حوار مع الكاتب المغربى د.عبد السلام فزازى

شارك مع أصدقائك

Loading

حاوره

أحمد طايل

مصر

===========

مقدمة

.هو متعدد الزوايا الأكاديمية والفكرية والابداعية،وله بجميعها نجاحات وتمايز كبير،فاعل وشريك أساسى فى الكثير من الفاعليات والملتقيات والمؤتمرات الكبيرة والمميزة على تنوعها، له العديد من الإصدارات متعددة التوجهات الفكرية والثقافية والترجمات، كتب الرواية، المقال ، الدراسة النقدية، ترجم العديد من الإصدارات الأجنبية إلى اللغة العربية،مهموم وشديد الإهتمام باللغات الحية، حاصل على العديد من الجوائز والتكريمات فى محافل عدة عربيا ودوليا.

أشكرك صديقي المبدع الرائع على تصفحك لمساري الشخصي والهويات الإنسانية والمهنية والفكرية، آملا أن نسافر بالمتلقي العربي وغير العربي في أفق متعة قرائية ما أحوجنا اليها في عالم قلت غيه القراءة وبالأحرى الكتابة، في زمن تطاول علينا فيه ما هو تكنولوجي ʺ يحمل في طياته السالب والموجب معا، علما أننا نحن من صنع هذا العالم مع الأسف الشديد

……………………..

 

حدثنا عن البيئة التى نشأت بها وكان لها التأثير الكبير فى خوضك عالم الثقافة؟

= أما ما يتعلق ببيئتي التي نشأت فيها على الطوق والتي رسخت في ما رسخته من تأثير كبير الى درجت جعلتني أمتح منها كل خبايا الطفولة الأولى، والحال أنني اعتبر نفسي مستصحبا الى حد الآن ذلك الطفل الذي يعاشرني في كل صغيرة وكبيرة سيما حين يتعلق الأمر بالقيم كائنا من كانت، ومن لا قيم له لا وجود له وجودا متكاملا كما يقول أستاذنا المرحوم المهدي المنجرة في كتابه ʺ قيم القيم “، أجل فحين أكتب أستحضر تفاصيلها حتى اتجنب القيل والقال وما يقولون، والتزم بأخلاقية الكاتب الذي عبر كتابته يصل المتلقي، وهذا الأخير له علينا احترام ذكائه وقيمه وهوياته وانسانيته قبل كل شيء.. وربما هذا ما يجعل المتلقي في كثير من الأحيان يعزف عن القراءة ولتصبح الظاهرة اليوم مثار تساؤلات مؤرقة نتداولها بامتعاض. وكذب من يعتقد ان الكتابة في حل من هذه القيم الطفولية التي تجعل شخصيتنا أكثر نضجا وتوازنا، وتمكننا في آخر المطاف حين نكتب فإننا نكتب ذواتنا، ومن يدري قد نكتب ذواتا مفترضة تقرأ لنا وتتمتع بما نكتب لأنه يحترم عبرها المتلقي ويجعله ماتعا لما يقرأ وعالقا بالقراءة الجادة الني تحقق له متعة القراءة.. هذا ما يجعلني أحترم المتلقي بقدر ما أحترم نفسي وهي علاقة جدلية بيننا أو على حد قول فيليب لوجون ميثاقا بين الكاتب والمتلقي.. الطفولة فينا عالم لا ينتهي، ومرجعيات غنية لا يمكن تناسيها والا سنكون كمن يبحث عن قطة سوداء في حجرة مظلمة ولا وجود للقطة بتاتا.

