حوار مع الكاتبة والشاعرة عشتار بن علي

شارك مع أصدقائك

Loading

حوار مع الكاتبة والشاعرة عشتار بن علي
حاورها
محمد الهادي الوسلاتي

عشتار بن علي :

*واقعنا الثقافي محكوم بشريحة من السطحيين والمنافقين.

مقدمة
السيدة عشتار بن علي كاتبة وشاعرة تونسية أصيلة ولاية الكاف
متحصلة على الماجستير في الحضارة واللغة العربية العربية من كلية الآداب منوبة .
كتبت المقال بأنواعه ولها اكثر من مئة مقال سياسي واجتماعي وأدبي. نشرت في عديد الصحف التونشية و العربية.
*لها مجموعة شعرية بعنوان” المومس العذراء”
*كتاب دراسات اجتماعية بعنوان كشف المستور.
*كتاب دراسات سياسية بعنوان ربيع الدّم
و رواية ومجموعتين قصصيتين
و كتاب في النقد الأدبي.
خاضت العديد من المشاركات والمساهمات في الساحة الثقافية الوطنية و العربية.
اضافة الى الانشطة الثقافية بولاية الكاف.
.عشتار لو نقرأ تاريخها ورؤاها ونوافل وجودها والاسم لا يمكن فصله عن المسمى. و تعود بك الذّاكرة وتروي لنا قصة عشتار الشاعرة ابنة الكاف. ؟

.بدايتي مع الكتابة كانت في فترة المراهقة حين كنت أخطّ خربشاتي سرّا لكن رحلتي مع النّشر بدأت في مرحلة دراستي الجامعية بنشر بعض القصائد والمقالات في بعض الصّحف التّونسية مثل الشروق والصّدى والأنوار ثمّ مع دخول الانترنات ومواقع التواصل الاجتماعي أصبحت أنشر في صحف عربية منها الصادرة في بلدانها واخرى خارجها :جريدة الفرات ..جريدة الناس ..البينة ..بانوراما …العراق اليوم ..السفير …جريدة الجديد بالجزائر …اضافة الى منشورات عديدة في عدة مواقع الكترونية اهمها الأوان من اجل ثقافة علمانية …والحوار المتمدّن.. أمّا عشتار الشّاعرة فلي مع هذا الاسم حكاية يطول الحديث فيها …لم يأت هذا الاسم من فراغ بكلّ تأكيد
*القصيدة كالذات مفردة تستعير من عوالم الوجود المسار و المسيرة: ماهي أهم الملامح الحيوية في تجربة الشاعرة عشتار. ؟

.صحيح أنّ الشعر من أكثر الفنون ارتباطا بالذات وتعبيرا عنها لكنها على صلة وثيقة بالآخر وبمحيطها وبالوجود ككلّ حتى لو حاول كاتبها الانفصال والتحرر فهي كائن حي وبالنسبة لقصيدتي فهي تعبّر عني وعن واقعي وان لم يكن ذلك بشكل مباشر وهذا حسب رأيي طبعا ففيها تجد التاريخ والاسطورة والواقع السياسي والاجتماعي باستعمال الرمز والايحاء وغير ذلك مما يلزم القصيدة وحسب قدراتي وفهمي ودرجة تفاعلي وامكانياتي الابداعية والفنية لكن الأكيد هو أني أحاول أن لا أكون نسخة مكرّرة أو صوتا لأحد لأن الشاعر في مجتمعاتنا العربيّة بصفة عامة صوته لم يتغير كثيرا عن صوت الارث الجاهلي بأن يكون صوت القبيلة وقصيدته ديوانها وتأريخ لحياتها وأمجادها وفي عصرنا الشاعر الذي يكون صوتا لايديولوجيا معينة أو قضيّة أو قومية أو عقيدة هو الذي يذيع صيته ويعتبر رمزا للشعر بدعم من جماعته طبعا فرغم مرور الزمان وتغيّره بقي الشعر يلعب هذه الأدوار الرّسالية وبالتّالي فانّ القول بأن القصيدة كالذّات مفردة هو قول قابل للنّقاش لأنه حسب اعتقادي ليس هناك شاعر أمكن له من خلال قصيدته أن يكون هو ذاته بل هو في رحلة مكابدة وبحث متواصل عن هذه الذّات وكل الفلسفات الوجودية والعدمية التي ظهرت وتأثر بها الكثير من الشعراء في وقت ما كانت تعبيرا عن أزمة الذات في مواجهة شرطها الوجودي
*يقال : للسّرد أهمية وجودية فهو يشكل وعينا بالتاريخ و الهوية : ماهي هوية قصيدة عشتار .؟

