حاورها
حسنين سيدني
مهاد
كاتبة رفعت قدر الرواية من بساط المألوف إلى مستوى الاندهاش، نفضت “ما دوّنه الغبار” من أعاصير الكتب، ضيفتنا الروائية والإعلامية صاحبة المواهب المتعددة، وسيدة مشروع المواجهة بالقلم، اختارت لنفسها نمطا مختلفا في عالم الكتابة، أسلوبها الرفيع هو الذي دفعني لهذا الحوار معها.
استطاعت دينا سليم أن تنقل القارئ معها في كل بيت من بيوت الرواية، ضيفتنا لها عدة إصدارات منها المولود الاول “الحلم المزدوج” و” ترتيل عزاء البحر” و”قلوب لمدن قلقة” وكتاب “الحافيات” ورواية “نارة” و”ضيعة القوارير” وروايتها الاخيرة المهمة “سقوط المعبد الأخير”. وعلى جانب آخر تعمل في مجال الاعلام، وناشطة مجتمعية، ولها مقال ثابت بعنوان “جماليات المكان” في مجلة “ألف ياء”. ولها باع طويل في مجال الترجمة، اقتحمت عالمنا في أدب الرحلة ودخلت سوق ابن بطوطة في “ربيع المسافات” أما في الجانب الانساني، جسدت شخصيات فلسطينية عاشت حرب 48، لم تترك مساحة خالية من الحب إلا وزرعتها بقصص الأطفال أيضا، أما حبها للمدن سر يكمن في توثيق كل رحلة تقوم فيها، دعيني أرحب بك وأبدأ معك مباشرة بالسؤال: حوارنا الحصري الى ” ألف ياء ” مع المبدعة دينا سليم حنحن
ما الذي ألهمك لعودة الكتابة بعد انقطاع دام أكثر من عشرين سنة؟
دينا: الصدمات المتتالية التي مرّت على حياتي، لن أذكر منها سوى وفاة والدي.
من من الكتاب الذين تأثرت بهم دينا في البدايات؟
دينا: كثيرون، منذ طفولتي لم أترك أي كتاب وصلني بدون قراءة، معظمهم من الكتاب المصريين، طه حسين، توفيق الحكيم، نجيب محفوظ، إحسان عبد القدوس، يوسف أدريس، يوسف السباعي، معظمهم وأيضا، وقع بين يدي (النبي) لجبران خليل جبران، أذكر أنني بكيت لأنني لم أفهم الفحوى.
واين كانت التجربة الاولى؟
دينا: تجاربي في الكتابة كانت وأنا في المرحلة الثالثة ابتدائي، كتبت قصيدة في الصف، قرأها أستاذي أمام الطلاب وطلب منهم أن يصفقوا لي، وقال لي (أنت مشروع شاعرة، ستكونين شاعرة). نظّمت الشعر، وكتبت القصص، وكانت أول رواية لي وأنا في جيل الثالثة عشر، توقفت عن الكتابة وانهمكت في بناء أسرة والاستمرار في الدراسة الجامعية، مرّت الأيام، وفي سنة 2003 تحديدا، عدتُ، ولم أعلم كيف عدتُ، تملكتني خاصية كتابية، تعلق بي شيء لم أفهم كنهه، أخذت دفتر ابني وبدأت أكتب ولم أنته، لم أستطع التوقف، حتى أفتضح أمري، كتبت في الخفاء، وهنا بدأت حياتي الجديدة، عدت إلى ممارسة الكتابة بشكل كثيف، وأيضا عدت إلى القراءة، أفرغت مكتبتي من الكتب الدراسية والقديمة، وملأتها في كتب جديدة عظيمة. أستطيع أن أقول لك أنها ولادة جديدة.
هل هناك سؤال بداخل الكاتب ليس له اجابة؟
دينا: نعم، هناك إشارة استفهام (لماذا)؟
وهل انتقالك بين كل هذه التجارب المتعددة ناتج عن طاقة إبداعية زائدة أم كان هروباً من الروتين الواحد؟
دينا: كلا أبدا، أنا لم أعاني من الروتين أبدا، حتى في مجال عملي كنت دائمة التحرك والعطاء في الكثير من المجالات. هي طاقة زائدة نخرت دواخلي، أكلتني، صمتُ سنوات كثيرة، والصمت غلبني وتحوّل إلى صرخات، طوعتها وأدخلتها في إطار الكتابة.
في روايتك “ضيعة القوارير” قلت أن الرواية ليست موعظة أو خطاباً وإنما سرد فلسفي لرؤية خاصة ممكن توضحي لنا أكثر عن ذلك بالتفصيل؟
دينا: نعم هي رؤية خاصة جدا، والجدير ذكره هو أن الأحداث حقيقية حصلت معي شخصيا، تحمل معان مختلطة من الفكر الروحي والحياة الواقعية، سأدع القاريء التمتع في قراءتها أو سماعها، فهي مسجلة أوديو أيضا.
في روايتك “الحافيات” لاحظت فيها صور كثيفة من طقوس الموت والحياة والزواج هل هي اقرب إلى رواية اجتماعية؟
دينا: ربما تناغمت أعمالي من تجاربي الحياتية، لذلك كتبنها بصدق وبسلاسة، أنتقدت فيها الطقوس القديمة التي يدفع ثمنها أشخاص أبرياء، آن الأوان للمشي قدما والتغيير في منهاج حياتنا الاجتماعية، لأنني أرى كثيرون ما يزالون عالقون في عادات أجهزت على حيويتهم في الحياة.
تجدين نفسك في كتابة القصة القصيرة الومضة ام الرواية ؟
دينا: صراحة، أجد نفسي أكثر في كتابة الرواية، هي حياة، أما القصة القصيرة فأجدها وكأنها فصل غير مكتمل من حياة
هل تفكرين بأن تتحول روايتك الاخيرة سقوط المعبد الأخير الى فلم سينمائي ؟
دينا: أظن أن جميع رواياتي يمكنها أن تخرج سينمائيا، أو مسلسلات تلفزيونية، لأنها مليئة بالأحداث، يعني السيناريست لن يبذل جهدا كبيرا في البحث عن قصص لاكمال العمل.
هل دينا تحدد ان تكتب في مجال معين ام الفكرة هي التي تأتيكِ ؟
كثيرا ما أستدعي الفكرة متى أريد، لكنني بدأت أشعر في تعب، صراحة، وبدأت أطرد عني الوحي عندما يطرق بابي، الكتابة مرهقة جدا.
في الختام ماذا تقولين للكتّاب الجدد ؟
دينا: لتكن أحلامكم في الوصول صبورة، فلا شيء يأتي بدون مثابرة واستمرارية، عليكم العمل بجهد وتعب حتى تحققون ما تريدون، وأهم شيء، اعلموا انكم لن تحصلوا على الشهرة سريعا، إن كان هو همكم، فالعمل الجيد هو الذي يوصل صاحبه، تأنوا وثابروا.