ما الذى جذبك صوب عالم الفكر والثقافة؟

= أما ما الذي جعلني أنجذب صوب عالم الفكر والثقافة عامة؛ فتلك صدفة تتأرجح بين الحقيقة والواقع وربما أضغاث أحلام لم تكن يوما في الحسبان، إذ الطفل الصغير الذي كنته ولا زلته كما أسلفت القول، أضغاث أحلام لأنني يوما وأنا أدرس في مسجد باديتنا في الريف البعيد كلية عن المدرسة، كنت عبارة عن أمانة تركها أبي عند أخته، عندها أتم حفظ القرآن كما جرت العادة في أسرتنا إن الابن البكر لابد له من حفظ القرآن عساه يصبح فقيها في دواوير مفترضة؛ لكن راعني منظر قلو من التلاميذ كل صباح ومساء يقطعون مسافات طويلة وصولا الى مدرسة توجد في السوق الأسبوعي؛ فكنت امني النفس أن أكون مثلهم انا ابن الجندي الذي تركني مغربا في عالم افتقد فيه حنان الأسرة النووية؛ هكذا فكرت في الهروب من المسجد الى شبه مدينة تبتعد عن دوارنا بأكثر من عشرين كيلو، وفي ذات الوقت وجدت سندا في ابن عمتي معلما في ذات المدينة وسمعته يحاور عمتي قائلا: حرام ان يضيع ابن خالي في هذا المسجد وهو أذكى ما رأيت وعلى أهبة إتمام حفظ القرآن، سأغامر بإدخاله المدرسة رغما عن موقف خالي.. كذلك كان، سافرت معه وأدخلني المدرسة وانا لا اعرف العربية لأنني امازيغي واحفظ القرآن حفظا تاما واشبه تماما الببغاء، فكانت لي القصة المضحكة الباكية حين اخضعوني في المدرسة الى شبه امتحان مجموعة من المدرسين حين تأكدوا أني في مستوى اعلى فجعلوني اقفز مرة واحدة مستويين الى المستوى الثالث حيث اللغة الأجنبية تواجهني أقصد اللغة الفرنسية فكنت رابحا لثلاث سنوات دفعة واحدة. فابن عمتي المدرس في ذات المدرسة للغة الفرنسية كان قدوتي ومجموعة من المدرسين تنبأوا بأنني سأكون استثناء في المستقبل، وبالفعل تبنى ابي موقف الانتقال الى المدرسة شريطة إتمام خمسة أحزاب متبقية لي كي اتم حفظ القرآن فأتممتها على يديه؛ أما المدرسة فكنت بالفعل امثل للأساتذة قدوة استثنائية وصولا الى الجامعة، حيث كان لي اختيار التوجه الى كلية الشريعة فاصبح وبسهولة قاضيا، أو التوجه نحو العربية التي كانت ملكا لي بلا منازع، أو اللغات الفرنسية او الاسبانية، وهنا بالضبط تبناني بعض اساتذتي وهم رواد الشعر العربي في المغرب وكنت انشر معهم في مجلات وباسم مستعار إلى ان قيل لي : لا تنشر باسم مستعار فأنت شاعر بامتياز، هنا أصبحت ناهما لقراءة الكتب وبلغات عدة الى درجة كان يقال عني: أنك تنتقم من الكتب، فظهرت عندي بوادر الفكر والابداع والنقد وكان لأساتذتي المغاربة والعرب وكذا الغربيين الأيادي البيضاء في مساعدة بل الافتخار بي مما جعلني اقبل في اتحاد كتاب المغرب وانا اصغر المنخرطين، والاتحاد بدوره سنح لي بالحضور في اللقاءات والمنتديات الوطنية والعربية والدولية.

ماذا عن كتاباتك وقراءاتك الأولى؟

أما عن كتاباتي الأولى فكانت أجمل ذكرى يمكن ان أفتخر بها، إذ حفظت بعض الكتب عن ظهر قلب: دمعة وابتسامة، الأجنحة المتكسرة، النظرات، والعبرات للمنفلوطي، وماجدولين وغيرها من الكتب بلغات أخرى والفضل يرجع الى المسجد الذي علمني كيفية الحفظ والارتجال بسرعة فائقة.. وهكذا بدأت اكتب الشعر كما سبق الذكر وبتشجيع من اساتذتي في الجامعة وهو رواد للشعر في المغرب، ومن الشعر بداتا كتي سيرتي الذاتية التي حكيت لكم عنها مقتطفات، وصولا الى 27 مؤلفا الى حد الآن.. وكتبي في حقيقة الأمر قلما أرجع اليها والحال أن الكتابة وطلب المشاركة في مجلات دولية جعلتني اكتفي بالكتابة، ريثما ارجع اليها كلما تطلب الأمر بعد هذا العمر الطويل.

ماذا تمثل الكتابة لديك؟

وتبقى الكتابة عندي عاشقة ومعشوقة لا يمر يوم بجون كتابة ما أحاول استدراكه والحال أن العمر مهما طال يبقى قصيرا، واصبح يطلب مني الكتابة باللغات الأجنبية مترجما للمتلقي الغربي ترجمة بعضا من ملخصات لكتبي السيرية او الروايات او النقدية، أما أهدافي الوحيدة فاختيار ترسيخ اسمي ضمن اخوتي الكتاب في الوطن والوطن العربي وكذا اختراقا للعالم وبلغاتهم وهكذا نشرت العديد في النقد العربي الحديث وايصاله الى أصدقائي كتاب وباحثين في الغرب، ولعل أجمل ما سيتركه الانسان قبل موته ذخيرة من الكتب وفي أجناس أدبية متعددة، وحتى لو أعيدت ولادتي ثانية ما اخترت الا الكتابة لأنها الملهمة وفيها أجد ذاتي ومتعتي المشتهاة.. ولعلي حين اقرا كتاب نوابغ العرب كثير ما ارجع الى الجاحظ هذا الانسان الذي كان سببا في خلق نظريان نقدية حداثية والحال كما قال جبرا إبراهيم جبرا: الجاحظ الحداثي الأول فهو من جعل الغرب يعترفون ومنهم هاوس بان “نظرية التلقي” كانت استلهاما من الجاحظ الموسوعي الكبير. وجرى مجراه رولان بارت في ابتداعه ʺلذة النصʺ، بينما الجاحظ كان السباق حين تناول الادب انطلاقا من الثنائيات فكتب عن” الجد والهزل”، ولها ما لها لدى الغرب من قيمة، ولعل من لم يقرا المنجزات العربية اعتبره لم يولد بعد؛ وإلا لماذا الغرب يأخذون منا كل شيء ويطورونه وحين تقارعهم يقولون وبدون نقص: هذا اخذناه منكم للأينكم لم تعيدوا قراءة تراثكم.. أقف هنا وإن شاء المتلقي فسأرجع الى المثاقفة التي ترد الاعتبار لتراثنا بينما نحن نائمون..

 

 

 

شارك مع أصدقائك