وديع شامخ
يصادفُ يومَ العشرين من الشهرِ الجاري ” 20-2023-11″ بلوغَ عمرِ المجلّةِ عاماُ واحداً بكلّ نجاحٍ وتقدّمٍ وثقةٍ ، وسوف نشعلُ شمعتًنا الأولى بكلّ حبورٍ وفخرٍ .
لقد كانتْ “الف ياء” خطوتي الواثقةَ ، وحلُمي الذي تأجّلً طويلاً ، بعدَ أن انفقْتُ أكثرً من ربع قرنٍ وأنا أعملُ في صحفٍ ومجلّاتٍ ومؤسّساتٍ إعلاميّةٍ وصحفيّةٍ في داخل العراقِ بشكلٍ خجولٍ ، ولكنّ الانطلاقةَ الحقيقيّةَ كانتْ بعدَ خروجي من الوطنِ عام 2001، بدأتُ رحلةً الميدانِ والملامسةِ العمليّةِ معَ هذا الفضاءِ الرّحبِ بمختلف المؤسّساتِ العراقيّةِ المعارضةِ لنظامِ صدّام آنذاكَ أو العربيّةِ في الأردنّ رسميّةٍ وغيرِ رسميّةٍ .
هكذا رسّختُ لنفسي طريقاً خاصّاً على مختلف الأصعدةِ الإعلاميّةِ والثقافيّةِ والفكريّةِ والادبيّةِ
وهنا سأقصّرُ الحديثَ عن الجانبِ الصحفيّ والإعلاميّ الذي ولجتُه ، وأنا مدجّجٌ بالحلوِ ومسلّحٌ بالمعرفةِ والظهيرِ الفكريّ والفلسفيّ والموهبةِ ، وكلّها أجنحةْ أعانتْني على أن أخطوً بشكلٍ واثقٍ في الحقولِ ، أحرثٌ وأزرعُ وأسقي بصبرٍ وعصاميّةٍ ،وأجني هنا ويعرقلٌ الزؤانُ حصادي ، وأبحرُ عكسً التيّارِ ، ساعةً أصلٌ لبراري الأمن وأقطفُ جائزةً حلمِي ، وأخرى تخلّني الأمواجُ وتكسرُ مجاذيفَ الأملِ .
لكنّي بقيتُ أجازفُ وألقي شباكي في المياهِ المالحةِ وأخوضُ في غمار الدّروبِ الموحلةِ ، هكذا كانتْ المسيرةُ ليستْ ورديًّة أبداُ ، بل عانيتُ منها من نزوةِ الإقصاءِ في الدّاخلِ والخارجِ ، من ثلّة من المتطفّلينَ أو الديناصوراتِ التي أرادتْ أن تكونَ ” خيارُهم في الجاهليّةِ ، وخيارُهم في الإسلامِ ” .
لقد تناوبوا على ارتداءِ الاقنعةِ المناسبةِ لكلّ زمانٍ ومكانٍ ، وكان خطابُنا إنسانيَّ الهويّةِ الكليّةِ ، عراقيّاً وطنيّاً ، ولقد دفعْنا نحن الذين لم نشتر بثمنٍ بخسٍ ، ولم نبعْ أوهاماً، لم يأسرْنا حزبٌ ولا رفعْنا رايةً للفتنة ، ولا أصابعَ حمراءَ ولا خطاباتٍ صفراءَ ، معَ المختلفِ معنا فكريّاً .
لقد كانتِ المهنيّةُ والموضوعيّةُ والشفافيّةُ والصدقُ والأمانةُ هي دليلي في إنتاجِ خطابٍ إعلاميٍّ إنسانيّ النزعةِ وطنيّ الانتماءِ .
وبعد وصولي إلى أستراليا توسّعتْ دائرةُ الحريّةِ واتساع رؤية الافق ، فواصلتُ إغناءَ تجربتي الإعلاميّةِ بالكتابةِ في صحفٍ ودوريّاتٍ عراقيّةٍ وعربيّةٍ في الخارج ، ومع اهتماماتي الإبداعيّةِ شعراً ونثراُ وفكراً ، عزّزتْ مفهومَ الاستقلاليّةِ ، وفكرْتُ مليّاً في أن أصدرً مطبوعاً خاصّاً بي ، بعدَ أن بلغتُ سنَّ الرّشدِ في هذا الحقلِ ، ولديّ ما يؤكّدُ ذلك موهبةٌ ودراسةٌ اكاديميّةٌ بدأتْ من إذاعةِ عمّان نت ومجلّة المغطس في عمّان واجتيازي دوراتِ تدريبيةٍ مركّزةٍ في الصحافة على يد أساتذةٍ إعلاميين من جامعاتِ بير زيد وعمان وأمريكا ، وحصلتُ على شهاداتٍ رسميّة تؤكد مهاراتي الصحفيةٍ ، وبعدها شهاداتٍ من منابرً إعلاميّةٍ تؤيّدُ تمرّسي في مهنةِ الصحافةِ كتابةً وتحريراُ .
