في شارع الكسليك
في شارع الكسليك. تحت غيمة. مع ريشٍ وحده فى الفضاء. ريش، وحده.
الأصدقاء رشُّوا الحمام. نظروا إلى الشتاء. وضعوا كتباً على المنضدة. وناموا.
الشمس تتدلَّى أيضاً
يجب إسعافها بالمخدرات، كفيرونيك الفرنسية
ليل بكامله لامتصاص شارع الكسليك من دمي
ليل لفأر
يقضم الحوانيت ويجعل قدموسَ مجذافاً يقطع السين بلحظةٍ بين فخذيها.
في شارع الكسليك أربعة رجال يراقبونني
وقمر غير مكتمل
بنايات لا يزال عمَّالها يرفعون الأحجار
والشوارع تتدلَّى
يجب إسعافها بالنظرات، كاليونانية الضائعة في ساحة سينداغما، مخدَّرة وحزينة
وأنا أمتص أرسطو من دمها
وأُرسل سقراطَ ليلعب بالكونيا.
أربعة آلاف رجُل وراء امرأة واحدة. أربعة آلاف مسلَّح، لأنَّ ذكراً وأنثى يقذفان من أحشائهما مدينة
لأنَّ مصرياً كان يرتجف، يتمدَّد، يسيل فوق أربع خفَّانات.
لبنان، لبنان، تظنُّ أننا لا نرى.
ملاحةٌ دموية. سياحةُ جلود.
شفاهٌ تلثم دولاراً على قفا أميركا.
الذي يرتجف يضعُ نفسَه في الماء. يذوب كعشبٍ حنون. ينحني ويذهب
يترك وراءه ساعةَ يد، وكمَّين.
لبنان، لبنان، وراءك ارتجافات مهجورة.
أرى خرطومَ مدفعٍ في أنفك، مستودعَ جثثٍ في عينيك، وشحاذاً يتبعه كلب على
صلعتك.
لبنان، هذا دولار لك، انصرفْ.
أريد عطوساً. يجب أن أسحب لبنان من صدري.
في شارع الكسليك، أتثاءب أحياناً.
الليلة عيد القديس جاورجيوس، ذهبنا إليه في مرسيدس 180، وضعنا له ليرتين، وعدنا لنطعم القطط.
مريولُ طفلٍ على الحبل. وشاحنات جنود.
أجسادٌ تعرق وتتبخَّر، بلا صوت.
رأيت رفاقي
رأيتُ رفاقي متعبين يمشون كأبطأ السواقي
يستعيرون قصباً نحيلاً ويغنُّون لإلهاء خيباتهم
يصرخون أحياناً
لإعادة دمهم الذي يتنزَّه في الشوارع
ويحفرون ثقوباً
لنوم المتأخرين من عروقهم.
رأيت رفاقي يجلسون أياماً على الكراسي ليسلُّوا أرواحهم الضجرة على الطاولات
يوصلون بصعوبةٍ تنفُّسَهم بسلك الهواء ويرسلون
شيفرةَ حياةٍ غير مسموعة
المتجوِّلون مع الفجر قطعةً قطعة
مغسولين كيفما كان بأيدي السجناء
الذين ضربوا حارس المحطَّة وسافروا بلا حقيبة
استلقوا صامتين
في ارتعاشات منحرفة
نخزوا شرايينهم وفرشوا السجائر في طريقهم
من الباب إلى الدرَج ومن الدرج إلى الباب
غير واجدين ما يبرِّر خطوة إضافية.
عرفتُهم من عيونهم
من وقوفها الطويل في الشتاء البطيء
رأيتُ خصلات شعرهم حمائم
وجبينهم كزقاق جانبيّ
هادىء.
سمعتهم ينادون أصواتهم لتعود من الهواء
ورأيت ظلالهم تغفو
على حائط بسيط.
مخنَّثون
قدّيسون
غرقى وسكارى
جاؤوا من السهول والغابات لنسف القطار
التقوا حكماء وأحجاراً ونبتات مضحكة
تحسَّسوا لحم بعضهم بعضاً
ارتطموا بأضلاعهم
وتفكَّكوا.