مونديال قطر  2022 ورايات الفتن!

شارك مع أصدقائك

Loading

رئيس التحرير / وديع شامخ 

الآن وبعد أن توّج المنتخب الأرجنتيني  بكأس مونديال الدوحة  وتحقيق حلم الساحر ميسي في بلوغه الاستحقاق العالمي الكبير ضد المنتخب الفرنسي، وحصول المنتخب المغربيّ على كأس القلوب والمحبة من ملايين المشاهدين، نقول وبحق أنّ قطر قد  أنجزت حدثا كرويّاً دوليّاً بنجاح منقطع النظير تنظيما وملاعبَ  وضيافة غاية في الدقّة والسّخاء ،ونسجّل لقطر الدولة الخليجية العربية الصغيرة القدرة على منافسة الكبار والفوز  بحظّ التنظيم لهذا العام.

ولا بدّ لنا أن نسجّل إعجابنا وحبّنا وفخرنا للمنتخب المغربيّ الذي صعد للمربّع الذهبي وحصوله على المركز الرابع  في البطولة ، وهو إنجاز تاريخيٌّ غير مسبوق في تاريخ الفرق الكرويّة إفريقيّاً وعربيّاً ، رغم تعرّضه لتعسّف تحكيميّ سافر أدّى إلى خساراته أمام  الديوك الفرنسيّة.

كما نشير إلى دور المجتمع الدوليّ الرياضيّ الممثل في ” الفيفا” التي دعمت حظوظ قطر في تنظيم الحدث  الأبرز كرويّا في العالم، ومن الجدير ذكره أن الملايين من المشجعين الذين استضافتهم  قطر بكل أريحيّة وكرم ومهنيّة في توفير كل مستلزمات الرّاحة من السكن والنقل، وبقية الخدمات  كان ملفتاً للنّظر ومبعث سرورٍ من قبل كلّ المشجّعين الذين أشادوا بالتطوّر العمرانيّ الكبير لقطر ومستوى المؤسسات والخدمات الراقية.

والمونديال  في دولة غير أوروبية يُعبّر عن روح جديدة في نظرة المجتمع الدولي إلى مكانة وقدرات الدول من العالم الثالث -كما يصطلح عليه – على احتضان وتنظيم بطولات  وأحداث عالمية كبرى كالمونديال ، وهذا مؤشر مهم في الدور المستقبليّ للدول الصغيرة  بالمشاركة في صناعة القرارات  العالميّة الكبرى، وصارت  الأمور في العرف والقانون الدولي لا تقاس وفقا لرقعة  جغرافية ولا تاريخ مديد وعمق حضاريّ مديد.,

استحقاق مريب لقطر.. ولكن الواقع أشار  الى أن اختيار الفيفا  لقطر كان  قرارا صائباً جداً.  ولو ان البعض ادعى بأنه رغم  كلّ هذا النجاح في التنظيم والافتتاح المبهر الراقيّ في تقديم الخدمات حتى آخر لحظة من المونديال، برزت حالات  يمكن أن ندعوها رايات غير رياضيّة ولا علاقة لها بالحوار مع الآخر المختلف ثقافيّاً، و نعني  الدمامل التي طفحت على وجه المونديال المشرق، لندع كلّ اللغط ولنمضي لفحص قطر ورايات المونايل. هل كانت رايات  رياضية حقا؟

حكومة قطر التي تحمل شرف المسؤوليّة لهذا الإنجاز التاريخيّ المذهل ساهمت في رفع رايات غير رياضية تماما ،فما  الداعي إلى رفع آذان الصلاة في الملاعب الرياضية لقوم  لا علاقة لهم بهذا الفرض الديني المخصوص، وتخصيص التقينات  السمعية لإيصاله إلى المتفرجّين!؟

أليس هذا عمل وطقس دينيّ لا ينبغي فرضه على جمهور رياضيّ مختلط  الأديان والثقافات!،  ثم ما علاقة المونديال كحدث رياضي صرف بجلب الداعية الإسلامي “ذاكر نايك” لإعطاء محاضرات  تبشيرية ،  فهل هو مونديال رياضي أم حملة تبشيرية إسلامية!!

