ثريا السيد
دقت الساعة الخامسة ، وجاء أبي من العمل بمفأجاة من مفاجآته العديدة ، ومرجيحة ضخمة، لست أدري ممن اشتراها ، كل ما رأيته حين أحضرها فوق عربة نقل كبيرة بزركشتها وجمالها الرائع ومقعدها الواسع الوثير، تأكدت أنها كانت فى حديقة قصر أحد الأثرياء الذين يعرفهم أبي واستغنى عنها هذا الثري ، لأنها تشبه المراجيح الضخمة التي نراها فى ألأفلام العربي الأبيض والأسود . حين أحضرها هللنا من الفرحة ، وتجمعنا حولها من كل جهة نحن أطفاله الخمسة ثم سألنا أنفسنا كيف ستدخل تلك المرجيحة الضخمة من باب الشقة الصغير، وكان أبي دائما يحمل الإجابات الصعبة ، أحضر عدته الكبيرة بمفكاته الضخمة ، ومفاتيحه العديدة ، فكها إلى سبعة أعمدة ضخمة بهم ثلاثة أعمدة كبيرة ملتصقة بكلبشات كثيرة ، والمقعد الوثير وضعه وحده وأدخله بالعرض وأخيراً دخلت المرجيحة في الصالة الواسعة ، وهللنا وتركنا مافي أيدينا من كتب ، ومذاكرة ، وتدافعنا حولها من يتمرجح أولاً ؟ قرر أبي بشكل صارم: – بعد الغذاء ، وبعد التأكد من عمل الواجب وانتهاء المذاكرة ، وأعلن الصغير أولاً ثم الكبير ، وهكذا وبالوقت ، قبلنا أبي من السعادة . وبعد الغذاء قام فعلاً بتركيبها ، عن الفرحة العارمة والسعادة ونحن نتمرجح ونطير فى الهواء من السعادة ، ويأتى أطفال الجيران ينتظروا بشفقة أن نسمح لهم بالتأرجح معنا . إلى أن أتت إجازة آخر العام وحملنا نحن الخمسة ، وأبي كل قطع المواسير الكبيرة من الحديد المنفرد للمرجيحة الثقيلة ، ومعها مقعدها الوثير الثقيل للغاية ، ثم يأتى أبي حاملاً الأعمدة الكبيرة ومعه العدة والصواميل الضخمة ويركبها قطعة قطعة فتصير مرجيحة ، ولأننا كنا نخجل فنذهب بعيداً لآخر شوارع لا نعرفها ولا يعرفها جيراننا وأقاربنا ، ثم يتوالى حضور الأطفال للركوب وفى نهاية اليوم نعود بالمرجيحة وبأموال كثيرة وأحياناً نحملها ونسير بها شبه نائمين. وأحياناً يحملها أبى فوق عربة نقل ، حين يرانا منهكين لنصل إلى البيت نائمين داخل السيارة النقل وبجوارنا المرجيحة . ومضت الإجازة والدراسة ونحن فرحين بوجودنا فى الشارع نلهو ونلعب طوال النهار وجزءاً كبيراً من الليل فرحين حين لا يأتى أطفال يركبوها لنركبها ونبتهج كثيرا . واستمر فرحنا وسعادتنا بركوبها ، وعذابنا بحملها ستة أشهر ففى البرد الشديد الممطر ، حديدها يؤلم أيدينا وتتجمد ، وفي الحر الشديد يكتسب حديدها الحرارة الشديدة فتنتقل إلى أيدينا والإحساس بالدوار الدائم من ركوبها المستمر ، حتى يوم ما كسرعمودها الضخم المزدوج الكبير فتخلى عنها أبي وباعها لبائع الروبابيكيا ، كم حزنا وفرحنا فى آن .