كلاب سامسون ( * ) و كلاب بغداد .
عكاب سالم الطاهر
عدتُ الى الفندق التركي متأخراً. ربما تعدت الساعة الحادية عشر ليلا. استوقفني مشهد كلاب مستلقية على رصيف الشارع. بعضها ضخم الجثة. شعرتُ بقليل من الخوف. لكن لم يصدر منها تصرف عدائي. صورتها. والامس واليوم جمعتُ معلومات عن جانب من حياة الكلاب في سامسون ، المدينة التي تقع على ساحل البحر الأسود في الشمال الشرقي من تركيا. وافادني احد المصادر : ان جهة في المدينة تعتني بهذه الكلاب. فهي مسجلة عندها. وهناك طوق في رقبة كل كلب يحمل رقما يدل عليه. واتذكر انني في مثل هذه الايام من العام الماضي ، كنت في سامسون . مصادفة ، قدم من احد الازقة ، رجل يدفع عربة فيها حاويات. وحين راته الكلاب تسابقت بالوصول اليه. تجمعت حوله. أستمر في السير والكلاب تحيط به. وقالوا لي انه والكلاب يتوجهون الى مبني. هناك تستلم الكلابُ طعامَها. وربما ادويتها من جهة بيطرية.
** اغلقتُ مشهد بعض كلاب سامسون، وعدت الى اوراقي الصحفية في ما يتصل بكلاب بغداد. من المعلوم ان بعض شوارع بغداد تتجول فيها قطعان مما يسمونه الكلاب السائبة. وفي الساعات الاخيرة من الليل تتصرف بشكل عدواني. مما يشكل خطراً على المارة . مطلع تسعينات القرن الماضي ، كتب الصحفي الراحل يحيى الدباغ، عن ظاهرة الكلاب السائبة. كان الدباغ يحرر صفحة شؤون المواطنين بجريدة الجمهورية. دعا الدباغ الى الى القيام بحملة لابادة هذه الكلاب . هنا زجت امانة بغداد نفسها في موضوع الكلاب السائبة. اذ كتب امين بغداد ، وكان حينها المهندس خالد الجنابي ، تعقيباً على ما كتبه الصحفي الدباغ. وحذر فيه من ابادة هذه الكلاب. لان ذلك سيجعل جمعيات الرفق بالحيوان تنتقد الحكومة العراقية. ولاني كنت مدير اعلام امانة بغداد، ولاهمية الموضوع ، ولان امين بغداد امر بشكل تعسفي ، ان يكون الرد بتوقيعي ، بينما هو الذي كتبه ، لكل ذلك قمتُ بايصال رد الامانة بيدي الى مكتب رئيس تحرير جريدة الجمهورية. وكان في حينها الصحفي والاعلامي سعد البزاز. وعرجتُ في زيارتي على الصحفي يحيى الدباغ واوضحتُ له الوقائع ذات الصلة بمن كتب التعقيب ومن وقّعه. وبوضوح تنصلتُ من الرد . لانه تضمن انتقاداً لسلوك ومهنية الدباغ.
** هنا ردت جريدة الجمهورية بعنف على كتاب امانة بغداد . ونُشر ردها في الصفحة الاولى من الجريدة، حيث المكان الذي تنشر فيه افتتاحيات الجريدة عادةً. كان ما كتبته الجريدة قد حمل عنوان : الصحافة والكلاب. ولان العراق ، آنذاك ، كان تحت الحصار الدولي ، تطرقت الجريدة الى ذلك بما مضمونه : اين جماعات الرفق بالحيوان ، من معاناة العراقيين من الحصار الجائر ؟!. ان المكان الذي نُشر فيه رد الجمهورية ، واسلوبه العنيف ، يجعلنا نستنتج ان كاتبه هو رئيس تحرير الجريدة الصحفي سعد البزاز. قدمتُ جريدة الجمهورية ، منشور فيها مقال : الصحافة والكلاب ، الى امين بغداد المهندس خالد الجنابي . ولم يعقب بشيء. كلاب سامسون ( المدللة ) والوديعة ، جعلتني اقلب بعض اوراق الصحفية. وعدتُ بهذه الحصيلة. ( * ) سامسون مدينة تركية. تقع على ساحل البحر الأسود. في شمال شرق تركيا.