لاشك أن الإسلام السياسي والمد ” الإخواني”  فرض لمساته وأهدافه في حرف المونديال الكوري العالمي عن سكته وأهدافه الرياضيّة  السامية، والتي لا تفرق بين دين ولون وجنس وطائفة.

 ومن جانب آخر كان  لدولة قطر الحق في منع تعاطي الخمور في الملاعب أو رفع شعارات المثليين، لأنها دولة مسلمة ولها الحق في فرض  قوانينها السارية وعلى جميع القادمين احترامها.

ومن مظاهر التدخّل السافر في حمل الرسالة الرياضية هو تبني الفريق الألماني لشعار المثليين، ورسم شارتهم على ذراع وزيرة المانية حضرت  لتشجيع فريقها!..

فهل تتوافق الرياضة بروحها السامية العالية  مع الانحياز  على فئة مخصوصة لا تمثل أيّ منطق وحق في فرض خيارها  على الثقافات المختلفة الأخرى، سيما وأن مدرّب المنتخب الألماني هدّد بالانسحاب من المونديال إذا رفضت قطر حملهم لهذه الراية  المريبة، حتى بلغ بهذا المدرب الزّهو الفارغ  بأنّ المنتخب الألماني سوف لن يحتفل في الدوحة في حال فوزهم باللقب الموندياليّ !

ولكنهم خرجوا من الدور الاول بصورة مذلة لا تتوافق مع المنتخب الألماني وتاريخ ألمانيا الأصيل في الرياضة،  ولعل من الجدير ذكره ما وصفه أحد لا عبيّ الفريق بعد خروجهم بالقول “إننا نستحق الخروج من بطولة رياضية رجولية لأننا حملنا رسالة غير رجولية أصلا !!ويشير الى راية المثليين”.

ولكي لا أُُتهم بمعاداة الناس والجماعات في حريتهم الشخصية كالمثليين مثلا ، فالرد هو أن هؤلاء الأفراد لهم كلّ الحق في اختيار نمط حياتهم وميولهم الفكرية والجنسية ، ولكن ليس لهم الحق في فرضها  على مجتمعات وثقافات مختلفة ، وهذا هو نسق حضاريّ في الحوار مع الآخر المختلف في احترام رايه دون إملاءات جائرة .

كما أن موقف انكلترا برفع كل إعلانات قطر التجارية من محطات القطار والساحات العامة في لندن يشير إلى روح  غير سامية في التعامل مع الآخر ايضا !!

وقبل الختام أود الإشارة إلى الدور الأصفر الذي لعبته بعض البرامج والقنوات الإعلامية في تصويرخسارة المغرب أمام فرنسا هي خسارة دينية وحضارية وتاريخية ، وشن الحرب على الرئيس الفرنسي ماكرون الذي  كان يشجع فريق بلاده  ، وتعرضه إلى موجه صراخ  بترديد  هتافات  دينية، ناسين أن  الكثير من المسلمين يعيشون في فرنسا الحريّة بكلّ  كرامة وبحبوحة مالية ووفرة جمالية ، لم توفرها لهم أنظمتهم الوطنيّة والدينية  !!ومن ثم الشماتة المقيتة في المنتخب الفرنسي بعد خسارته أمام الارجنتين !!

أخيرا لقد نجحت قطر ومعها المجتمع الدولي الداعي إلى نشر القيم الرياضيّة السامية في  إقامة مونديال نوعيّ مختلفٍ من الافتتاحية إلى  حفل  الختام  السعيد. مونديال حفل بكل انواع المفآجات وحطّم كل التوقعات  . مبروك لحامل الذهب والفضة والبرونز،  وقبلة كبيرة ومحبة عالية على جبين أسود الأطلس   الذين فازوا بكأس قلوبنا جميعا.

شارك مع أصدقائك