استراتيجيات البناء السردي في الرواية المخابراتية: دراسة تحليلية لرواية
“صيد الذئاب“للكاتبين الصحفيين : حسام أبو العلا وأحمد شنب
د. نجلاء نصير
تسعى هذه الدراسة إلى تحليل البناء السردي في الرواية المخابراتية بوصفها نمطًا روائيًا يتقاطع فيه البعد الفني مع الوظيفة الوطنية والسياسية. واعتمادًا على رواية “صيد الذئاب” للكاتبين حسام أبو العلا وأحمد شنب، تحاول الدراسة الكشف عن الأدوات السردية والفنية التي تم توظيفها في بناء النص، من حيث الزمن، الحبكة، الشخصيات، الرموز، والتقنيات البصرية، مع التأكيد على تماهي هذا النوع من الروايات مع التحولات التي يشهدها الواقع العربي المعاصر.
مقدمة:
تمثل الرواية المخابراتية مساحة سردية مشحونة بالتوتر الدرامي والوعي السياسي. وهي وإن بدت منتمية إلى الواقعية، فإنها في عمقها تستعين بعناصر التشويق، والتوثيق، والمجاز لتعيد إنتاج الواقع وتخليقه أدبيًا. في هذه الدراسة، نتناول رواية “صيد الذئاب” كنموذج يُجسد صراعًا محليًا وعالميًا في آن، موثقًا بانفعالات الشخصية الوطنية ومراوغات التنظيمات المتطرفة، مستفيدًا من أدوات السرد الحديثة.
أولا :دلالة العنوان والغلاف: يحمل عنوان “صيد الذئاب” كثافة رمزية واضحة، تشير إلى مواجهة مباشرة مع عناصر إرهابية و”ذئاب بشرية” تتخفى في الظلام. اللون الأحمر على الغلاف يعزز من هذه الدلالة، بوصفه لونًا تحذيريًا يعكس العنف والخطر، ويرتبط أيضًا بدماء الشهداء، مما يربط بين العتبة البصرية والمضمون الوطني للنص.
ثانيا :تقنيات البناء السردي:
- الزمن الروائي: تبدأ الرواية بتاريخ محدد (الاثنين 16 فبراير 2015) يرتبط بواقعة حقيقية (مجزرة المصريين في ليبيا)، ما يُضفي واقعية موثقة على العمل. ويتقاطع الزمن الخارجي مع البناء الزمني الداخلي من خلال التنقل بين الماضي والحاضر لتشكيل التوتر السردي.
- الحبكة: الحبكة في الرواية متماسكة، قائمة على ترابط سببي بين الأحداث. تتوزع بين التخطيط، التنفيذ، والتصعيد، مع إدخال مشاهد متوازية مثل التحولات النفسية لأكرم، وتجربة سيرين، وصراعات الأسرة.
ثالثا :الشخصيات والبناء النفسي:
- أكرم، بطل الرواية، يتجسد في صورة الضابط الوطني الذي يحمل عبء الواجب رغم التضحيات الشخصية.
- سيرين، النموذج المغرر به، تعكس مأساة التجنيد العقائدي وعملية غسيل الدماغ التي تمارسها التنظيمات الإرهابية.
- الشخصيات الثانوية (السيد شوقي، المستشار خالد، الجيار…) تعزز النسيج الروائي بتمثيلها لمستويات القرار والتفاعل الوطني.
رابعًا: الثنائيات الضدية:
تعتمد الرواية على بنية التضاد بين الخير/الشر، الوطنية/الخيانة، العقل/العاطفة، مما يخلق شبكة سردية مشدودة بالتوتر الأخلاقي والسياسي، وهو من سمات الرواية المخابراتية الكلاسيكية.5- البعد التوثيقي والبصري: يتداخل الحدث الروائي مع الأحداث الواقعية (كمجزرة داعش في ليبيا، والتفجير ببرلين)، مما يضفي صدقية على النص. ويُضاف لذلك عناصر بصرية قوية كالغلاف والمشاهد السينمائية الوصفية التي تُحاكي تقنيات الكتابة السينمائية.5- البعد التوثيقي والبصري: يتداخل الحدث خامسا البعد التوثيقي والبصري: يتداخل الحدث الروائي مع الأحداث الواقعية (كمجزرة داعش في ليبيا، والتفجير ببرلين)، مما يضفي صدقية على النص. ويُضاف لذلك عناصر بصرية قوية كالغلاف والمشاهد السينمائية الوصفية التي تُحاكي تقنيات الكتابة السينمائية.
سادسًا دلالات اجتماعية ووطنية: الرواية تُبرز أثر العمل الوطني على البنية الاجتماعية (تفكك أسرة أكرم، اضطراب سيرين وأسرتها استراتيجيات البناء السردي في الرواية المخابراتية: دراسة تحليلية لرواية “صيد الذئاب“
سابعًا اللغة والأسلوب: تميل اللغة في الرواية إلى الوضوح والدقة، مبتعدة عن الزخرفة اللفظية ومقتربة من روح التوثيق دون أن تفقد بعدها الأدبي. وقد وظّف الكاتبان الأسلوب المباشر في الحوارات، مما منح الشخصيات طابعًا واقعيًا، لا سيما في نقل خطاب العناصر الإرهابية أو لغة المخابرات. وتمتاز الأساليب الوصفية بالديناميكية، ما يمنح النص قدرة بصرية على محاكاة المشهد، وكأن الرواية كُتبت لتكون قابلة للتجسيد السينمائي.
ثامنًا :خاتمة الرواية: أو القفلة : تنتهي الرواية بنبرة انتصار وطني على الإرهاب تترك النهاية الباب مفتوحًا للتأمل في التضحيات المستمرة التي يقدمها الأفراد في سبيل أمن أوطانهم. هذه النهاية الواقعية لا تنحاز للبطولات المطلقة، بل تُعيد الاعتبار لجهد جهاز المخابرات ودوره في حماية الوطن من طيور الظلام وتياراتهم مما يُظهر كيف تنعكس القضايا الكبرى على الإنسان العادي.
ومجمل القول : إنَّ رواية “صيد الذئاب “تعد مثالًا ناضجًا على الرواية المخابراتية التي تتجاوز البعد التسجيلي إلى بناء سردي محكم، يزاوج بين الوثيقة والخيال، بين الواقعي والرمزي، ويُعيد الاعتبار للأدب بوصفه أداة مقاومة ناعمة.