حوار  مع د. ميسون حنا

شارك مع أصدقائك

Loading

حاورها أحمد طايل

.هي كاتبة فلسطينية الأصل، أردنية الإقامة، عاشقة للمسرح، تكتب المسرحيات والقصص، لها حضور قوي وفعال ومؤثر بعالم المسرح. مع الكاتبة المسرحية الأديبة د ميسون حنا .

….

إذا أردنا التجوال بمضمارك الإنساني والعملي والإبداعي، ما لديك لتخبرينا عنه؟

ـ أنا كاتبة مسرحية وقاصة من أصول فلسطينية، انحدرت من عائلة مناضلة، حيث أنني كنت أعيش مع العائلة في مدينة القدس، وقد تعرض والدي للسجن من قِبل إسرائيل، ونُفي إلى الأردن، كنت حينها في الثانية غشرة من عمري، اضطررنا للحاق به، واستقر بنا المقام في مدينة الزرقاء بالأردن، ولا زلت أعيش في هذه المدينة حتى الآن. سجن أبي ووطنيته سقلت نفسيتي حيث تعلمت الإنتماء للوطن، وما شاهدته من ظلم وقع علينا جعلني أشعر بجرح عميق أثّر في كتاباتي التي عكست التوق إلى الحرية، وهذه الفكرة كانت واضحة في عدة أعمال مسرحية كتبتها.

ـ مؤكد أنك تذكرين لحظة الشعور بأن بداخلك ميلا لعالم المسرح، حدثينا عن البدايات كيف كانت؟ وكيف كانت الرحلة؟

ـ لا أملك تفسيرا كيف بدأت مشواري مع المسرح ولماذا، حيث وجدتني أعشق المسرح غريزيا، وأول محاولة مني كانت كتابة مسرحية بعنوان الخادم الذكي، وكنت حينها في الصف السابع، عمري ثلاثة عشر عاما، كانت مسرحية ساذجة طبعا، لكن أبي المثقف عندما أطلعته عليها وقرأها توسم بي مشروعا مسرحيا، استوعب ميلي المسرحي، شجعني، وحثني لإعادة المحاولة، آشترى لي عدة مسرحيات لتوفيق الحكيم التي انكببت على قراءتها بشغف، وأعدت قراءتها عندما وصلت المرحلة الثانوية وكان فهمي لها يتعمق.

أثناء دراستي الثانوية كتبت نصا مسرحيا أثنى عليه والدي، وهو محاولة أيضا، لكن هناك نص بعنوان الرباط الأزلي، بدآت كتابته وأنا في الصف الحادي عشر، حيث كتبت الفصل الأول، ولم أكمل المسرحية لأني وجهت اهتمامي للدراسة لاجتياز إمتحان الثانوية العامة، وعندما سافرت إلى اكرانيا لدراسة الطب، اصطحبت هذا النص معي، وإنهيته هناك في مدينة خاركوف، عندما كانت اكرانيا إحدى دول الإتحاد السوفياتي، وأثناء دراستي الطب لم أنس شغفي المسرحي، حيث كتبت ثلاث مسرحيات، الرباط الأزلي إحداها، كنت أعشق هذا العمل، لذا بعد تخرجي وعودتي للوطن أعدت صياغته بأسلوب جديد، حيث تطورت ثقافتي المسرحية، أما المسرحيتان الأخريتان لم تعودا ترضيا ذائقتي المسرحية، ركتنهما جانبا، وأهملتهما ولم أنشرهما. مسرحية الرباط الأزلي احتفظت بها، ولا أدري لماذا لم أنشرها في البداية، حيث مرت السنين ونشرت العديد من المسرحيات، وفجأة. في عام ٢٠١٧ قرأت النص، تحركت مشاعري وبادرت بنشره على الفور. أنا أعشق هذا العمل الذي ينتمي للمسرح الذهني، حيث يناقش قانون وحدة وصراع الأضداد في الفلسفة المادية الديالكتيكية، ومن لا يعرف هذا القانون لا تستغلق عليه المسرحية، لأنها مكتوبة بأسلوب بسيط ومفهوم.

