قراءة في رواية(متتالية حياة)
عبد الكريم حمزة عباس كاتب وناقد ادبي – العراق
رواية (متتالية حياة) هي عمل أدبي للكاتب المصري أحمد طايل، نُشرت طبعتها الثانية في الأول من ديسمبر عام 2024 عن دار فصحى للنشر والتوزيع، وتحتوي على 234 صفحة. تتناول الرواية قصة امرأة تواجه تحديات الحياة بعد غياب زوجها، حيث تصارع قسوة القدر وتواجه صراعات مع عائلة زوجها، مع حنينها إلى ماضٍ جميل. يبرز الكاتب من خلال هذه الرواية قوة الأنثى وقدرتها على الصمود رغم الألم، مستعرضًا ذكريات حزينة وآمال باهتة. تسلط الرواية الضوء على واقع الحياة في المجتمع العربي من جوانب عقائدية، ثقافية، اجتماعية وسياسية، مع التركيز على تطور الذات الشرقية العربية على مدار العقود الماضية. الرؤية العامة متتالية حياة” هي رواية تنتمي إلى السرد الواقعي الاجتماعي، تسرد حكاية امرأة تواجه صدمات متوالية بعد غياب زوجها، وتصارع قسوة الحياة في ظل مجتمع تحكمه التقاليد والتوازنات العائلية. العنوان نفسه “متتالية حياة” يوحي ببنية سردية تعتمد على التتابع، وكأن الحياة مجموعة من المشاهد المتراصة التي تكوّن في مجملها هوية الإنسان. البنية السردية اعتمد أحمد طايل أسلوبًا سرديًا تقليديًا يميل إلى الانسياب الزمني، لكنه لم يغفل عن توظيف الاسترجاع (الفلاش باك) بوصفه وسيلة لإضاءة لحظات ماضية تلقي بظلالها على الحاضر. شخصيات الرواية مرسومة بدقة، خاصة البطلة، التي تبدو أقرب إلى صورة “المرأة النموذجية المكافحة”، وهو نمط مألوف في الأدب الواقعي، لكنه هنا محمّل بلمسة وجدانية خاصة، جعلتها تنتمي إلى القارئ لا إلى النمط فقط .. اللغة والأسلوب جاءت اللغة سلسة قريبة من لغة الحياة اليومية، ولكنها لم تخلُ من جمالية تعبيرية في بعض المشاهد، خصوصًا عند استحضار الذكريات أو استبطان الألم. الكاتب لم يقع في فخ التقريرية، بل حافظ على مساحة شعورية تجعل القارئ يتماهى مع البطلة، دون أن يشعر أنه يُلقَّن دروسًا أخلاقية أو شعارات مباشرة. الموضوع والمعالجة الرواية تطرح موضوعات متعددة: فقدان الزوج، قسوة المجتمع، صراع المرأة مع التقاليد، الحنين للماضي، والبحث عن الذات في زمن الاضطراب. هذه القضايا ليست جديدة، لكنها في “متتالية حياة” قُدمت من خلال منظور حميمي يركز على الداخل النفسي لا الخارجي فقط. ثمة توجه واضح نحو تفكيك النظرة المجتمعية للمرأة من خلال جعل القارئ يعايش ألمها لا يسمعه فقط. الرمز والدلالة استخدم طايل الرمز بطريقة خفيفة، دون إغراق في التجريد. فقد كانت “الحياة” بحد ذاتها رمزًا متحولًا بين الأمل واليأس، بين البدايات والنهايات، وكأنها خيط متواصل من التجارب المتشابكة التي لا تُفهم إلا في ضوء بعضها البعض، وهو ما يبرر عنوان الرواية الذي يحمل في ذاته طبيعة تراكمية. “متتالية حياة” ليست فقط سردًا لحكاية امرأة، بل هي مرآة لمجتمع بأسره، حيث الأنثى ليست ضحية قدر، بل صانعة مصير في مواجهة مجتمع عنيد. الرواية تمثل خطوة جادة في الأدب الاجتماعي المصري، وهي تحمل بصمة مؤلف واعٍ بتفاصيل الواقع ومشاعر الناس. رواية تستكشف هشاشة الروح الإنسانية في مواجهة قسوة الواقع، من خلال قصة امرأة فقدت زوجها وواجهت عالماً يمتلئ بالتقاليد والخذلان، يرسم أحمد طايل ملامح أنثى تكافح من أجل البقاء والكرامة، بلغة شفافة وأسلوب حميمي، ينسج الكاتب سردًا واقعيًا نابضًا، يجعل القارئ شريكًا في الألم والأمل معًا. إنها رواية عن الصبر، والمواجهة، واستعادة الذات في عالم لا يرحم.