“الهيئات الثقافية” تستذكر الصحافية فردوس المأمون 

شارك مع أصدقائك

Loading

محمد.ع.درويش

بمناسبة الذكرى السابعة لرحيل الصحافية فردوس المأمون “الهيئات الثقافية” تستذكرها، وقالت مؤسسة حسن صعب للدراسات في بيان انه برحيل فقيدتنا خسرت ندوة الدراسات الإنمائية ركنا من أركانها لقد كانت الراحلة على درجة كبيرة من الأخلاق الحميدة والعلم والفكر والثقافة والأدب.

كانت فقيدتنا تحمل في قلبها وعقلها ووجدانها القضايا الإنمائية والثقافية والاعلامية والوطنية وأمينة عليها ووفية ومخلصة لرفيق دربها المفكر الراحل الدكتور حسن صعب، ونشهد للراحلة بالعمل الدؤوب والسعي الدائم في خدمة الإنسان كل إنسان وكل إنسان.

ندوة الدراسات الإنمائية التي تأسست سنة 1964، وضمت الى الآن نخبة خيرة من المواطنين اللبنانيين من جميع الطوائف والمناطق من رجال الفكر والعلم والاختصاص، قطعت شوطاً كبيرا في محاولاتها الجادة لتقريب وجهات النظر بين مختلف الفرقاء المتنازعين، وذلك في سبيل تحقيق توافق وطني في ظل لبنان جديد في مشروع ميثاق قدمته الى مختلف المراجع الرسمية والحزبية لقى ترحيباً. وهذا المشروع اعتبر الجامع الوطني المشترك بين جميع الفعاليات. فهو يقوم على ديموقراطية حقيقية يتساوى فيها جميع اللبنانيين في التضحيات والمسؤوليات والحقوق والواجبات.

ندوة الدراسات الإنمائية التي تأسست عام 1964 بمبادرة من المفكر الراحل الدكتور حسن صعب ومجموعة من اصدقاءه أمثال فقيدتنا  الراحلة الصحافية فردوس المأمون، والهدف هو اشاعة التوعية الإنمائية بين المواطنين اللبنانيين الموجودين سواء منهم في القطاع العام او القطاع الخاص، وذلك لأن انماء لبنان، اي تطويره من دولة نامية الى دولة متقدمة يستدعي المشاركة الخلاقة من قبل جميع المواطنين.

لقد كان لي الشرف والحظ انني عملت تحت اشراف الصحافية فردوس المأمون رئيسة فرع الإنماء الإعلامي والعربي في ندوة الدراسات الإنمائية فكانت القدوة في التعامل والتواضع صاحبة الفكر العميق والعقل الراجح وكانت المثل الأعلى لنا جميعاً.

إنسانة مثقفة عقلانية منطقية، في جلسات النقاش معها في الأمور الثقافية والاعلامية والإنمائية والسياسية فكانت تبسط افكارها ليستفيد منها الجميع وكانت مرجعاً في آرائها السديدة وحكمتها الواسعة.

وكان الراحلين الدكتور حسن صعب والصحافية فردوس المأمون من ذلك الرعيل الاول والمميز الذي خدم الوطن باخلاص وبنى الانسان والمؤسسات.

نؤرخ اليوم ذكرى مرور سبع سنوات على  غياب الصحافية فردوس فهمي المأمون ارملة المدعي العام لمحكمة التمييز العسكرية القاضي احسان مخزومي . مارست الراحلة عملها الصحافي في صحف : الهدف والشرق والسياسة وبيروت المساء والجريدة والاوريان والجمهور الجديد .

كما انشأت مجلة بإسم “الفردوس”.

والى جانب عملها الصحافي كان لها نشاطات اجتماعية متنوعة : امينة العلاقات الخارجية والاعلامية في المركز الثقافي الاسلامي ، ونائبة رئيسة اتحاد الجامعيات اللبنانية ، ورئيسة فرع الانماء العربي والاعلامي في ندوة الدراسات الانمائية ، وعضو في الدائرة النسائية لصندوق الزكاة التابع لدار الفتوى في بيروت . وشاركت في العديد من المؤتمرات اللبنانية والعربية التي اهتمت بامور المرأة ، كما ساهمت في وضع كتاب بعنوان  “المرأة العربية” في عيد عام المرأة سنة 2000 .

وقبل وفاتها في العام 2016 اصدرت كتاب بعنوان “صفحات مطوية من ارشيف الصحافة”. باشراف الدكتور محمد العريس، الذي قال فيها: هذا الأرشيف، الموجود داخل صفحات هذا الكتاب، هو جزء قليل وبسيط، من الكتابات التي لا حصر لها ولا عد، التي خرجت بها السيدة فردوس المأمون إلى العلن، وترعرعت بين حنايا قلمها الذي سكن فترة طويلة من الزمن بين أصابعها، يكتب ويرسم ويخط الأحرف والكلمات، ويملأ الصفحات، ويستنفد كميات كبيرة من المداد، حتى يجعلنا نعيش شوق القراءة المبدعة والتحقيقات الرائدة، والأفكار اليومية الهامة.

برحيل الزميلة فردوس المأمون ، خسر الجسم الصحافي ، كما قال نقيب محرري الصحافة اللبنانية السابق الياس عون ، ركناً مميزاً من العاملين في ميدان مهنة المتاعب ، ومن تطوير الاعلام اللبناني عبر نشاطاتها الواسعة في هذا الميدان .