.تحيل دائما في أسئلتك على لفظتي الوجود و الوجودية والهويّة ربما لانك انت نفسك مثقل بالقلق الوجودي الذي يسكن كل مبدع في رحلته المضنية بحثا عن الذّات والمعنى فأن تكون شاعر هو ان يكون لديك القدرة على االإحساس العميق بالأشياء..بالآخرين وما يعتمل في دواخلهم …ان تكون لديك القدرة على الاحساس بالشجر والحجر والعالم الذي يحيط بك …ان يكون لديك من رهافة الوجدان ما يجعلك تصغي الى ضجيج الصّمت في زحمة الوجود وهذا الكلام لا ينطبق على الشاعر فقط بل على المبدع بصفة عامة
بالنسبة لسؤالك عن هوية قصيدتي بالمعنى التقليدي للهويّة فهي اللغة الّتي كتبت بها وهي اللغة العربية أما هويّتها بالمعنى العميق للكلمة أقول .قصيدتي مازالت تحاول ان تصنع خبرتها الفردية ..مازالت تحاول ان تعبّر عني وان تكون لها رؤية ورؤيا ..مازالت تحاول أن تستكشف وتتحرّر من القيود والخوف لذلك لا يمكنني أن أحدّد هويّة لقصيدتي وملامحها لأن معنى هذا التحديد أعلن بكلّ نرجسيّة ساذجة وان صحّ التعبير سطحيّة انها اكتملت … ان فعلت أعلنت نهايتها بانقطاع رحلة البحث ومكابداتها
*..أغلب مجموعاتك الشعرية مهمة تنبع أهميتها أنها تحاول الاستجابة لما يقترحه الشعر الحديث من تجريب في المعالجة والأستعارة والتأويل والصياغة . هل أنت راضية عن هذه التجربة. ؟

كل نص كتبته سواء كان سرديا أو شعريّا لم أستمتع تماما بطعم الرّضا عنه.. …دائما لدي احساس ان شيئا ما ينقصها ولم تكتمل بعد …حقيقة وبكلّ صدق أنا أستغرب حين تعترضني بعض التّدوينات لشعراء لا تحتفظ لهم الذّاكرة ولو ببيت شعري واحد أو حتى جملة ومع ذلك تجدهم يبدعون فقط في تمجيد أنفسهم ويتفاخرون بمنجزاتهم التي لا يعرفها غيرهم …بالنسبة لي وبكل صدق كل نص كتبته سواء كان سرديا أو شعريّا لم أستمتع يوما بطعم الرّضا عنه تماما بل غالبا ما أنتبه للنّقائص بعد النّشر
*أستعرت مصطلح ” المومس العذراء” كعنوان لمجموعة شعرية صدرت في مصر . هل أنت مطمئنة إلى إيقاع هذا الأثر الإبداعي في واقع مسكون بالقصيدة الذكورية.؟
في الحقيقة هذا العنوان اخترته على ايقاع ديوان المومس العمياء لبدر شاكر السّيّاب والمومس العذراء حسب فراس السّوّاح وغيره من الّذين أبدعوا في الكتابة عن الأسطورة هي كنية أو اسم آخر للآلهة عشتار الّتي تجمع بين المتناقضات في شخصيّتها الأسطورية ولا أخفيك هذا الاختيار اي المومس العذراء سبب لي الكثير من سوء الفهم بل هناك من استغله لمهاجمتي ومحاولة الاساءة اليّ بل حدثت لي معه بعض الطرائف المضحكة أحيانا والموجعة أحيانا أخرى
*كتبت الرواية و القصة القصيرة و النقد الأدبي باعتماد أساليب متنوعة هل وجدت مدونتك الأثر لدى النقاد. ؟

.أجمل نقد لعمل أي كاتب أو شاعر هو الّذي يكتبه أشخاص لا يعرفون منك الّا كتابا أو نصّا اعترضهم صدفة وهذا نادرا ما يحدث وبكل فخر حدث معي ذلك أكثر من مرّة وأسعدني كثيرا
لأنّ النقد النّزيه يكاد يكون منعدما عندنا … نعرف كما سبق وكتبت في مقال لي عنوانه النقد الآثم أن الكثير من الدّراسات النقدية تكتب تحت الطّلب والأهواء أو مع سبق التّرصّد ..تكتب حسب المصالح ..حسب المزاج الشخصي للنّاقد ومشاعره الذّاتية الدّفينة أو المعلنة فنجد في هذا الاطار ما يمكن أن نسمّيه بالنّقد الانتقامي أو الارهاب النّقدي حيث يعمد الناقد الى اطلاق سهام حقده على ضحيته بانتقاد يفتقر إلى المصداقية والموضوعيّة بهدف التّحطيم المدروسِ و التّقزيم المتعمّد بالتضخيم في عيوب طفيفة وفي مقابل النقد الارهابي او النقد الانتقامي نجد ما يمكن ان نطلق عليه عبارة النّقد التّجميلي وهو الّذي يعمد من خلاله صاحبَ الرّأي الأعوج والضّمير الأعوج والهمّة العوجاء النّاقد الكذّاب المنافق الى التّدليس والتزوير برفع الخسيسة وإخفاءها فنجده يمارس النقد تماما كما يمارس الجرّاح عملياته التّجميليّة
*يقول درويش القهوة هي المرأة والمرأة هي الحب والحب هو المرأة وأنت أمرأة مبدعة والكتابة ألم وأوجاع تصلب على الأوراق كوسيط مجرد عن لحظة الكتابة : هل من تعليق.؟

