(الهَزيعُ الأخيرُ)
الشاعر :عصام يوسف حسن سوريا – طرطوس
كأَنِّي جُذِبْتُ منَ الصَّحْوِ
وانْجَابَ سِتْرٌ عن القَلبِ
أَخْفُقُ..في غَمْرةِ الضَّوءِ
رُوحاً..تَرفُّ على الشُّرُفاتِ
تُناجي حَمَامَ المَآذنِ
تَنْسابُ كالعِطرِ
في الطُّرُقاتِ البَليدَةِ
أَرْهَقَها العَتْمُ..
جَفْنُ المَدينةِ..أَغمَضَهُ
خامِدَ الجَمرِ
ظِلُّ النُّعاسِ الثَّقيلُ
.. ارْتَمتْ في غَياهِبِ سُكرَتهِ الكائناتُ.
..شِباكاً منَ اليُتْمِ مَقطوعةً
ماتزالُ تُحاوِلُ..صَيدَ اللآلئِ
غارِقةً…في حَريرِ الظُّنونْ
.. رُويداً…رُويداً
وأَطلَقَ غَورُ الخَطايا
ذِئابَ كوابيسهِ..في الشَّوارعِ
كانَ الظَّلامُ عَميقاً..
ويَختَلِطُ النَّابُ باللَّحْمِ والصَّمتُ..
تَلٌّ منَ المِلْحِ..
يا أَتْقِياءَ القلوبِ
.. هَلمُّوا..
نُقدِّمْ لِآلهةِ الجُدبِ بعضَ الأَضاحيَ منْ خَيرِ ماتَكنِزونْ
.. عُيونَ الشَّبابِ الصِّغارِ ودَمعَ الثّكالى
وماءَ جَبينِ الرِّجالِ وخَمراً.
.نقيَّاً تَقطَّرَ من خابِياتِ النَّدامَةِ..والخَوفِ
لا…لاتَضنُّوا
بِبَعضِ الكرَامةِ
فالجوعُ عُقْمٌ ولابُدَّ أنْ يأْكُلَ المُتعَبونْ
… وقافِلَةُ المَوتِ تَخطرُ
في فَلَكِ الحُلمِ مثلَ الرَّغيفِ المُقَمَّرِ..
مَرَّ السَّحابِ المُسَعَّرِ بالرِّيحِ..
أَيَّانَ..يُوغِلُ في نَسْغِنا الخافِتِ المُرِّ هذا الجنونْ؟!!.
… رأَيْتُ على نَخلَةِ البَرقِ
طَيراً..عَظيمَ القوائِمِ
أَرياشُهُ..منْ شَرارٍ وأَعينُهُ منْ لَهيبْ..
ترى كُلَّ شيءٍ
رَمَتْ… أو تكادُ
بِسِجِّيلِها..المُستَطيرِ الرَّهيبْ..
فَحقَّاً أَقولُ:
لقَد عِيلَ صَبرُ السَّماءِ
وضجَّ الفضاءُ الفَسيحُ
وضاقَ الهَزِيعُ الأَخيرُ
وثمة فَجْرٌ…عَظيمٌ
سَيَكْنسُ هذا الخَرابَ الظَّلاميَّ
عنْ أُفْقِنا منْ قَريبْ.. .. .
ا