برهان المفتي
……….
إحنا ناس مرتبطين بالطسّات، واشهر دعاية بتاريخ تلفزيون العراق بيها طسّة ” هوپ هوپ طفي گدامك طسّة.. أنطوني درب بابا وكت الشقة هسّة”، وتعايشنا وي الطسّة مو موقف ظرفي وغير قابل للتفاوض، نكبر على رؤية طسّات داير مدايرنا، وأولى خطواتنا بالحياة من نمشي نتعثر بطسّة ونوگع بيها.
الطسّات تكبر ويانا، بس إحنا نرحل وتبقى الطسّة تكبر وتكبر، الطسّة بمدينتنا كائن عجيب، تنولد بس أبد ما تموت، ما عدها حدود ثابتة، تمتد بدون السيطرة عليها، تمتد الصيف والشتا، لها قدرة إختباء خبيثة تتصيد الضحايا بالليل وبالمطرة، كل واحد من عدنا عنده سوالف عن شلون وگع بيها، أثر الوگعة على جسمه خاصة رجله وگصته من ينچبح، وسوالف عن خسارته لبنطلون العيد من يطلع الولد فرحان مثل ديچ المزرعة، وهناك بينما هو في خيال العيد والمعيدين تدخل رجله في طسّة تعيده إلى واقع دون أحلام عيد ولا أفراحه الوهمية. وأكو همين عدهم قصة حب بسبب طسّة لأن من وگعت فلانة بيها كان هو قريب من موقع الحدث وركض وساعد بنت الجيران إللي بعدين صارت أم جهاله إللي كاتب أسمها بالموبايل (ساعتي السودة) او (جاك الموت).
كل مشاريعنا تنتج عنها طسّات حتى لو كان مشروع ردم طسّة، فأكيد راح يترك وراه طسّات، لأن هي مثل الزيبق ما تنلزم وكل وحدة تصير عشرة من نحاول ردمها، لا تحاولوا وياه، خلوها تعيش وياكم، سوولها مهرجانات وأغاني شعبية.
وهي مو بس كائنات تعيش وتتكاثر داخل المدن، إللي يسافر هواية بين المحافظات اكيد عنده طسّة تنتظره بكل روحة وجية وهو يعرف مكانها بدقة ساعة رولكس، يقيس مسافته وشگد باقي له يوصل، ويحدد سرعته بحسب أقترابه منها حتى يسلم عليها بكل احترام حتى لا تكون متوحشة وتؤذيه واحتمال تبتلع سيارته وبعدين ترميها وي اللي بيها على طرف الشارع.
وأكو ناس من كثر اعجابهم بالطسّات ومعايشتهم لها صاروا يقلدوها، يبدون زغار ويكبرون دون سيطرة عليهم، لا حدود لهم بأي شي، يتصيدون الضحايا، ويفسدون كل فرحة، ويشوهون كل مدينة ويوگفون بطريق كل خطوة، وهمين عدهم قابلية زيبقية تلزم منهم واحد تندم لأن راح تشوف صاروا عشرة لو عشرين، يبلعون كلشي وما يگولون لا أو عوووع وجملتهم المفضلة ” هل من مزيد”؟، المهم شي يدخل ببطنهم وجيوبهم ويكبرون لدرجة الناس تخاف منهم ومن قدرة أبتلاعهم المباغت الچفتاوي.
هسة إحنا بين طسّات بالشارع وطسّات لابسين ملابس وينتقلون بينتانا، نشوفهم بشر بس هم أبناء طسّات.. نمشي ونخاف من الغفلة.. نمشي ونغني وي نفسنا حتى ندفع عن قلوبنا الخوف ” جاوبني مو تدري الطسّة بوگاتها غفلاوي”.