وديع سعادة نثرُ حياةٍ بين ضفّتين حاوره: إسكندر حبش… الحلقة السابعة

شارك مع أصدقائك

Loading

 

وديع سعادة

 

نثرُ حياةٍ بين ضفّتين

حاوره:

إسكندر حبش

 

7-10

الهجرة

حين ذهبوا لم يقفلوا أبوابهم بالمفاتيح

تركوا أيضًا ماءً في الجرن، للبلبل والكلب الغريب الذي تعوّد أن يزورهم

وبقي على طاولاتهم خبز، وإبريق، وعلبة سردين.

 

لم يقولوا شيئًا قبل أن يذهبوا

لكنَّ صمتهم كان كعقد زواج مقدَّس

مع الباب، مع الكرسي، مع البلبل والإبريق والخبز المتروك على الطاولة.

الطريق التي شعرت وحدها بأقدامهم لا تذكر أنها رأتهم بعد ذلك

لكنها تتذكر ذات نهار

أن جسدها تنمِّل من الصباح إلى المساء بقمح يتدحرج عليه

ورأت في يومٍ آخر أبوابًا تخرج من حيطانها وتسافر،

ويذكر البحر

أنَّ قافلة من السردين كانت تتخبَّط فيه وتمضي

إلى جهة مجهولة.

 ويقول الذين بقوا في القرية

إنَّ كلبًا غريبًا كان يأتي كل مساء

ويعوي أمام بيوتهم.

  ……………..

رحيل

 لمسَ بابَ البيتِ وخرج

تاركًا على القِفْلِ بعضَ أنفاسِهِ

رآهُما ينظرانِ إليه:

القفلُ الذي كان يحبسُ خلفَهُ عُوَاءَ الليل

والبابُ الذي كان الصباحُ

يطلعُ من شقوقِهِ،

رآهُما يتحلَّلان ويعودان

يباسًا على الطريقِ وكتلةً صدِئَة

ورأى الحيطانَ ترجعُ إلى الجبالِ

أحجارًا وحيدةً وحزينة

والمَحْدَلَةَ على السطحِ تعودُ

صخرةً في غابةٍ بعيدة

والسقفَ الذي يَدْمَعُ دمعتيْن في الشتاء

يهطلُ مثلَ جُرْفٍ يائس.

 لمسَ بابَ البيتِ ورحلَ

تاركًا زهرةً في فتحةِ القفل

وفوقَ السطحِ غيمةً

من نظراتِهِ.

 

 

شارك مع أصدقائك