هند العميد
لايُخفى على متابع ومهتم بأن البناء العمودي الحديث، أو ما يُعرف أيضًا بالبناء الرأسي، يعد نهجًا معماريًا يتزايد شهرته وانتشاره في العديد من المدن الكبرى حول العالم. ويتميز هذا النهج بتشييد المباني بشكل رأسي، بدلاً من الانتشار الأفقي التقليدي الذي دام لسنوات طويلة، ويقدم مجموعة من الفوائد الجذابة التي تجعله خيارًا مثيرًا للاهتمام في العصر الحديث والذي سأشرحه بنقاط مهمة ورئيسة في هذا الخصوص.
1. تحسين استخدام الأرض:
البناء العمودي يسمح بالاستفادة القصوى من الأرض القابلة للبناء في المناطق الحضرية المكتظة. بدلاً من تخصيص مساحات كبيرة من الأرض للمباني ذات الطابق الواحد ويمكن بناء مجمعات سكنية أو تجارية مكونة من عدة طوابق كبناء عموديًا، مما يساهم في زيادة الكثافة السكانية دون الحاجة إلى التضحية بالمساحات الخضراء أو البنية التحتية الحيوية ودون الإفراط بمساحات كبيرة باستفادة أقل مقارنةً بالبناء العمودي كذلك يسمح البناء العمودي بالاستفادة القصوى من المساحات القابلة للبناء في المدن المكتظة، مما يقلل من الحاجة إلى التوسع الأفقي الذي يمكن أن يؤدي إلى استنزاف الموارد الطبيعية وتدهور البيئة المحيطة.
2. تقليل التنقلات اليومية:
في هذه النقطة يمكنني توضيح بأن العيش في مباني عمودية يمكن أن يقلل من مسافات التنقل اليومي للسكان، حيث يمكن توفير وسائل النقل العامة والمرافق الضرورية داخل المجمعات السكنية أو التجارية نفسها. وهذا يساهم في تخفيف الزحام المروري والحد من الانبعاثات الضارة للبيئة وهذا أيضاً يعتمد على توفير الدوائر المجتزئة من الوزرات ونشرها بين هذه المجمعات لتوفير العمل لسكان المناطق العامودية والتزاور الداخلي للمباني ويمكن تجميع السكان والأنشطة التجارية والترفيهية داخل نطاق محدد، مما يقلل من مسافات التنقل اليومي ويحد من الزحام المروري والتلوث خارج حدود تلك المجمعات السكنية.
3. تحسين الاستدامة والكفاءة الطاقوية:
يمكن تصميم المباني العمودية لتكون أكثر كفاءة من حيث استخدام الطاقة، بفضل استخدام التكنولوجيا الحديثة في التبريد والتدفئة والإضاءة. كما يمكن توفير أنظمة جمع المياه الممطرة والطاقة الشمسية على أسطح هذه المباني، مما يعزز من استدامتها ويقلل من بصمتها البيئية وكذلك اعتماد الخصخصة لتوفير الطاقات المطلوبة بأسعار مدعومة مقارنةً بتوفيرها ٢٤/٢٤ ساعة للمواطنين ويمكن استثمار منفعة البناء العمودي بتقنيات مثل العزل الحراري المتقدم ونظم الطاقة المتجددة والتي تساهم في تقليل استهلاك الطاقة والانبعاثات الضارة.
4-تعزيز التواصل الاجتماعي:
توفر المباني العمودية فرصًا أكبر للتفاعل الاجتماعي بين السكان، حيث يعيشون ويعملون ويتسوقون في نفس المجتمعات المكثفة كما يمكن أن تُنظم المساحات العامة والفعاليات المجتمعية داخل هذه المجمعات لتعزيز الروابط الاجتماعية والثقافية بين السكان وتوحيد وخلق ثقافات اجتماعية نافعة وجديدة تخص الساكنين.
5. تحفيز الابتكار والتطور المعماري:
يعتبر البناء العمودي تحديًا معماريًا يدفع إلى الابتكار في تصميم الهياكل واستخدام المواد، مما يعزز من التطور التقني والفني في صناعة البناء. وتصميم المباني الرأسية يتطلب تفكيرًا إبداعيًا وحلولًا هندسية متقدمة، مما يفتح الباب أمام الفرص للمهندسين والمعماريين لتجسيد أفكارهم بشكل ملموس وترك بصماتهم الهندسية الحديثة والتي من الممكن تدخل في حداثة التصاميم العالمية وتكرارها في دول عدة أسوةً بالمهندسين المعماريين العراقيين الذي نفخر بمنجزاتهم وعلى رأسهم المهندسة المعمارية الراحلة زُها حديد.
ختامًا حيث يمكنني القول بأن البناء العمودي الحديث يعد استجابة ملائمة لتحديات النمو الحضري، حيث يجمع بين الفوائد البيئية والاقتصادية والاجتماعية وإن تعزيز استخدامه وتبنيه كخيار معماري يعزز من جودة الحياة في المدن الحديثة في نهاية المطاف، كذلك يمثل البناء العمودي الحديث استجابة مبتكرة وفعالة للتحديات الحضرية المعاصرة والذي يجمع بين الفوائد البيئية والاقتصادية والاجتماعية، مما يجعله خيارًا مثيرًا للاهتمام لتلبية احتياجات المجتمعات المتزايدة في المدن الكبرى حول العالم وخصوصًا في بلد العراق المنفتح نحو خيارات الحداثة الجديدة والتطور الاقتصادي.