سامي كامل الرفاعي
مصر
1
نجاة بنت صاحبة البيت الذي يسكن فيه حسين، جميلة جدًا، تم تطليقها عدة مرات بسبب الغيرة المُفرِطة عليها من زوجها مأمون العايق، حتى وصلت إلى الطلقة الثالثة، فلا تعود لزوجها إلا إذا نُكحت من غيرة، فإن طلقها جاز أن تتزوج مطلقها بمهر وعقد جديد، وهذا جزاء من يُقَتِّر على زوجته بالعواطف، ويُجزيها بالعقاب اللفظي معتقدا أن ثراءه يغني عن إطرائِها بكلام الحب والهيام، وتعامل معها بعنجهية وكبرياء، ولأنه متيم بجمالها وأنوثتها الطاغية، يخشي أن يُفتتن بها من يتزوجها ويتمسك بها، فعرض عليها الزواج من رجل كبير يثق أنه سيطلقها بعد زواجها بسهولة، فرفضت نجاة قائلة: – أحدثت بصلفِك وغرورك في قلبي ثُقبًا تسرب منه حبي لك، ورغم أن قاضي المحكمة استشرف استحالة عشرتي معك وحكم بالطلاق وكل حقوقي الشرعية، لم تسلمني جهازي، لأنك شخص مريض لم تفهم أن المرأة تحب أن تفخر بجمالها وذكائها، ولم تفهم أنّي حاولت كثيرًا أن أصنع منك زوجًا أحبّهُ ويحبني وأحيا به ويحيا بي، لكنك أردت أن تصنع مني أمَةً أو جارية استقدمتها من سوق الجواري، وأشعت عني ظلما وبهتانا أني عاقر دون عرضي على طبيب، والحقيقة أن العيب منك، واردَفَت: – اعلم من الآن: انّي حرة عفيفة شريفة ولن أُسْتعْبَد بعد اليوم، بعد أن استجديت منك التنازل عن ارتدائي النقاب، وسجنت نفسي بين جدران بيتك عاما واكثر لا أبرحه ليرق قلبك لأخرج بدون نقاب، ولكنك استعذبت حبستي ولم تصنع لروحك معي أثرا طيبًا يبقى لك عندي، ونصحك والدك؛ إن سفورا لا يصل إلى التبذل خيرٌّ من نقاب لا يعصم امرأة من الرجال، واخبرك أن النقاب الذي تخيله الجامدون هو وهْم لن يوجد ولا فائدة منه طالما سلوك زوجتك قويم، هَدىَ الله فكرك يا ولدي، فلا تعكر صفو زوجتك؛ ففضيلة المرأة ليست في لبس النقاب، فضيلة المرأة أن تمنحك الحنان والسكينة، واعلم أن الحياة الزوجية بالشكل الذي تبغيه يجعل زوجتك تتعذب، وهذا أمرٌّ تاباه الإنسانية، وحقيقة الزواج؛ سجالٌّ جميل: – يخطئ الرجل فتحزن المرأة فيعتذر الرجل ، تخطئ المرأة فيغضب الرجل فتبكي المرأة فيعتذر الرجل، والاعتذار لا يكلف الزوج الناضج عُسرا ! وبرغم توسلي ونصائح والدك آثرتَ معي التحكم، وتبرره وتتمحك باسم الدين، فهمس من بين أسنانه؛ انا بريء مما تصفين، فاستشعر والد نجاة وأمها أن مأمون العايق سيتغير فطمئناه ووعداه بعودة نجاة اليه والأمر يحتاج إلى صبر وحكمة!
2
وعداه وهم في غفلة، ولم يفطنا أن حسين الطالب الجامعي يقطن في بدروم بيت نجاة، وقد تعلق قلبه بنجاة تعلقا كبيرا وهي كذلك وقد عقدت النية ان يكون حسين هو زوج المستقبل، وليذهب مطلقها بثروته وجاهه حيث يشاء، لن تعود إليه ابدًا.