اللبناني الحربوق
عباس علي مراد
وما زلنا نصدق أنفسنا أننا حرابيق فقلت عندها على لبنان ألسلام
……
في طريقي إلى لبنان جلست بقرب شخص عائد وعائلته لزيارة ألاهل وحتى يلتقي أطفاله باجدادهم وهو ما يقوم به كل المهجرين المعروفين ” يالمغتربين.
العائلة عائلة عاملة ويتعب الزوج والزوجة كما أخبرتني ليل ونهار حتى كون نفسه في المغترب، وكما معظم الذين كتب عليهم التهجير يلعن الساعة ومن أوصل لبنان الى ما وصل أليه من فوضى وفقر وتشرد واستضعاف وظلم وتهجير …وكما نقول بالدارج من “تعثير” التعبير الذي يختصر ضروب وصنوف المعاناة…
هبطت الطائرة في مطار بيروت فإذا بصاحبنا يفتح جهاز التلفون ويستبق مكالمته بقوله بدنا نتصل بالشخص الذي اعطونا أسمه حتى يسهل خروجنا، ولكن ما لفتني تعليق الزوجة وبمرارة وصراحة فعلاً “رجع لأصله واردفت هيك اللبناني ما بيتغير”.
رغم “الواسطة” خرجنا سوياً وخرجنا لأخذ الحقائب وبقي الشخص الوسيط بجانب المغترب ونصحه بنقد عامل المطار بعض المال ” اعطيه شي” حتى ينقل لك الحقائب فنقده المسكين مبلغ كبير جداً حتى ان الوسيط امتعض قائلاً: “ليك بعدو مادد إيدو”
وكان المغترب الذي يعاني الأمرين و”يحترق سلافه” بعمله ينوي زيادة المبلغ لولا كلمة الوسيط نفسه، والذي وأمثاله يخالفون القانون لاسباب تافهة، وهنا مربط الفرس لو ان هناك نظام لا يوجد فيه ابن ست وابن جارية حتى لانهاء معاملة الخروج من المطار او غيرها من المعاملات التي تتم بطرق ملتوية او ما يسميه اللبناني الحربوق ” الخط العسكري”.
وبانتظار استلام الحقائب دار حديث لبعض الوقت بين ” المغترب ” والوسيط الذي كان يتبجح بكلامه عن شطارة اللبناني وكأنه اول من انزل اول مركبة فضائية على سطح القمر اي والله اللبناني “حربوق”.
في هذه الاثناء أحسست ان ضغط الدم عندي ارتفع الى درجة قياسية كادت ان تفقدني صوابي، ولكني كظمت على غيظي وتمالكت اعصابي، وبدأت أحدث نفسي اللبناني حربوق “بشو يا ربنا”.
رئيس ما في، حكومة يبعث الله، مجلس نيابي نوابه في واد والشعب في واد، قضاء قضي عليه تحت قوس المحكمة وادارات إن فتحت أبوابها لا تعمل الا بالفساد والرشوة.
اما الخدمات ما شاء الله كهرباء 24 على 24، الدولار عاقد قرانه بالسر وبالعلن على أكثر من 10 أسعار ويضرب عرض الحائط شرف الليرة وحسبها ونسبها، أما المصارف فإنها تصرف وتتصرف بكل شيء كأنه ملك أصحابها الشخصي ومبدأها أجلكم الله” من بعد حماري ما ينبت حشيش”.
وحدث ولا حرج عن وضع الطرقات المفتوحة على جهنم هذا إذا وجد البنزين والذي تحدد أسعاره حسب رغبات ألمستوردين وأصحاب المحطات ، أسعار المواد الغذائية تحلق فوق أسعار الدولار حتى الفاسدة منها والتي تؤمن لك بطاقة دخول مجانية الى المستشفى وهناك الطامة الكبرى حيث يجب الدخول إلى الصندوق اولاً وإلا الله يرحمك وإذا احتجت إلى دواء فهذه معاناة إضافية هل هو موجود ام غير موجود وقس على ذلك ولا نريد التحدث عن الوضع النفسي والاجتماعي للبناني الحربوق.
اذا كان وضع البلد بهذا القرف كيفما نظرت ولا يسر “العدوين” وما زلنا نصدق أنفسنا أننا حرابيق فقلت عندها على لبنان ألسلام أكثر وأكثر لان هذه الذهنية لا تبني اوطان.