القهوة هي المرأة والمرأة هي الحب والحب هو المرأة وكلاهما كافيين الحياة ولذّة الوجود… معلوم أن درويش عاشق للمرأة بكلّ دلالاتها وطنا وأمّا وحبيبة وهذا ما جعلها تكون رمزا متوهّجا في في قصيدته وما قاله تعبير جميل صادر عن رجل شاعر لكن الرجل ايضا هو الحب والحياة وكافيين الوجود بالنسبة للمرأة هذا طبعا اذا لم يضطهدها بنرجسيته وخلفياته العنصريته …هذا طبعا اذا لم يجعل من الحب وسيلة لاستعبادها وقهرها وخنق صوتها …الانسان واحد بقطع النظر عن جنسه وكما يحتاج الرجل للمرأة هي أيضا .وفي الحقيقة قول درويش ان القهوة هي المرأة هو كلام جميل لكن معناه أنه لا يحتاجها في كل الأوقات بل في أوقات معيّنة لتعديل المزاج والاستمتاع …وهي الحب والعاطفة نعم لكنها العقل أيضا وهذه القيمة الحقيقية للمرأة أدركها الأقدمون حين جعلوا الأنثى آلهة ولم تقتصر صفة الألوهية على الذّكور ولنا في أسطورة عشتار السومرية دليل على ذلك فعشتار هي المرأة العاشقة على الدّوام لكنها في الان ذاته القوية المحاربة المغامرة …وبالنسبة لسؤالك الخاص بالكتابة بالنسبة للمرأة المبدعة فهي اي الكتابة محنة حقيقية وليس من السّهل على المرأة أن تكون كاتبة أو شاعرة وله ضريبته …يطول الحديث في هذا الموضوع
*.نعيش وسط خلل عميم ورهيب وسم الحياة الثقافية سيطرت ثقافة الاستهلاك على المشهد الثقافي بأشكالها المختلفة أين أنت في هذا الواقع.؟

نعم للأسف الثقافة الاستهلاكية والأذواق المنحطّة هي المسيطرة على المشهد وواقعنا الثقافي محكوم بشريحة من التافهين السّطحيّين الذين لا همّ لهم الّا الرّبح المالي والحصول على امتيازات اضافة طبعا الى اشباع غريزة السّلطة والبروز الزائف لكن ما العمل الأغلبيّة تطربهم التفاهات ويكتفون بثقافة الفاست فود والاغلبية يكتفون ببعض العبارات المطرّزة الجوفاء يقرؤونها بعجالة على صفحات الفيسبوك ثمّ ينسون أمرها بعد لحظات. وفي الوسط الثقافي الثقافة مجرد لعبة تحكمها الحسابات والمصالح وللأسف الكثير من المثقفين والمبدعين الحقيقيّين يضطرّون في النّهاية الى السّقوط والخوض في اللّعبة كي يضمنوا بقاءهم
*.في أغلب البلدان يحتل المبدع والفنان دائما موقعا يليق به . يعيش كأنه الناطق الرسمي و الضمير العام للمجتمع . ما هو واقع المبدع التونسي خاصة المشتبك مع السلطة و المنفلت من المقدس.؟

.لا أتفق معك في القول بأن المبدع والفنّان في اغلب البلدان يحتلّ موقعا يليق به ومن يقرأ السّير الذّاتية لبعض المبدعين يدرك حجم المعاناة الّتي مرّوا بها لنحت أسمائهم هذا بالاضافة الى أنّ التفاهة أصبحت نظاما بسط سلطانه في العالم كلّه ومن يقرأ كتاب المفكر والفيلسوف الكندي، آلان دونو نظام التفاهة يدرك هذه الحقيقة وهي سيطرة التّافهين على كلّ مفاصل الحياة المعاصرة بما فيها الثقافية والأكادميّة أيضا
*أنت عضوة في اتحاد الكتاب التونسيين . لو نسألك: هل نضب معين هذا الهيكل نحو تحقيق طموحات منتسبيه.؟

عشتار …لا أعتقد أنّ وضع اتّحاد الكتّاب كان في الماضي بحال أفضل من اليوم حسب ما سمعت وحسب ما قيل …الصّراعات هي نفسها والنّقائص هي نفسها ومع ذلك تبقى هذه المؤسّسة رمزا المساس به أو الاستخفاف به كما حدث مؤخّرا حين فكّرت وزارة الثّقافة في غلق مقرّه اهانة لكلّ كاتب وشاعر تونسي
*-لك حرية أختتام هذا الحوار أستاذة عشتار. ؟
شكرا على هذه الاستضافة وشكرا على أسئتك الجادّة والعميقة
*نشر الحوار في جريدة الشعب

شارك مع أصدقائك