وحين وصلتُ سيدني ، عاصمةً الفرصةِ الثقافيّةِ والإعلاميّةِ والفنيّةِ للنّاطقينَ بالعربيّةِ ، فكانتْ تجربتي الناضجةَ في إثراء مجلّة ” النجومِ” بفيضِ خبرتي وبصمتي وخلالَ سبعِ سنواتٍ حقّقتُ معَ النّجومِ تجربةً مهمّةً في حقل الصحافةِ والإعلام في أستراليا ورقيّاً وإلكترونيّاً ، وكذلك كنتُ مؤسّساً عمليّاً لأهمّ مسابقةٍ فنيّةٍ وهي ” مسابقةُ نجمِ النّجومِ ” ولأربع دوراتٍ إذْ خرّجْنا مواهبَ وأصواتٍ صاروا نجوماً ونجماتٍ في سماء سيدني وأستراليا ، وهذا بالتأكيد تحتَ خيمةِ مؤسّسة الشّرق الأوسط الإعلامية .
وبعد هزّة الكوفيد 19 وانقطاعِ التواصلِ مكانيّاً ، فزّتْ بي رغبةُ الحلمِ المديدِ في إنشاءِ منصّةٍ خاصّةِ بي شخصيّاً ، لا أحتمي بأيّة مظلّةٍ ، فكان حلمُ مجلّة ” ألف ياء ” ، وهكذا تحقّقَ وليدي بعدَ خبرةِ عمرٍ ونضجٍ واختمارِ المشروعِ وبلوغِه ساعةَ الولادةِ ، بعدَ مخاضٍ عميقٍ وطويلٍ .
لقد أنّبتُ نفسي كثيراً في تأخّري عن إنجاز هذا الوليدِ ، عبر امتلااءاتٍ صادقةٍ وأمينةٍ ، ولكنّ الذي تاجلَ تحقّقَ واحتفيْنا معاُ بالانطلاق وصدرَ العددُ الأوّل يومَ 20 -11-2023.
هنيئا لنا ولكلّ الذين آ منوا بنا ودعمونا ، إلى الذين بقوا معنا إلى إشعالِ الشمعةِ ، أو الذين غادرونا ، ولكلّ بسببهِ .
ستبقى ” ألف ياء ” منصّةً إعلاميّةً وصحفيّةً..
مجلةُ ألف ياء، هي مجلةٌ فكريّةٌ، ثقافيّةٌ، فنيّةٌ، اجتماعيٌّة، شاملةْ.شهريةٌ وبالّلغتين العربيّةِ والإنكليزيّةِ، تهتمُّ بنشر نوعٍ جديدٍ من الإعلام العربيّ، مستفيدةً من كلّ التّقنياتِ المتقدّمةِ في التّواصلِ الاجتماعيّ، انطلاقاُ من المغتربِ الأسترالي إلى كلّ العالمِ، وبأقلام نخبةٍ من المبدعاتِ والمبدعينَ العراقيّين والعربِ .
شكراً ومحبةً لكلّ من آمنَ بنا ودعمَنا وساهمَ في وصولنا إلى سنة من الحلم .
نأملُ وبحبٍّ أن يكونَ لنا مموّلين يؤمنونَ بالرّسالةِ الإعلاميّةِ الرصينةِ ، الإنسانيّةِ ، عابرةٍ لكلّ ميولٍ مخصوصةٍ ومآربَ متلونّةٍ ، فالدّعمُ الماديُّ والمعنويُّ هو عصبُ نجاحِ الرّسالة ، ونحن نفتحُ قلوبَنا وصفحاتِ مجلّتنا وموقعَنا ، ونأملُ من الفاعلينَ الوقوفَ معَنا لإنتاجِ خطابٍ متوازنٍ إنسانيّاً ومهنيّاً .
…………………..