ـ من أول من آمن بأنك موهوبة، وكان داعما كبيرا لك؟

ـ أعتقد أني أجبت على هذا السؤال مبدئيا، والدي في الدرجة الأولى الذي اكتشفني من البداية، وكذلك آستاذ اللغة العربية في المدرسة في المرحلة الثانوية العامة الأستاذ عثمان موسى، حيث وضع لنا عنوان تائه في الصحراء، وطلب منا أن نكتب حول هذا العنوان ، وبعد أسبوع نسلمه كتاباتنا، فكتبت قصة في الحقيقة، وليست مسرحية، كان بطل قصتي تائها في صحراءنفسه. أعجب الأستاذ بقصتي، ولفت نظري أني موهوبة، وعلي أن أتابع هذه الملكة، وكان هذا حافزا قويا لي للمتابعة، أما الآن زوجي يثق بي ككاتبة، ويتيح لي الفرصة لمزاولة كتاباتي، وهو متفهم، ومتعاون، وأول ناقد أقرأ له ما أكتب ، وأستمع لرأيه الإنطباعي، وآنا آحمد الله أني وُفقت في زواجي من إنسان يستوعب موهبتي، ويدعمني ويشجعني.

ـ ما سبب شغفك اللانهائي بالمسرح؟

ـ وجدت نفسي عاشقة للمسرح، لماذا لا أدري، فقط أعلم أني آعبّر بأسلوب مسرحي في كتاباتي، حتى في القصة أحيانا آلجأ للحوار، وعندما اكتشفت نفسي، وسعيت للتطوير، واكبت على حضور المسرحيات وقراءة النصوص المسرحية العربية والعالمية بنهم، وكانت القراءة تغلب المشاهدة الحية على خشبة المسرح.

ـ إذا أردنا أن نعرف المسرح من وجهة نظرك؟

ـ المسرح هو محاكاة الواقع من خلال فهمنا له وانعكاس هذا الفهم لنصبه في قالب مسرحي. ليس بالضرورة أن يكون من المدرسة الواقعية حيث الخيارات متعددة ومفتوحة.

هل ما زال المسرح بالوقت الراهن هو مرآة المجتمعات؟

ـ من المفروض أن يكون هكذا، ولكن مع تقليدنا الأعمى للغرب أحيانا، نبتعد عن هذا المفهوم، ونشطح إلى البعيد الذي لا يصله إدراكنا، ولا يكون منطقيا حتى … آقول هذا وأقر أن هناك أعمالا مسرحية محترمة كثيرة بعيدة عن هذا التسويف، والتقليد الأعمى. المسرح لا يزال بخير.

ـ مدى تأثير الواقع السياسي على المسرح، وهل السياسة قيدا على المسرح؟

ـ الظروف السياسية الصعبة التي تعيشها مجتمعاتنا ينعكس على أعمالنا المسرحية من حيث لا نحتسب، حيث أن المسرح هو مرآة المجتمع، وما تمر به بلادنا من صراعات وتحديات ينعكس علينا كمسرحيين، ولكني لا أعتقد أن السياسة قيد على المسرح إلا إذا كان المسرحي يرى صعوبة في عكس الواقع السياسي بوضوح إذا كان مخالفا للرأي الرسمي في بلده، ولكننا قد نلجأ للرمز ونختفي خلفه.

ما المعوقات التي يعانيها المسرح؟ هل هي أزمات نصوص أم قلة المسارح أم عدم اهتمام؟

ـ هي هذه الأسباب مجتمعة، حيث هناك أزمة نصوص، فمن يتجهون لكتابة النص المسرحي أقلية بالنسبة للرواية والشعر وغير ذلك من فنون الأدب، وأيضا قلة المسارح واردة، وعدم الاهتمام الكافي من الجهات الرسمية يلعب دورا مهما وكذلك المسرح ويتطلب ميزانية مالية لا يحظى بها من الجهات الرسمية، كل هذه الأمور مجتمعة تعوق مسيرة المسرح.

ما الهدف الذي تطمحين إليه من امتهانك المسرح؟ وهل تحقق حلمك؟

ـ هدفي أن أحقق ذاتي ، صحيح أني قطعت شوطا طويلا، لكني أتوق دوما للإرتقاء، ولا أشعر أني اكتفيت، لذلك أقول أني أحاول وأحاول وأحاول أن أحقق ذاتي لأصل إلى الرضى، هذا حلمي وأظن هو لم يتحقق بعد لأني لا أكتفي بل أطلب المزيد.

