قراءة في قصيدة فراغ للشاعر ادونيس

شارك مع أصدقائك

Loading

حميد بركي

الفراغ
– 1 –
حطام الفراغ على جبهتي
يمدّ المدى ويُهيلُ الترابا
يُغَلغِلُ في خطواتي ظلاماً
ويمتدّ في ناظريّ سرابا.
هنا ،عبرَ دربي, يموت ربيعٌ ويصفرّ ريفُ
هنا ،في عروقي, صدىًَ للجفاف ودمدمة ٌ وصريفُ
هنا ,في دمي يولد الخريفُ
وفي حاضري، يَتًرْأى
وتبعد عنّيَ، تبعد شمس المصير، وتنأى,
ويخطو الخريف وينمو هوىً ويحنُّ
ويكبرُ: في خطوه حالمون,
وفي صدره ساحرون وجنُّ.
حطام الفراغ يغيّب نجمي,يجمِّد أرضي
ويترك بعضي كهوفاً لبعضي,
ويجعلنا كالفراغ ِ
حطامُ الفراغ ِ .
– 2 –
و في أرضنا شبحٌ يتمطَّى
سراباً و رملا
و يملأ أعماقنا يباساً
و يملؤها دُكْنة ٌ و محْلا.
و في أرضنا مَلَلٌ يُبدع المقابرْ
و ينثرها , عبْرَ أيامنا , أنيناً و عبْرَ خُطانا , مجازرْ.
هنا الحقد ركّز راياتِه
و شرّعها قِِِمّة ً و طريقا
يحطّ على توقنا صقيعاً
و يَضْرَمُ في حّنا حريقا .
و للحقد في شعبنا
بلادٌ و شعبُ
له ساحة ٌ و اصطخابٌ و حربُ
يوسٍّخ أجواءنا
و يحفر أبناءنا
كهوف ضلال ٍ و قبح ِ ,
و و يصفح في وجههم كلَّ نجم ٍ
و يخنق في جفنهم كل صبح ِ .
– 4 –
فراغ ٌ زمان بلادي فراغ ُ
وتلك المقاهي
وتلك الملاهي
فراغ ُ
وهذا الذي ذُلّ في أرضه وأنكرها واستكانا
ولوّث أنهارنا وربانا ,
فراغ ُ
وذاك الذي مَلَّ من شعبِه
.
قصيدة “الفراغ” لأدونيس تنتمي إلى الشعر الحديث الذي يتميز بتقنياته التجريبية، وحريته اللغوية، واعتماده الرمزية والمجاز. ومع ذلك، يمكن تناول نقدها من حيث العيوب اللغوية والأسلوبية وعدم الاتساق بناءً على معايير محددة، كالنسق اللغوي، البناء الفني، والإيقاع:
1. النسق اللغوي:
عدم وضوح الرؤية اللغوية:
القصيدة تعاني من غموضٍ مفرط يُثقل على القارئ في تفسير المعاني، كما هو الحال في “يُغَلغِلُ في خطواتي ظلاماً”. استخدام كلمة “يُغَلغِل” غير مألوف في الشعر العربي وغير مُتناسق مع النسق العام.
اختلال التراكيب:
بعض التراكيب مثل “حطام الفراغ على جبهتي” تبدو مفتعلة وغير منطقية؛ فالجمع بين “الحطام” و”الفراغ” ينتج صورة مشوشة، مما يُضعف قوة التعبير.
2. البناء الفني:
التكرار المفرط للمفردات والصور:
نجد تكرارًا لكلمات وصور تعبر عن “الفراغ”، “الظلام”، و”الخريف”، ما يُشعر القارئ بالرتابة وعدم الإبداع. التكرار هنا لم يُضف قيمة جمالية أو دلالية جديدة، بل أضعف البناء الفني للقصيدة.
فوضى الصور:
انتقال الشاعر بين الصور، مثل “يموت ربيعٌ ويصفرّ ريفُ” إلى “في دمي يولد الخريفُ”، يبدو غير سلس، حيث تغيب الروابط المنطقية بين هذه الصور.
3. الإيقاع والموسيقى الشعرية:
غياب الوزن والقافية المنسجمة:
القصيدة تفتقر إلى إيقاع موسيقي واضح، رغم أنها تنتمي إلى الشعر الحر. عدم انتظام الأوزان قد يُشعر القارئ بالتشظي ويُقلل من تأثير النص.
الإطالة دون جدوى:
بعض المقاطع بدت مكررة أو مملة دون أن تضيف أبعادًا جديدة للنص، مثل: “ويخطو الخريف وينمو هوىً ويحنُّ”.
4. المضمون والرؤية:
سطحية الفكرة المركزية:
رغم استخدام الشاعر للرمزية والتعبير عن الفراغ كحالة وجودية، إلا أن العمق الفكري غائب. الفكرة ظلت تدور حول ذاتها دون أن تقدم جديدًا أو تحلل موضوع الفراغ بعمق كافٍ.
المبالغة في الغموض:
الإفراط في الرمزية أدى إلى غياب رسالة واضحة أو إحساس عاطفي قوي يصل إلى القارئ بسهولة.
استنتاج:
رغم أن القصيدة تحمل طابع أدونيس الفريد في التعبير عن القضايا الوجودية، إلا أنها تعاني من عيوب واضحة، مثل الغموض المفرط، فوضى الصور، وتكرار المعاني. يبدو النص أقرب إلى تمرين لغوي منه إلى تعبير شعري عميق ومتناسق.
شارك مع أصدقائك