البكاء على أطلال ” الدكتا.. ثور” 9 نيسان ولعنة التقويم.. وديع شامخ

شارك مع أصدقائك

Loading

البكاء على أطلال ” الدكتا.. ثور

9 نيسان ولعنة التقويم

……

كلّما يمر ّيوم 9-4 من التقويم العراقيّ الجديد وفي كلّ عام   وبعد 2003 تحديداٍ ، تبدأ ظاهرة  ملفتة  إيجابية إلى حدٍّ ما ، في أن 9-4-2003  هو الحدّ الفاصل بين زمنين وعهدين وقهرين ،ظاهرةٌ يتناوب عليها نمطان من التّفكير والذاكرة ، نمطٌ  يحاول استدرار عاطفةٍ زمنيّة وهو يعيش في الماضي  دائماُ ، وينتمي إلى مدرسة أن الماضي هو الزمن الذهبيّ وما عداه فهو خراب مُنظّم  ،  وهذا التفكير  أو النمط الجمعيّ وليد لنظريّات دينيّة وقوميّة معاً ، كلاهما   يغذّي ثقافة أن ” خير الزمان زماني، وخير القرون قرني  ” وما بعدي هو نزول دائم في المنحنى التاريخيّ للشعوب ، وأما النمط الثاني  فهو العيش في مغانم  الحاضر ماديّاُ ومعنويّاً والكفر الكامل بالماضي ، والضبابيّة الكاملة للمستقبل .

إنهم في امتحانٍ  عسير في مفهوم الزمانيّة الكبرى وفقاً للفيلسوف  بول ريكور وطروحاته في كتابة ” السرد والزمان ” تُعد الزمانية هي ”  الماضي ، الحاضر ، المستقبل “.

9- نيسان  – 2003  هو تاريخ مفصليّ في تاريخ العراق المعاصر ، يتناوله النمطان بطريقتين عاطفيتين ، لا مكان للتوصيف العمليّ والبحث التاريخيّ والتوثيق  السيريّ المهنيّ .

 البكّاؤون على أطلال الزمن”  الجميل ” يلعنون اليوم الذي وصل فيه ثلّة من المفسدين ونظامهم المخاصصيّ الطائفيّّ،وربط   حاضر العراق بيد أجندات خارجيّة مريبة ، إنهم باعوا العراق ، وهم الذين أجهزوا على ما تبقّى من لحمة ووحدة الشعب العراقيّ  قوميّاً ودينيّا ومذهبيّا ، وهم وراء الحروب الطائفيّة الطاحنة ، وهم وراء أسلمة الحياة العراقيّة العلمانيّة ، وهم وراء بثّ الرّعب المجتمعيّ المنظّم وسيادة  نمط جديد من الثقافة المجتمعيّة العراقيّة ، والتي تتمثّل في التكفير والتهجير كسبيلان لإقصاء  الآخر المختلف  اجتماعيّاً وسياسيّا ودينيّا ،  وهم وراء هذا الفساد العالميّ وسرقات  القرن   وغيرها ، وهم المنخرطون في الخراب الجديد .

هذا النمط  من التفكير يعكس وجهاً واحداً للعملة وينتمي إلى الحنين والعاطفة إلى ما يقوله المثل العراقيّ ” ايشوف الموت يرضى بالصخونة ” ، لأنّ توصيف الظاهرة بهذا التبسيط والألم معاً  لايرسم لنا الصورة الكليّة المرتبطة بزمنين ”  الماضي والحاضر ”  ويبقى المستقبل غائماً تماماً ، لأن المظلوميّة تذهب إلى الحنين إلى ماضٍ تليد إزاء حاضرٍ بليد !!

والنّمط الثاني هم  أبناء ” ربّ الحاضر ” الجديد ، منهم على الأغلب ، مسوخ السياسة  وأرباب الأجندات الخارجيّة ،وبطون الشحّة والعوز فكريّاُ قبل ماديّاً ، لا رابط لهم بالعراق سوى أن يكونوا  عبيداً لسياسات الدول المجاورة والإقليميّةوالانعزال .

وهم وراء كل ويلات الحنين للماضي ، وهم الذين ومعهم  الذي جاء بهم ” امريكا” ، في نشر السواد على الحياة العراقية / وهم الذين فخّخوا حتى أحلامنا ..