فردوس المأمون كنت وفية لمهنتك ، والمهنة ودعتك زميلة مميزة مهدت الطريق لجيل من الاعلاميات لعبن وما زلن دوراً في تفعيل وتطوير مهنة الصحافة .

الزميل محمد ع. درويش قال الراحلة فردوس المامون هي حية في اعمالها، وهي الوجه المشرق للثقافة والعطاء والصحافة. لقد كانت وجهاً مضيئاً من وجوه مجتمعنا اللبناني والعربي والاسلامي، تميزت بأصالتها ومصداقيتها وثباتها في مواقفها المبدئية والوطنية والقومية، كما تميزت بحسها الاجتماعي وبالتزامها الإنساني، وبقلبها الكبير الطاهر النابض بحبر الخير والعطاء”.

السيدة ضحوك المأمون الداوود ترثي شقيقتها الرحالة التي قالت فيها:

لم أكن أتوقع يوماً أن أقف في حضرة تكريمك لأتكلم عنك يا صاحبة القلب الذهبي، ياصاحبة الهدير السماوي، ياصاحبة الكلمة والموقف.

الكبار لا يرحلون

” الكبار لا يرحلون باقون حيث أعمالهم تكون”

فلا دار للمرء بعد الموت يسكنها إلا التي هي قبل الموت بانيها.

يليق بك الفردوس يا فردوس

تعرفون جميعكم من هي؟؟

هي الأم اذ ناديتها، هي الرضى اذ لبيتها هي الوطن الذي أحن إليه، هي القمة التي أردت اولادي الوصول إليها، هي أبجدية لغتي، هي بلسم جرحي، أيقونة بيتي.

رفيقة دربي كم أفتقدك اليوم أختاً وأماً لي ولعائلتي.

“العروبة هويتها”

نجد حيتها، مصر بجلتها، أردن الحسين بطاهرة نهرها عمدتها، تونس واليمن كرمتها، جميلة بو حريد الجزائر شدت على يدها، بلح العراق تذوق حلو أخلاقها، دمشق بتاريخها دونتها، القدس قبلتها، أما بيروت. أما بيروت فهي من في قلبها أودعتها.

هذه هي صحفها وهذا الشرف الذي سال منه حبر قلمها.

قبل رحيلك لم أكن أدري ما معنى دموع القلب.

الكلام يعجز امام الموت

كنت أتحدث بكلامك، أكتب بقلمك، أفتخر بإسمك، أمجد تاريخك، أفرح بلقياك.

وها أنا الآن أحاول لملمة ما تبعثر من وجودي بغيابك وأتماسك لأنها وصيتك.

يا جمرة لا تنطفىء في موقدة التاريخ، يا ملحمة خالدة بات كل سطر فيها جسراً للعبور.

قلمك عصى المكفوف في وسط الظلام.

خطواتك حفرت عميقاً على رمال الشاطئ العربي خطوات المرأة العربية اللبنانية الكبيرة التي أبت أن لا تحلق إلا في سماء الوطن الأكبر.

بكى قلمك أنين فلسطين، وصدح صوتك لمصر بتشرين.

لم يكن لها علمين بل هي الأرزة التي تتوسط اللونين.

في ظل صدى صوتها صرير قلمها على صحفها كأجراس الكنائس وسط صمت الأيام. كصوت المآذن عندما تأذن للحق. يا حفيدة الأشراف بنيت جداراً لكل حواء.

يا من قدمت سنين عمرها قرابين للسلام والحقوق والإنسانية.

يا طريقاً مشى فوق طريق سبيلاً للتسامح، يا جبلاً للأمانة يا مرجعاً للأخلاق حيث تدرس.

يا قلماً لم يتوقف عن ضخ حروفه في حب الوطن، يا حقيقة الإيمان بالأمة ومدرسة للآدب الوطني في ظل الإستعمار الديني والثقافي المستورد المزيف،

يا زهرة حبات طلعها باتت ثمارا.

يا خيالة فرس الزمان،

يا أسطورة خاطبت الأساطير، يا دائمة الحضور في سجل الأيام.

يا من دعت العواصف للهبوب صارخة قائلةً :

كن سيدا ولا تكن عبداً

يا من طالب مقابلة إنسان الإنسانية حتى وجدته في مرآتك يعيش معك متقاسماً تفاصيل حياتك،

يا من أضاعت قلمها بين عواميد صحفها، لتجده بينكم اليوم.

فردوس الأرض باتت اليوم فردوس السماء لن يسكت الصوت الذي كان يترنم بتسابيح الله، ولن تهاجر روحها إلا لتسكن قلوبنا.

أمثالها لا تنتهي حياتهم بمجرد رحيلهم عنا، لأنهم إذا انتقلوا أجساداً إلى الملكوت الأعلى، فإن أخلاقهم تبقى خالدة فينا وكذلك منهجهم وأقلامهم ومبادئهم رسالة لأبنائنا.

لكم في الذكرى شجوني من أجلها تدمع عيوني سامعةً طائعةً أبقوا كما عهدتموني.

اللهم أجعل أختي ممن تقول لها النار أعبري فإن نورك أطفأ ناري، وتقول لها الجنة أقبلي فقد أشتقت إليك قبل أن أراك.

 

*-مؤسسة حسن صعب للدراسات والابحاث

 

شارك مع أصدقائك