Blog
نصوص …. الشاعر وديع سعادة
صدفة
هكذا صدفة
رجلٌ مبلول يقف على الساحل
رجل عاد أخيراً
من محاولة يائسة لشفاء النمور
من داء الغابات
قرصان
أراد الاستيلاء على النحاس
ومداواةَ حيواناتٍ منقرضة
هنديٌ أحمر
يتذكَّر صيحات
وريشاً ملَّوناً،
هكذا ببساطة
رجل يعوّض خساراته
بالوقوف قليلاً
أمام دكَّان مقفل.
البحث عن عميل
وأيضاً قطارٌ عائد من الحرب
بجثثٍ أُجالسها
ونحتسي القهوة.
هناك عميل بين المسافرين
يجب أن أجده في الحال
عميل يأخذني فوراً إلى رأس العالم
في هذه اللحظة يجب أن يتمَّ كلُّ شيء
انفجارٌ يودي بالعجلات
أو يوقف سلحفاةَ الدماغ
العنيدة
وهذا الجنديُّ إلى يميني
وامرأة تسحب نفسها
وتدخل المرحاض
والبصَّارة ثانيةً
والخطوط و الحلازين.
الآن فوراً
مع الجثث
والقهقهات.
مهما شرحوا
مهما شرحوا لي
هناك مجموعة أخيرة من الأصدقاء تتدلَّى فوق السور
شحَّاذٌ يمشي
تحت شمسٍ بارزةِ العظام
يدٌ نحيلة
في يومٍ معزول.
الفضاء ملقىً تحت سطحٍ خشبيّ
وعشرُ بطَّاتٍ تنام منذ الأمس
في ضوءٍ ضعيف
وقطَّة سوداء تتأمَّل الأجساد
المربوطةَ بالشجر.
محطة الشمال
مهرِّبون بياقات بيضاء
تحت ثلج ناعم
ومعطَّلة الآن قشرة الأرض ومحطَّة الشمال
حيث كان يجب أن نذهب.
أمام صفَّارة القطار
محيطاتٌ منشورة لتجفّ،
بالكاد أسمعُ هذا.
قليل من الأرواح
لا شيء يوجب الذهاب الى الغابة
ربما الأفضل أن أتوقَّف كالحيوان اللطيف
لأشمَّ رائحةَ الهواء،
ولا شيء يوجب الذهاب الى البحر
إذا أردتَ أن تطعم العائلة أو
ترسلَ التحيات،
الصنوجُ كانت كافية
مع قليل من النار
والأرواح.
كان همّي
كان همّي أن أصطاد
بفكّي السفلى
هرَّةَ الألوهة
وأُوقف ضربات المنجم فوق رأسي
حيث تعرق ملائكةٌ مهجَّرة
كعمَّال مضحكين،
عوض ذلك
أفيض بالجثث
باحثاً عن دواءٍ لهرموناتٍ
مزوَّدةٍ برماح
وجزءٌ من ذاكرتي
أسقف يتمخَّط
يفتحني كجمجمةٍ تنخرها ذبابة
جمجمة فتىً مائل
إلى شجرة الإعدام
طويلاً غائماً مبلَّلاً
بكسلٍ
بدمٍ
أكثر بطئاً من السهول
وكلُّ نبضة من جسده
تعانق المتنزّهين في الحديقة.
رأيت رفاقي
رأيتُ رفاقي متعبين يمشون كأبطأ السواقي
يستعيرون قصباً نحيلاً ويغنُّون لإلهاء خيباتهم
يصرخون أحياناً
لإعادة دمهم الذي يتنزَّه في الشوارع
ويحفرون ثقوباً
لنوم المتأخرين من عروقهم.
رأيت رفاقي يجلسون أياماً على الكراسي ليسلُّوا أرواحهم الضجرة على الطاولات
يوصلون بصعوبةٍ تنفُّسَهم بسلك الهواء ويرسلون
شيفرةَ حياةٍ غير مسموعة
المتجوِّلون مع الفجر قطعةً قطعة
مغسولين كيفما كان بأيدي السجناء
الذين ضربوا حارس المحطَّة وسافروا بلا حقيبة
استلقوا صامتين
في ارتعاشات منحرفة
نخزوا شرايينهم وفرشوا السجائر في طريقهم
من الباب إلى الدرَج ومن الدرج إلى الباب
غير واجدين ما يبرِّر خطوة إضافية.
عرفتُهم من عيونهم
من وقوفها الطويل في الشتاء البطيء
رأيتُ خصلات شعرهم حمائم
وجبينهم كزقاق جانبيّ
هادىء.
سمعتهم ينادون أصواتهم لتعود من الهواء
ورأيت ظلالهم تغفو
على حائط بسيط.
مخنَّثون
قدّيسون
غرقى وسكارى
جاؤوا من السهول والغابات لنسف القطار
التقوا حكماء وأحجاراً ونبتات مضحكة
تحسَّسوا لحم بعضهم بعضاً
ارتطموا بأضلاعهم
وتفكَّكوا.