراقي من الوضع الكارثي الذي انتجته الطبقة الحاكمة. فالتمنيات بأن إجراءات التهدئة التي تتخذها حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني يمكن أن تنّفس من الأزمة، ليس لها أساس منطقي، ذلك إن تعيين أكثر من 850 ألف موظف جديد على ملاك الدولة هو في الواقع إمعان في هدر موارد العراق الاقتصادية عبر توظيفها في استثمار غير منتج ذي عواقب مالية كارثية على المديين المتوسط والبعيد.

 

وإذا أخذنا في الاعتبار التناظر بين الوضع العراقي قبل ثورة تموز والوضع الحالي، نجد أن أزمة النظام السياسي في كلا الحالتين هي خطيرة ومتفاقمة بدون أي حل في الأفق، بسبب احتكار السلطة من قبل أقلية حاكمة لا ترضى بأي تنازل عن سلطتها ومصالحها مقابل جيل جديد يرفض شرعية هذا الحكم، لكنه يزداد قوة وتطوراً مع الزمن، بينما يزداد وهن سلطة الطبقة الحاكمة وتتفاقم الأزمة المجتمعية.

 

أما الحزب الشيوعي، فما يزال له دور فعّال في المشهد السياسي العراقي تدعمه تجربته التاريخية التي يمكن أن يستثمر منها العبر والدروس للنجاح، بالإضافة الى وعي الحزب لدوره المحوري في عملية التغيير السياسي المطلوبة. لقد قدّم تقرير المؤتمر الحادي عشر للحزب في تشرين الثاني 2021 خطوطاً عامة للسياسات المطلوبة لحل العديد من المشاكل الحقيقية في الوضع العراقي مثل تعزيز النظام الفيدرالي وإصلاح المنظومة العسكرية والأمنية، والإصلاح في مختلف المجالات. كما أكد هذا المؤتمر أن مشروع الحزب هو إقامة الدولة المدنية الديمقراطية بمواطنة متساوية وعدالة اجتماعية وحماية الحقوق القومية والسياسية والثقافية لجميع العراقيين. وطرح رؤيته للتغيير السياسي عبر تغيير موازين القوى لصالح هذا المشروع من خلال اصطفاف واسع للقوى التي حددها “بالبديل المدني الديمقراطي”. فقد أدى الحزب دوراً فاعلاً في تأسيس “قوى التغيير الديمقراطية” كهيكلية للقوى السياسية المعارضة للطبقة الحاكمة تسعى أن تكون البديل السياسي للأحزاب الحاكمة عبر شعار “التغيير الشامل نحو دولة المواطنة الديمقراطية والعدالة الاجتماعية”,

 

إلا انه في الوقت نفسه، يبدو أن هناك تحديات رئيسة يمكن أن تحدّ من فعالية الخطة السياسية للحزب لحل الأزمة الحالية المتفاقمة. فالتحدي الرئيسي هو في تفعيل دور الشباب المثقف ليأخذوا زمام المبادرة في إدارة الصراع مع الطبقة الحاكمة، إذ أن المحرك الرئيسي للصراع الحالي هو أوسع من أي بعد اقتصادي أو سياسي أو اجتماعي فئوي، بل هو ثقافي-أخلاقي ينعكس في الرؤيتين المتناقضتين بين الجيل الجديد (شباب ثورة تشرين) وما بين الحرس القديم لنظام المحاصصة المكوناتية. فشباب تشرين أسسوا لنزعة وطنية جديدة، المقدّس فيها هو الوطن وكل ما يرمز اليه من علم ونشيد وطني وهوية جامعة وحضارة تاريخية وسيادة كاملة ومواطنة متساوية، بينما وطنية الطبقة الحاكمة ناقصة، الولاء فيها للمكوّن (وعبره لمصلحتهم الشخصية) والحضارة متحيزة والسيادة منقوصة والمقدّس مُجيّر.

 

ولا يبدو ان سياسات الحزب الشيوعي الحالية تعكس هذا البعد الثقافي-الأخلاقي الواسع على الرغم من وجود محاولات لتفعيل دور الشباب في الحزب خاصة بعد المؤتمر الحادي عشر الأخير. فأساس التحالفات التي يسعى اليها الحزب حسب سكرتيره رائد فهمي – في حوار مع جريدة طريق الشعب مؤخراً – هي مع القوى المدنية ولا تشمل القوى ذات التمثيل الديني أو القوى المحافظة، على الرغم من انه لم يستبعد قيام “لقاء سياسي على قضية معينة” حسب وصفه لتحالف سائرون مع التيار الصدري سابقاً. وهذا التمييز في التحالفات على أساس الأيديولوجيا السياسية يحدد من مدى هذه التحالفات وسعة قاعدتها الشعبية المساندة للتغيير. كما ويحد من الاستقطاب الواسع للشباب نحو قوى التغيير، فليس بالضرورة إن معظم “جيل تشرين” يعّرفون أنفسهم “بالمدنيين الديمقراطيين”، بل إن ما يجمعهم هو إحساسهم بعراقيتهم وسعيهم لوطن تمثله دولة قوية تحافظ على السيادة وتطبيق القانون، والمساواة بينهم كمواطنين، واستثمار موارد الوطن الوافرة لخلق فرص حقيقية لمستقبلهم الموعود.