ما طموحك المسرحي؟

ـ طموحي أن أرى أعمالي قد عُرصت على خشبة المسرح، أتمنى أن يتحقق ذلك.

لأي جيل مسرحي كنت تتمنين الإنتماء له؟

ـ الجيل الذي أعيشه هو الذي أتمناه، كل جيل وله إحداثياته وتفاعلاته، علينا أن نكون واقعيين ولا ننسلخ عن جيلنا.

ما العمل المسرحي الذي تمنيت لو كنت صاحبته؟

ـ مسرحية أهل الكهف لتوفيق الحكيم، نص مسرحي عظيم كنت أتمنى أن أكون كاتبته.

عملك المسرحي الأول، كيف استُقبل من الجمهور والنقاد، وما رد فعله عليك؟

ـ أول مسرحية نشرتها كانت مسرحية شباك الحلوة عام ١٩٨٧، وقد لاقت استحسانا من القراء والنقاد عموما ، ومُثلت تمثيلا إذاعيا على حلقتين. أما أول عمل مسرحي قُدم للجمهور على خشبة المسرح كان مسرحية بعنوان الشحاذ حاكما، أخرجها المخرج محمد أبو غزله في مهرجان عمون الثاني في عمّان، وقد نجح العمل ولاقى استحسانا من الجمهور والنقاد، وهناك بعض الإنتقادات التي أخذت بنظر الإعتبار لتلافي السلبيات مستقبلا، لكن على العموم كان عملا ناجحا.

مشروع مسرحي تعرفين عليه حاليا، ومشروع حلم تتمنين تحقيقه؟.

ـ أنا الآن مشغولة بكتابة نص مسرحي لم أضع له عنوانا بعد، لكنه من وحي أحداث ملحمة طوفان الأقصى، وقد كتبت ختى الآن اللوحة الأولى والثانية، وآمل أن أوفق في إنجازه، وهو ما أتمنى تحقيقه، أمّا ما يحمله المستقبل لنا فهو في علم الغيب.

من الكاتب أو الكاتبة المسرحيين الذين هم بمصاف القدوة لك؟

ـ توفيق الحكيم بالدرجة الأولى، هو من أثر بي ومن شغفي بمسرحياته ازداد عشقي للمسرح، وهناك عدة كتّاب أحترمهم، ويشكلون قدوة لي منهم جورج شحادة وغيره.

هل أنت متابعة جيدة للأعمال المسرحية عربيا وعالميا، وهل تجدين بها أي إضافات لك؟

ـ في الحقيقة لست متابعة جيدة بسبب ظروفي الصحية، وبعد إقامتي عن المسارح، لكني أتابع القليل ومن متابعاتي حتما أجد ما يفتح الآفاق أمامي للإرتقاء.

ما سبب إنصراف الجمهور عن حضور المسرح كما كان بالسابق؟

ـ انعدام الثقافة المسرحية، والتربية على حب المسرح الذي يجب أن يكون بداية من المدارس التي توجه الجيل الصاعد لحب المسرح، كما أن التلفزيون يعرض أعمالا مسرحية هابطة للأسف، وعندما يشاهدها الأهالي يعزفون عن المسرح ولا يحثون أبناءهم للإهتمام بهذا الفن. أقول هذا مع الإعتذار للمسرحيين الأجلاء الذين تُعرض لهم أعمالا محترمة وراقية ولكنهم الأقلية مع الأسف.

ماذا عن الإصدارات المسرحية ، هل لها تواجد قوي يثري الحياة الفنية؟

ـ أظن أن الإصدارات المسرحية قليلة عموما وخصوصا النصوص الجادة المحترمة التي فعلا تثري الحياة الفنية والمشهد الثقافي لكنها قليلة، وكثير من المسرحيات التي تُعرض على المسارح هي نصوص أجنبية.

ـ رسائل منك إلى:

  • إلى د ميسون حنا.
  • إمض قدما وحاولي أن تحققي أهدافك.
  • إلى مسؤولي الثقافة العربية:
  • إهتموا بالمسرح ولا تغفلوه.
  • إلى كتاب وكاتبات المسرح:
  • أمامكم حياة حافلة بالأحداث لتنهلوا منها مسرحياتكم.
  • إلى النقاد المهتمين بالمسرح:
شارك مع أصدقائك