بين هذن النمطين  هناك صوت يعمل في المحكمة النقدية للتاريخ بعدة حفريّة وثقافة ومهارة   تجعله بمنأى عن هذين النمطين ، وفقا  لمبدأ  المظلوميّة ، للماضي والحاضر فقط .

هذا النّمط ينتمى إلى الزمانية الكبرى ” الماضي والحاضر والمستقبل “،  تلك   المعادلة  التي يجب أن تدرس بتوازن ، من حيث فحص  الماضي بمهنيّة وبمهنيّة معياريّة وليس قرينة احتماليّة للحاضر ، والسّير بعين عوراء  للمحاسن والمساؤى ..

كان عهد صدام  وأعني منذ تولّيه الحكم عام 1979 وبداية الخراب المنظّم ،   فكانت باكورة  حكمة في تصفية  رفاقه في أشهر مجزرة معروفة في مسرحية مفضوحة ، كان القصد منها   التخلص من قرار  الوحدة بين العراق وسوريا ،  بعد أن اغتصب الحكم من ” الأب القائد البكر ” فهو إذن أعني صدّام   وقيادته الخانعة ، ، ثم أنهى الجبهة الوطنيّة وأنهى اللّحمة الوطنية السياسية وأعدم  وأبعد وأسكت ترهيبا ًوترغيبا في كوادر الحزب الشيوعي ، ثم سعى وبتخطيط ونيّة  مسبقة في  الحرب مع إيران ، وكانت أسرش حرب  في التاريخ المعاصر ،استمرّت لثماني سنوات ،  وللأمانة التاريخيّة ” إن صدّام أشعلها والخميني أطال زمنها ” ، ولكنّه في النهاية   قال “للفرس المجوس !!” لقد أختم كلّ ما طلبتم ”   كما وردت في رسائل صدّام  هاشمي رفسنجاني ، التي نشرت في كتاب مستقل أصدره  مهدي  ابن هاشمي رفسنجاني !!

وبعدها ادخلنا فارس العرب وبطل التحرير القوميّ و99 اسم فاقت أسماء الله الحسنى ، في حرب عبثيّة قاتلة مع دولة الكويت الشقيقة ، وخرجنا منها مخذولين ، مسحوقين  أمام  امريكا وقوات التحالف   الدوليّ ، مع حصول الكويت على مغانم حدوديّة كانت تحلم بها !!

ثم امتثل العراق إلى قرارات حصار جائر طوال التسعينات ، أربك الحياة العراقية وادخل فيها نمطاً جديداً من ثقافة العياريين والشطاريين ، والانكشارية  العثمانية معاُ ..

ثم جاءت الفرصة الأخيرة لصدام وقيادته بالتخلي عن السلطة فقط  ، كشرط لإعادة وتاهيل العراق  وإعادته إلى محيطه العربيّ والاقليميّ  والعالميّ ، ولكنّها عنجهيّة وغباء ” العميل المتمرّد صدام حسين ” الذي  دفع ثمنها العراق غالياُ.وكلّ ماذكرته لي فيه مصادر رسميّة موثوقة .

خلاصة القول

لكلّ من النمطين في التفكير هناك شعب حرّ عراقي صاحب تاريخ طويل وذاكرة غير معطوبة ، والشعوب الحرة تكبو وتنجرح ولكنها لا تموت ..

الشعوب الحيّة الحرة ، لا تستكين لوصفة ماضٍ أو نزعة حاضر  طارئتين .. الشعوب الحرة تستجيب لقدرها بوعي تاريخي وإرادة كاملة ، حين يتوفر العمق  الفكري النقدي ، والمنهج السياسي .

الشعوب قادرة على تقديم البديل وهو ما أدركته عقلية الثورة التشرينية ، التي هي منتظرة ولها صبر وطني عالٍ ، وفهم واقعي للمتغيرات  المجتمعية العراقية والسياسية اقليميا ودوليا ،  هم الذين يكون لهم الحكم الفصل ، وهم أصحاب الاقتراح الوطني ، الذي سوف يكون مطروحا للحوار في ظل الزمانية العراقية الكبرى

شارك مع أصدقائك