 

التحدي الرئيسي الاخر هو في معالجة فشل العملية السياسية في بناء دولة مركزية اتحادية فعالة تعمل للمصلحة الوطنية وتحفظ السيادتين الداخلية والخارجية، والتي بدونها لا يمكن تنفيذ أي سياسات لإصلاح الوضع الحالي حتى لو تم تغيير الطبقة الحاكمة بأخرى أكثر وطنية. “فالآباء المؤسسون” لنظام ما بعد الغزو الأمريكي كانوا قد كتبوا الدستور العراقي على أساس التوازن بين “المكوّنات” باعتبار – حسب فرضيتهم – ان المظلومية التاريخية لكل مُكوّن تعمل على فقدان الثقة بينهم، فلا يمكن تأمين التعايش بين هذه المكونات الا عبر المحاصصة المكوناتية التي تقسّم السلطة والموارد الوطنية بين ممثلي هذه المكونات في البرلمان. كذلك شرّع الدستور سلطة شبه مطلقة للبرلمان على السلطة التنفيذية، تؤدي الى غياب الرقابة البرلمانية على السلطة التنفيذية بسبب المصلحة المشتركة للأحزاب من خلال تقاسم السلطة عبر المحاصصة، والذي أدّى الى تفشي سرقات المال العام واستشراء الفساد ودخول قوى مسلحة متحزبة في لعبة حفظ التوازن بين الأطراف السياسية.

 

أما التغيير الشامل الذي يطرحه الحزب الشيوعي على لسان سكرتيره رائد فهمي، فهو يستند على التغيير من خلال التحالفات السياسية والعمل التراكمي من أجل إعادة توزيع الثروة والسلطة باعتبار إن التغيير الشامل لن يتحقق بدفعة واحدة. وهذا لا يحقق الحل الجذري المطلوب الذي يمثل البديل الوطني لنظام المحاصصة المكوناتية ليس فقط عبر تغيير منهجيته، بل كذلك عبر تغيير الأساس الدستوري له.

 

إن تفشي الاغتراب السياسي في الوضع العراقي حالياً – أكثر من 80% من الناخبين المُحتملين لا يشاركون في الانتخابات – بالإضافة الى حالة اليأس الجماهيري من عملية التغيير السياسي من داخل النظام عبر فشل التيار الصدري في محاولته لتغيير منهجية الحكم على الرغم من فوزه اللافت في الانتخابات الماضية 2021 وامتلاكه للفصائل المسلحة، كل هذا يشي باحتمالية صعود وتفشي الحركات السياسية الشعبوية أو حالة من الفوضى يعقبها سيطرة الحرس القديم للنظام على الحكم عبر الثورة المضادة. فالشعبوية التي تشكك بالمؤسسات الديمقراطية والأحزاب والنقابات، وتؤمن بالقائد المخلّص للأمة فيما تُخوّن معارضيها، غالبا ما تعتاش على التداعيات السلبية للدولة وتنمو مع ازياد الاغتراب السياسي في المجتمع، إذ تتميز بخطابها المُختزِل لأزمات المجتمع المستعصية وعرضها لحلول سهلة يمكن أن يقتنع بها عامة الجماهير وبذلك تنمو وتشكل قوة ضاغطة كبيرة في المجتمع.

 

فقد نجحت حركة بريكست الشعبوية في تحقيق انفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوربي، وتحدى الرئيس الأمريكي الشعبوي ترامب مؤسسات الدولة الامريكية عبر تشجيعه الهجوم على الكونجرس وعدم الاعتراف بنتائج الانتخابات الامريكية الأخيرة، في حين أدخل فولوديمير زيلينسكي (الممثل الذي تحول الى سياسي شعبوي) بلاده في أتون حرب مدمرة بدون الاعتبار لتفوق قدرة عدوّه وللمصلحة الحقيقية لمجمل الشعب الأوكراني.

 

أما في عالمنا العربي فقد أدّى الاغتراب السياسي وتفاقم الوضع المعيشي الى ثورات الربيع العربي في 2011 التي أدت إما إلى الفوضى المدمرة أو الى انتصار الثورة المضادة كما في مصر، أو الى انتصار الشعبوية في تونس بسبب عدم تهيئة الظروف الملائمة لعملية التغيير السياسي أو الإحباط من عدم تلبية الحكام الجدد لسقف التوقعات العالية لعامة الجماهير.

 

لا أعتقد إنه من المقنع لهذا الجيل أن ينتظر نتائج العمل التراكمي الذي يعده به الحزب الشيوعي في ظل الازمة المتفاقمة الحالية. فحالة السكينة المؤقتة في المشهد السياسي العراقي ما هي إلا حالة توازن قلق لوضع مأزوم تستمر فيه حالات سرقة المال العام وهروب المُدانين والصراعات المسلحة والتلكؤ في مشاريع التنمية والضعف في الخدمات، ما يبقي إذكاء جذوة عدم القبول والاحتجاجات السياسية، ويفاقم حالة الاغتراب السياسي للجماهير. فلا محالة من أن تضطرب الأمور وبقوة مستطردة عند أي اختلال لحالة التوازن المعقدة هذه وفقدان السيطرة على الأزمات المتفاقمة.

 

 

شارك مع أصدقائك